26 عامًا علاقات سرية.. قطر وإسرائيل إلى "تطبيع كامل" في كأس العالم

متن نيوز

تحت شعارات القومية العربية وخدمة القضية الفلسطينية، سمحت قطر للشعب الفلسطيني حضور أول كأس عالم يُقام في الوطن العربي، هذا ما تم إعلانه من جانب الدوحة.

 

ولكن الحقيقة هي أزمة حضور الجماهير من إسرائيل كانت محل جدل مع اقتراب انطلاق بطولة كأس العالم 2022، لرفض الدوحة تطبيع العلاقات مع تل أبيب وهو ما يجعل حركة السفر بين قطر وإسرائيل غير متاحة.

 

ولكن، أصبح السفر متاحا وبات بمقدور الجماهير من إسرائيل الذهاب إلى الدوحة وحضور مباريات كأس العالم قطر 2022.

 

حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" التوصل لاتفاق مع قطر، يسمح للمشجعين من فلسطين وإسرائيل بحضور مباريات كأس العالم 2022 الذي تستضيفه قطر وينطلق يوم 20 نوفمبر الجاري.

وأضاف بيان الفيفا، أنه بموجب الاتفاق سيجري مؤقتًا تشغيل رحلات مستأجرة مباشرة بين مطار بن جوريون في تل أبيب ومطار حمد الدولي بالدوحة من قبل شركة طيران لها حقوق هبوط قائمة في قطر طوال مدة كأس العالم، وفقًا لمتطلبات إسرائيل الأمنية والقدرات التشغيلية.

 

وأضاف أن هذه الرحلات ستكون متاحة أمام الإسرائيليين كما الفلسطينيين بشرط أن تكون بحوزتهم بالإضافة إلى تذكرة سفر صالحة ذهابًا وإيابًا، تذكرة حضور إحدى المباريات، وبطاقة هيّا التي تعد بمثابة تأشيرة لدخول قطر.

 

وبموجب بيان الفيفا، سيجري تقديم الخدمات القنصلية للمواطنين الإسرائيليين بالتنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية من خلال شركة سفريات دولية خاصة يديرها القطاع الخاص ومقرها الدوحة.

 

ونقل البيان عن رئيس الاتحاد الدولي، جياني إنفانتينو، قوله: "يسعدنا أننا توصلنا إلى اتفاق يتيح للمشجعين الإسرائيليين والفلسطينيين زيارة قطر وحضور المباريات خلال فترة كأس العالم، من خلال هذا الاتفاق، سيتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من الطيران معًا والاستمتاع بكرة القدم معًا".

وفي الإطار، قال مسؤول قطري لرويترز إن الاتفاق ينطبق على جميع الفلسطينيين بمن فيهم سكان الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

 

وبحسب المسؤول القطري، فإن اتفاق الرحلات الجوية المباشرة لا يغير موقف قطر بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل المرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، وأن أي أعمال تصعيد من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين قد تنهي هذا الاتفاق.

 

وقال متحدث باسم بطولة كأس العالم القطرية، في بيان الفيفا: "يؤكد الإعلان التزام قطر باحترام سياسات الفيفا وبمتطلبات الاستضافة بما في ذلك حق الجميع في حضور المباريات".

 

وبحسب مصادر دبلوماسية فإن 10 آلاف مشجع إسرائيلي لديهم تذاكر مباريات.

 


الخداع القطري

يحمل الإعلان الصادر خديعة قطرية جديدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث لم يوضح ما المقصود تحديدًا بـ "متطلبات إسرائيل الأمنية" ولا القيود التي من الممكن أن تفرضها على سفر الفلسطينيين عبر مطارها.

 

وتعليقا على الإعلان، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إن هذا الاتفاق يحمل أخبارا رائعة لمشجعي كرة القدم في إسرائيل، دون ذكر ما أشار إليه بيان الفيفا بشأن سفر الفلسطينيين عبر مطار بن جوريون.

 

وعبَر لبيد عن سعادته بالسماح لسفر جماهير إسرائيل إلى كأس العالم في قطر على متن رحلات مباشرة، ولافتتاح مكتب إسرائيلي بالدوحة لتقديم الخدمات للمشجعين الإسرائيليين.

 

وبالنسبة لكثيرين فإن فكرة سماح الدولة العبرية لفلسطينيين من غزة أو حتى الضفة الغربية بالسفر عبر مطار بن جوريون بمجرد حيازتهم تذاكر السفر والمباريات وبطاقة "هيّا" أمر غير واقعي.

 

كما لا تسمح الدولة العبرية للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية بالسفر عبر مطار بن جوريون، إلا في حالات استثنائية نادرة.

 

أما بالنسبة للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية بإمكانهم السفر عبر هذا المطار، وهم يستخدمون في ذلك إجمالًا وثائق سفر أردنية.

وأكدت وسائل إعلام عبرية، أنّ قطر وافقت على توقيع اتفاق مع إسرائيل، سيتم بموجبه افتتاح قنصلية إسرائيلية "مؤقتة" في الدوحة، خلال فاعليات بطولة كأس العالم 2022، التي تستضيفها الدولة الخليجية.

 

وأكدت الصحيفة العبرية أنه ليس لإسرائيل علاقات دبلوماسية مع قطر، لكن البلدين يحافظان على علاقات أمنية قوية.

 

وأشارت إلى أنه غالبا ما تهبط طائرات الموساد الإدارية هناك، وذلك في الأساس لتنسيق نقل المساعدات القطرية إلى غزة.

 

جدير بالذكر أيضا، أنه في أوائل أكتوبر الماضي، أعلنت قناة "مكان 33" الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، عن نقل مباريات كأس العالم من قطر مجانا وباللغة العربية، مشيرة إلى أنه سيتولى التعليق على المباريات المنقولة مجموعةٌ من المعلقين الرياضيين من استديوهات "مكان".

 

ومما سبق، يحمل الإعلان في صيغته خداع قطري جديد فيما يتعلق بالملف الإسرائيلي، واستمرار الدوحة في التقارب مع دولة الاحتلال، واتخاذ خطوات إضافية نحو التطبيع الكامل وتحويله من "السر إلى العلن".

 


تاريخ العلاقات بين قطر وإسرائيل

بدأ الدعم السياسي بين الجانبين بعدة مشاريع تجارية بين قطر وإسرائيل، لتصبح قطر أول دولة بمجلس التعاون الخليجي تمنح إسرائيل أول مكتب تجاري بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز عام 1996.

 

وفي عام 1997 استضافت قطر وزير التجارة الإسرائيلي في القمة الاقتصادية السنوية الرابعة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الدوحة، والتي سببت غضب عربي واسع.

وفي نوفمبر عام 2000، عقدت اجتماعات سرية بين الدولتين، واستمر التعاون غير الرسمي، وفقا لتقرير نشرته واشنطن بوست.

 

ومع ازدياد طموحات قطر الدبلوماسية التقى وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، مع سيلفان شالوم، وزير التنمية الإقليمي الإسرائيلي في باريس عام 2003، وذكر الشيخ حمد أن الدوحة يمكن أن تنظر في معاهدة سلام مع تل أبيب إذا كانت تخدم مصالح الدولة الخليجية.

وفي عام 2005، اجتمع الشيخ حمد مع وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي ليفني على هامش اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك، لبحث توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

وفي عام 2006، قدمت قطر مساعدتها خلال الحرب بين إسرائيل ولبنان، وتوسطت بين إسرائيل والحكومة اللبنانية وممثلي حماس وحزب الله، في الفترة 2006-2007، أيد الإسرائيليون تمثيل قطر غير الدائم في مجلس الأمن الدولي.

وفى أبريل 2008، زارت وزير الخارجية الإسرائيلي ليفني، قطر، في أول زيارة لها إلى منطقة الخليج بناء على دعوة حمد بن خليفة أل ثاني، وعقدت ليفني العديد من الاجتماعات، بما في ذلك لقاء مع الأمير.

 

وبذلت قطر جهودا لتعزيز علاقتها مع إسرائيل في عامي 2009 و2010، شريطة أن تسمح إسرائيل لقطر بإرسال مواد البناء والأموال إلى غزة للمساعدة في إعادة تأهيل اقتصادها وبنيتها التحتية، وذلك مقابل أن تعترف تل أبيب علنا بدور الدوحة في إرساء السلام بالشرق الأوسط، لكن رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان المبادرة القطرية.

 

ومنذ 2012 وحتى وقتنا هذا، تواصل قطر توطيد علاقتها مع دولة الكيان الصهيوني، لأسباب استراتيجية واقتصادية، والتي تهدف إلى تعزيز علاقات قطر مع إسرائيل.

وتأمل قطر في أن تؤدي العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل إلى بيع الغاز الطبيعي، كما تهتم الحكومة القطرية بتعزيز قطاع التكنولوجيا الفائقة من خلال اكتساب المعرفة والتكنولوجيا وتشجيع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية على تصدير فرص العمل ومشاريع التنمية إلى قطر بدلا من الهند أو أوروبا الشرقية.

 

ومن السرد السابق، يتضح أن قطر ماضية قدما في تعزيز علاقتها مع دولة الاحتلال، وكذلك سعي الدوحة نحو التطبيع العلني الكامل مع تل أبيب.

 

وفي النهاية، قد نقول إنهم أحرارا في علاقتهم مع الآخر، لكن دون خداع أو مكر وتحميل القضية الفلسطينية أعباءً إضافية، وأيضًا دون تغليف الأمر بشعارات عروبية إسلامية.