الجنيه "ينبطح" والدولار يتخطى 28 جنيها.. ماذا يحدث في مصر؟

متن نيوز

مكاسب قوية حققها الدولار مقابل الجنيه المصري، في السوق الموزاية "السوداء"، في ظل نقص ملحوظ للعملة الخضراء.

ولاحظ متعاملون، نشاطا للسوق السوداء للدولار الأيام القليلة الماضية، خاصة مع شح الدولار وتوقف بعض البنوك عن فتح اعتمادات مستندية أو مستندات تحصيل.

وتخطى سعر الدولار في السوق السوداء اليوم وفق المتعاملين 28 جنيها، في وقت يبلغ فيه السعر الرسمي وفق بيانات البنك المركزي المصري 24.6 جنيه.

وقالت كارلا سليم من بنك ستاندرد تشارترد: "من المرجح أن يظل الجنيه المصري تحت ضغط لحين تدفق المزيد من الدولارات الأمريكية من دول مجلس التعاون الخليجي وتحقق وعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة".

واستمرت مفاوضات مصر مع صندوق النقد سبعة أشهر وقادت إلى ثاني خفض كبير في قيمة العملة خلال العام الجاري، وما زال البنك المركزي يسمح للجنيه بالانخفاض بصورة مطردة بواقع 0.01 أو 0.02 جنيه في كل يوم تداول.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية، الثلاثاء، بأن المملكة مددت أجل وديعة قيمتها خمسة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري، دون أن تذكر مدة التمديد.

وأودعت السعودية خمسة مليارات دولار لدى البنك المركزي في مارس الماضي، في الوقت الذي تعرضت فيه مصر لضغوط مالية متزايدة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أدى لارتفاع أسعار النفط والقمح وقلّص أعداد السياح القادمين من روسيا وأوكرانيا.

ووفقا لبيانات البنك المركزي ووزارة المالية فقد أودعت دول الخليج 13 مليار دولار على الأقل لدى البنك المركزي المصري منذ مطلع العام الجاري لدعم الاقتصاد المصري مما يرفع إجمالي الودائع الخليجية إلى 28 مليار دولار.

وأخطر البنك المركزي المصري في أكتوبر الماضي البنوك العاملة في السوق المصري باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد لحل أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية والتي ظهرت وقتها، تحت ضغط من شح الدولار في البنوك.

وتحاول الحكومة المصرية السيطرة على أزمة الدولار من خلال عدد من المبادرات والتوسع في عدد من القطاعات لتوفير الدولار والخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية إلى جانب أنها أنهت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل مباشر بقيمة 3 مليارات دولار بجانب تمويلات إضافية تصل إلى 6 مليارات أخرى من جهات دولية وصندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي.

وأطلقت الحكومة المصرية مبادرة إعفاء المصريين بالخارج من الجمارك والضرائب في حالة استيراد السيارات مقابل إيداع كامل المصروفات كوديعة في حساب وزارة المالية المصرية بهدف توفير الدولار، والذى يتوقع أن توفر 5 مليارات دولار حسب هاني جنينة الخبير المصرفي.

وأضاف جنينة أن الحكومة تسعى لجذب استثمارات مباشرة من خلال طرح بعض الشركات الحكومية للبيع واتفاقات مع عدد من الصناديق السيادية الخليجية والتي من شأنها المساعدة في حل أزمة الدولار الحالية، ووفقا لتصريحات حكومية سابقة، فإن مصر تستهدف جمع 40 مليار دولار خلال 4 سنوات من خلال عمليات بيع الأصول.

ووفقًا لبيانات سابقة من دويتشه بنك فإن مصر تحتاج إلى 28 مليار دولار حتى نهاية 2023، لتمويل ديونها المستحقة وفوائد الديون.

وأكد جنينة أنه وفقا لتصريحات المستوردين فان عمليات الاستيراد تعاني من البطء الشديد بسبب عدم توافر الدولار ما يخلق مشكلة في إعادة تسعير المنتج المستورد، خاصة مع وجود سوق سوداء للدولار يلجأ لها البعض لتخليص شحناتهم الاستيرادية.

وتعتمد الحكومة المصرية في توفير الدولار على عدد من القطاعات والموارد الرئيسية التي تتمثل في تحويلات المصريين في الخارج البالغة 31.9 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2021 -2022، بجانب الصادرات التي سجلت وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري 27.5 مليار دولار، ومن المتوقع وصولها إلى 36 مليار بنهاية العام الجاري، بجانب قطاع السياحة التي بلغت عوائده 10.7 مليار دولار في نهاية العام المالي الماضي فيما تستهدف الحكومة المصرية إيرادات بقيمة 30 مليار دولار سنويا.

وتمثل إيرادات قناة السويس أحد أهم موارد الدولة في توفير الدولار والتي بلغت وفقا للأرقام الحكومية 7 مليارات جنيه بنهاية العام المالي الماضي.


نقص الدولار

ما زال المستثمرون حذرين بالرغم من طفرة في المعنويات بعد اتفاق الصندوق، وذلك في ظل توقعات بأن تستهلك مدفوعات فوائد الديون أكثر من 40% من إيرادات الحكومة العام المقبل واستمرار تأثر الاقتصاد بوجود نقص في العملة الصعبة.

وقال الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفي، إن شح العملة الأجنبية دفع التجار الراغبين في الاستيراد إلى اللجوء إلى السوق السوداء والتي وصل سعر الدولار فيها إلى 28 جنيها.

وأضاف أن السوق السوداء ظهرت مع بداية التعويم التدريجي للدولار من قبل البنك المركزي المصري، قائلًا إن التعويم كان يستلزمه "غطاء نقدي" كبير للسيطرة على السوق.

وتابع أن الاحتياطي النقدي في مصر يتآكل وينتظر ضخ ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي بقيمة 9 مليارات دولار والتي قد تؤدي إلى استقرار السوق نسبيا.

وقال إن مصر تحتاج حتي نهاية يونيو المقبل من 12 إلى 14 مليار دولار على الأقل، لتمويل التزاماتها قصيرة الأجل من القروض واقساط والودائع وفوائد القروض.

ووضع حسانين بعض الحلول في وجهة نظره لتغلب مصر على أزمة الدولار الحالية قائلًا: "مصر تحتاج حاليا إلى ما يقرب من 40 إلى 50 مليار دولار بشكل عادل لتجاوز الأزمة بالكامل، ويجب أن يتم عبر عدد من المبادرات التي توفر الدولار بشكل سريع".

وتابع" قطاع السياحة المصري والذي يعد أحد أهم موارد تدفق الدولار يجب أن يكون التفكير فيه مختلف، مقترحا طرح عدد من المزارات السياحية الكبري بحق إدارة وانتفاع لمدة 10 سنوات مقابل مبلغ دولاري نقدي كبير"

وقال بيان للحكومة المصرية يوم الاثنين إن النمو الاقتصادي بلغ 4.4 بالمئة في الربع الأول من العام المالي الجاري 2022-2023.

وأضاف البيان أن معدل البطالة ارتفع بقدر طفيف ليبلغ 7.4 بالمئة خلال الربع الأول من العام المالي الجاري مقابل 7.2 بالمئة في الربع المقابل من العام السابق.