أهمية ونتائج قمة واشنطن الأمريكية الإفريقية

القمة
القمة

احتضنت العاصمة الأمريكية واشنطن، قمة إفريقية – أمريكية 14- 16 من ديسمبر الجاري، في محاولة للحاق بسباق القوى المحتدم لتعزيز النفوذ بالقارة السمراء، حيث كان آخر انعقاد للقمة الأمريكية الأفريقية عام 2014، ومنذ ذلك الوقت لم تعقد تلك القمة رغم مرور العالم بكثير من التحديات والاضطرابات المعقدة في القارة السمراء خلال تلك السنوات.

هدف القمة الأساسي

 واضح أن هدف القمة هو تنشيط العلاقات الأمريكية فى القارة السمراء من أجل حماية استمرار الهيمنة الأمريكية وسيادتها، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا وتعاطى الولايات المتحدة مع تلك الحرب الذى جعلها طرفًا أصيلًا في هذه الحرب، ولم تبالى بخطورة التداعيات على العالم النامى والضعيف اقتصاديًا وسياسيًا.

وللحفاظ على هذه الهيمنة، كان لا بد من تحرك أمريكى سريع للرد على التحركات الصينية والروسية بالقارة السمراء، لذلك فإن هذه القمة هي أول تطبيق عملي للاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي، والتي أطلقتها الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي، وهو الاهتمام بدوائر معينة في الإقليم الأفريقي، خاصة أن أصبح هناك نفوذًا متزايدًا للروس والصينيين، خلاف أن القارة السمراء تذخر بموارد طبيعية وبشرية هائلة، ودورها الحيوى في التحكم في مصير التجارة العالمية في البحار والمحيطات، وامتلاك القارة لمؤهلات تجعلها قادرة على مواجهة الأزمات ويمكنها من تعزيز سيادتها وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة.

 اختلاف هذه القمة عن سابقاتها

هذه القمة تختلف كثيرًا عن القمم السابقة سواء ما يتعلق بطبيعة التحديات والأزمات الاقتصادية والسياسية، بعد قمة التحركات الصينية والروسية في القارة، وخاصة قمة الصين في السعودية، وإنشاء قاعدة عسكرية صينية في جيبوتى هي الأولى لها خارج حدودها وتصاعد الاستثمار الاقتصادى الصينى في القارة لأرقام أصبحت مزعجة للأمريكان، وهنا تأتى أهمية تلك القمة حول حرص الولايات المتحدة على تغيير الرؤية تجاه القارة، والعمل على توطيد أوجه التعاون في كل المجالات لمواجهة النفوذ الصيني والروسي.

 من الجانب الافريقي حاول قاداتها استثمار هذه القمة لصالحها والاستفادة من هذا الاهتمام العالمي لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية تكون طوق نجاة لها فى خضم أزماتها وتحدياتها الكبيرة.

ناقشت القمة ضخ استثمارات أمريكية جديدة في القارة السمراء، وبحث الأمن الغذائي الذي تراجع جراء الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى أزمة المناخ وقضايا الديمقراطية والحوكمة.

نتائج القمة

-           تعهد الولايات المتحدة بتقديم 55 مليار دولار من الاستثمارات على مدى السنوات الثلاث المقبلة ووضع أكثر من 15 مليار دولار في الشركات الاستثمارية.

-            التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم باستثمارات تصل إلى حوالى ثلاثة ونصف مليار دولار.

-            تأكيد بايدن على أن يكون لإفريقيا مقعد فى مجموعة العشرين ابتداءً من الاجتماع المقبل للمجموعة المقرر عقده فى العام القادم 2023، ودعم أن يكون لإفريقيا مقعدًا فى مجلس الأمن.

-            تعهدات بدعم مادى كبير فى مجالات قضايا المناخ والطاقة والأمن الغذائى والصحة والتعليم والتجارة والتنمية.

تعبر هذه النتائج عن رغبة من الولايات المتحدة في إظهار قدراتها أمام الصين، الذى يعد الدائن الأول لإفريقيا والشريك التجارى الأكبر للقارة السمراء، وكسب القارة في صراعها مع النفوذ الروسى خاصة في الحرب الأوكرانية، لذا فإن هذا الاختلاف بمثابة نجاج للقمة ويساهم في تحقيق القرارات التوصيات وتحويل الوعود المليارية إلى تطبيق فعلى.

لكن هذه الوعود ستحتاج إلى مرحلة اختبار وبرهنة من قبل الولايات المتحدة بأن تأتى هذه الوعود والتوصيات في إطار الاستراتيجية الوطنية، وليست في إطار استراتيجية الإدارة، حتى لا يتم إلغائها أو العدول عنها من قبل الإدارة الجديدة، أما الإشكالية الثانية، أن دول الاتحاد الأفريقى لا تشكل كتلة واحدة متجانسة إضافة إلى الصراعات السياسية الذي تشهده عدة دول بها، الأمر الذى يحتاج إلى تهيئة للأجواء في القارة من الناحيتين الأمنية والسياسية، وهو بمثابة تحدى آخر يقابل تطبيق هذه التعهدات في المستقبل.