ارتباك شديد في الأردن.. خسائر اقتصادية فادحة بسبب إضراب سائقي الشاحنات

متن نيوز

بعد أسبوعين من إضراب سائقي الشاحنات في الأردن، تزايدت خسائر معظم القطاعات الاقتصادية الحيوية، وسط تكدس الحاويات بموانئ العقبة.

ويواصل بعض سائقي الشاحنات والنقل العام في محافظة معان إضرابهم عن العمل لليوم الخامس عشر على التوالي، للمطالبة بتخفيض أسعار المحروقات والضريبة المفروضة عليها.

في ميناء الحاويات بمدينة العقبة، جنوب الأردن، تتكدس نحو 13 ألف حاوية محملة بالبضائع والسلع المختلفة، ما يهدد بتعطل سلاسل التزويد وارتفاع الكلف وشح المعروض في السوق المحلية، وسط حديث رسمي عن مخزون من المواد الغذائية المتنوعة يكفي لـ9 أشهر.

ويأتي سوء الأوضاع، وسط رفض السائقين والعاملين بالنقل العام للحلول الرسمية المقترحة لحل الأزمة بالتوافق مع النقابات العمالية المعنية بقطاعات النقل.

ويتمثل المطلب الرئيسي للمضربين في تخفيض أسعار المشتقات النفطية، خاصة مادة الديزل "السولار"، والتي تعتمد الشاحنات وحافلات النقل العام عليها، وأيضا بنزين أوكتان 90، الذي تعتمد عليه سيارات النقل العام الداخلي.


خسائر الإضراب

تسبب إضراب سائقي الشاحنات والنقل في خسائر ضخمة للعديد من القطاعات في الأردن، على رأسها القطاع الصناعي.

وقال رئيس غرفة صناعة الأردن، فتحي الجغبير، إن استمرار توقف حركة النقل بالشاحنات سيؤثر سلبًا في الصادرات الصناعية الأردنية التي حققت نموًا كبيرًا منذ بداية العام الحالي.

وأوضح أن المسحً الذي أجرته الغرفة أظهر وجود 160 شركة صناعية لديها 1200 حاوية مدخلات إنتاج عالقة في العقبة، وما يقارب من 750 حاوية تنتظر النقل لغايات التصدير، حسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا".

وطالب الجغبير بتأمين عمليات النقل، ووضع آلية التحميل وتوزيعها بين الصادر والمستورد وفق أولويات عادلة، تضمن إعادة انسيابية نشاط سلاسل الإمداد المحلية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأمور مستقبلًا.

وأشار إلى أن حجم صادرات الأردن، التي معظمها يتم من خلال مواني العقبة، يبلغ 22 مليون دينار (31.02 مليون دولار) يوميًا، أي ما يقارب 600 مليون دينار (845.91 مليون دولار) شهريًا، أما الواردات فتبلغ قيمتها 50 مليون دينار (70.49 مليون دولار) يوميًا، أي ما يقرب من 1.3 مليار دينار (1.83 مليار دولار) شهريًا.

وكشف الجغبير أن القطاع الأكثر تضررًا هو قطاع الصناعات الغذائية، الذي يستورد مواد أولية معرضة للتلف في حال تخزينها، أو تركها لمدد طويلة دون إيصالها للمصانع واستخدامها في تلك الصناعات.

وفيما يستمر الإضراب، تتكبد أيضا القطاعات المضربة التي توقفت أعمالها خسائر كبيرة، وأيضا الجهات الرسمية، حيث انخفاض العائدات الضريبية.

كما تطال الخسائر أيضا مالكي وسائل النقل والعاملين على خطوط النقل العام، إضافة لمستخدمي قطاع النقل العام من طلبة جامعات وموظفين وعاملين.


خسائر القطاعات الاقتصادية

دخلت القطاعات الاقتصادية خاصة التجارية والصناعية، منها دائرة الخطر، بتكدس الحاويات في موانئ مدينة، وتعطلت سلاسل التزويد ووصول المواد الخام والأولية والأساسية للقطاعات المختلفة.

وقال نقيب أصحاب شركات التخليص ضيف الله أبو عاقولة إن استمرار إضراب الشاحنات أدى لتكدس أكثر من 13 ألف حاوية محملة بالبضائع المختلفة، وارتفعت السعة التخزينية للميناء لـ80%، مما تسبب بخسائر اقتصادية للمستوردين، وتضرر قطاعات خدمية.

وأضاف أبوعاقولة، في تصريحات صحفية، أن من ضمن الحاويات المتكدسة بالميناء حاويات التبريد، ويصل عددها لـ536 حاوية مربوطة على التيار الكهربائي، تكلفة تبريدها وتخزينها بالميناء 75 ألف دينار يوميا (107 آلاف دولار)، مما يرفع من كلف التشغيل والنقل وتعرض مستورديها لخسائر إضافية.

وتنتظر الموانئ الأردنية قدوم نحو 20 باخرة محملة بـ13 ألف حاوية خلال الشهر الجاري، في حين تتسع ساحات الموانئ لنحو 25 ألف حاوية، مما يؤشر لخطر عدم وجود ساحات لتفريغ الحاويات الجديدة.


القطاع الصناعي

كشفت غرف الصناعة الأردنية عن خسائر بالجملة طالت القطاعات الصناعية باستمرار الإضراب، خاصة أن توقف التخليص وشحن الحاويات المستوردة من المواد الأولية والخام يؤدي لتأخر العمليات التصنيعية، وبالتالي تأخر وصول المنتجات الأردنية للأسواق الخارجية، مما يفقدها العديد من عقودها الخارجية.

كما لحقت الأضرار سلاسل التوريد والإمداد، فإتلاف العديد من البضائع التي لا تتحمل طبيعتها العوامل الجوية، أو لها مدد صلاحية قصيرة على غرار المواد الغذائية والدوائية.

كما أن تحميل المصانع كلفا وخسائر إضافية، وتحميلها غرامات تأخير عن مواعيد تسليم الصادرات المحدد، يترك انعكاسه على أسعار السلع وتوافرها في الأيام المقبلة.

وأيضا زيادة التكلفة والخسائر على القطاع الصناعي جراء رسوم الأرضيات والغرامات في الميناء مع استمرار الإضرابات، إضافة لغرامات الاعتمادات البنكية والعطاءات.

ويرتبط القطاع الصناعي بشكل وثيق ومتكامل مع قطاع النقل بكافة أشكاله، البحري والجوي والبري، سواء من خلال نقل البضائع الوطنية للأسواق الخارجية، أو نقل البضائع الوطنية للسوق المحلية، ونقل المواد الخام المستوردة للمصانع المحلية، إضافة لنقل العمالة في المصانع من أماكن عملهم وإليها.


المشتقات النفطية

تشكل المشتقات النفطية، حسب خبراء نحو 40% من كلف التشغيل لوسائل النقل العام المتنوعة، وشهدت أسعار مادة الديزل "السولار" ارتفاعا بنسبة 45% خلال العام الجاري، بعد ارتفاعها 8 مرات متتالية خلال 2022، بعد تثبيت الأسعار لمدة 4 أشهر في مطلع العام، وارتفاع أسعار مادة البنزين أوكتان 90 بنسبة 12% خلال 2022.

وفيما يصر المضربون على مطلبهم بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، يوجد رفض رسمي للتخفيض أو دعم المحروقات، لأن من شأن ذلك زيادة عجز الموازنة العامة ورفع المديونية، وقدمت الحكومة الأردنية دعما للمحروقات خلال العام الجاري بمبلغ 550 مليون دينار (774 مليون دولار)، ولا تملك القيام بذلك مجددا، حسب تصريح لرئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أمام النواب.

وتقترض السلطات الأردنية سنويا نحو ملياري دينار (2.8 مليار دولار) لتغطية الإنفاق الأساسي والنفقات الجارية، خاصة أن الفارق ما بين الإيراد العام، بالوعاء الضريبي المرتفع، وما بين الإنفاق العام الأساسي الذي تشكل فاتورة الأجور قرابة 70% منه، هو ملياران تستدينهما الحكومات لتغطية هذا العجز وذلك منذ سنوات، حسب تصريحات الخصاونة.