الحبيب علي الجفري.. المحارب الأبرز ضد الفتنة الدينية والطائفية في الشرق والغرب

الحبيب علي الجفري
الحبيب علي الجفري

تقودك بشاشة وجهه وعلمه الغزير إلى الاستماع له مجبرًا ومخيرًا، فما أن تلقاه على منصة إحدى الجامعات المصرية أو العربية أو حتى الغربية، إلا وتقودك الدهشة تجاه لباقته وخفة ظله وحسن طلعته، وعلمه الغزير في كل مناحي الحياة، فهو ليس داعية إسلامي بالمعنى المتعارف عليه، بل هو موسوعة دينية وعلمية متنقلة تستطيع أن تنهل منها ما تشاء، إنه الحبيب علي الجفري رئيس مؤسسة طابة للدراسات الإسلامية.

غير الحبيب علي الجفري في الكثير من المفاهيم التداولة عن رجل الدين المتشدد الصارم الذي يعمل على تحليل أو تحريم الكثير من القضايا طبقًا للأراء الفقهية والدينية، بل تجاوز ذلك إلى معالجة خطايا الزمان، وما شاب العلاقات الإنسانية من دعاوى الخلاف والاختلاف والتطرف والغلو في بعض القضايا، وقاد طلبة الجامعات كثيرًا إلى سلك طريق الوسيطة والاعتدال خلال إجاباته عن أسئلتهم الفقيهة والشرعية في كثير من القضايا الخلافية التي طفت على السطح خلال العشر سنوات الأخيرة.

الحبيب على الجفري يمني الأصل سعودي المولد، ولد في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، إلا أنه عاد إلى موطنه في اليمن لدراسة العلوم الشرعية في كلية الدراسات الإسلامية بصنعاء، حيث عمل على استغلال الفرصة والأخذ عن الكثير من المشايخ خلال هذه الفترة وأبرزهم رباط محمد بن عبد الله الهدار، في مدينة البيضاء في اليمن، حيث استفاد كثيرًا من منهج الحبيب محمد الهدار الذي كان يعيش تفعيل علومه في الواقع. 

وبعد ذلك اتجه الجفري إلى مدينة تريم بحضرموت في صحبة عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ من عام 1993 إلى عام 2003، وأخذ العلم على عدد من العلماء في الحجاز وحضرموت ومصر والشام، وأخذ الإجازة من أكثر من ثلاثمائة شيخ في مختلف العلوم ومشارب التربية، وحضر دروسًا لعدد من كبار العلماء وهو ما أهله لأن يكون أبرز داعية إسلامي منمق الحديث، خفيف الظل في طرحه العلمي.

يذكر عنه أنه في أحد محاضراته بإحدى الجامعات المصرية سأله شابًا عن حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، فأجاب بشكل طريف: "هل في هذه الأيام يحتفل الأخوة الأقباط بعيد لهم، فأجابه أحد الشباب بنعم، فرد الشيخ الجفري: إذن فكل عام وأخواتنا المسيحيين بكل خير". وفي معرض إجابته عن هذا التساؤل الذي شغل بال الكثيرين أكد الجفري أنه في زمن ما وفي فترة بداية انتشار الإسلام اعتاد العرف على أن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم كان يعد ذلك إيمانًا بمعتقدهم وتسليمًا بصحة ذلك المعتقد، إما وأن تغير الحال وأصبح العرف غير ذلك وأن تهنئتهم من قبيل جبر الخاطر والإحساس بالأخوة في المجتمعات الإنسانية فهو أمر لا خلاف فيه ويجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.

كما شدد الجفري في أكثر من مناسبة على تحريم ما تقوم به الجماعات الإرهابية والتكفيرية من عمليات تستهدف أمن المجتمعات الإنسانية، معتبرًا أن الأزمة تكمن في عدم فهم هؤلاء لحقيقة الدين الإسلامي المتسامح الحنيف، الذي يقول لنبي الإسلام: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، فقال: "هل هناك رحمة في قتل إنسان وسفك دماء النساء والأطفال والإغارة على الآمنين، فهذا ليس من الإسلام في شئ".