آفاق أزمة العلاقات الصينية - الأمريكية بشأن تايون

الصين وأمريكا
الصين وأمريكا

وصل التنافس والتناحر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى مستويات مرتفعة غير مسبوقة خلال العام الجاري، إذ ظلت البلدان حبيستي سياسات اقتصادية وعسكرية وتجارية اتسمت بالعدائية والشك.

حذرت الخارجية الصينية، اليوم، من عواقب زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايبيه "عاصمة تايوان"، في حال قررت إضافة تايوان إلى وجهاتها ضمن الجولة الآسيوية التي تقوم بها. وقالت الخارجية الصينية: "في حالة قيام رئيسة مجلس النواب الأميركي بزيارة تايوان فإن الجيش الصيني لن يبقى مكتوف الأيدي".

ووصلت نانسي بيلوسي، إلى سنغافورة في ساعة مبكرة من صباح يوم الاثنين في مستهل جولتها الآسيوية.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد حذر من التدخل في تعاملات بكين مع تايوان خلال مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي مع نظيره الأميركي جو بايدن.

حاولت إدارة بايدن طمأنة بكين بأنه لا يوجد سبب "للهجوم"، وأنه في حالة حدوث مثل هذه الزيارة فإنها لن تشير إلى أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة.

انقسمت تايوان والصين عام 1949 بعد أن انتصر الشيوعيون في حرب أهلية في البر الرئيسي.

ويقول الجانبان إنهما دولة واحدة لكنهما بنظامين ويختلفان حول الحكومة التي يحق لها إدارة المنطقة.

وحولت الولايات المتحدة اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين عام 1979، لكنها تحتفظ بعلاقات غير رسمية مع الجزيرة، كما أن واشنطن ملزمة بموجب القانون الفيدرالي بأن ترى لدى تايوان وسائل للدفاع عن نفسها.

وتقول سياسة "صين واحدة" لواشنطن إنها لا تتخذ أي موقف بشأن وضع الجانبين، ولكنها تريد حل نزاعهما سلميًا، بينما تروّج بكين لـ "مبدأ صين واحدة" الذي يقول إنها دولة واحدة والحزب الشيوعي هو زعيمها.

وكانت الأزمة بين الصين والولايات المتحدة قد تصاعدت خلال فعاليات قمة أمن آسيا المنعقدة في سنغافورة في يونيو 2022م بسبب تصريحات حادة من الجانبين الصيني والأميركي بشأن الأزمة التايوانية.

جذور الأزمة

تعود جذور الأزمة لعقود ماضية، وبالتحديد في أعقاب الحرب العالمية الثانية ونهايات الحرب الأهلية الصينية، إذ انتقلت حكومة جمهورية الصين إلى تايوان، إبان مواجهاتها مع الحزب الشيوعي الصيني عام 1949. 

وفي حين انتهى وجود "حكومة جمهورية الصين" فعليًا في الأمم المتحدة بعد الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثل شرعي وحيد للصين عام 1971، تحظى تايوان باعتراف عدد محدود من الدول حول العالم إضافة إلى العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. 

الأصل التاريخي

في القرن الـ17وضع المستعمر الأوروبي أقدامه للمرة الأولى على سواحل الجزيرة، التي شهدت بناء قواعد هولندية وإسبانية، قبل أن يبسط موالون لسلالة مينج الحاكمة في الصين سلطانهم على تايوان، أما سلالة تشينج فسيطرت على السواحل الغربية والشمالية للجزيرة بحلول عام 1683، غير أن تايوان لم تُصبح مقاطعة رسمية بالإمبراطورية إلا في عام 1885.

في المقابل، تُعرّف الصين تايوان كأحد أكبر جزرها التي تشكل وحدة متكاملة مع بر الصين الرئيسي، وذُكرت في نصوص العصور القديمة بأسماء مختلفة.

معاهدة شيمونوسيكي

تغيرت ملامح المشهد بالكامل بفعل عوامل خارجية في عام 1895، عندما هُزمت حكومة تشينج الصينية أمام اليابان ووقعت معاهدة شيمونوسيكي، التي تنازلت بموجبها عن سيادة الجزيرة للعدو الياباني، الذي لم يرفع يده عن الجزيرة سوى في منتصف القرن التالي، وبالتحديد بانتهاء الحرب العالمية الثانية بهزيمة دول المحور وانتصار الحلفاء ومن ضمنهم الصين.

في البر الرئيسي للصين، لم تظل الأمور على عهدها كذلك، إذ انهارت الإمبراطورية في عام 1912 وأُقيمت جمهورية الصين التي تسلم ممثلوها تايوان بشكل رسمي. 

لاحقًا دفعت الحرب الأهلية الصينية حكومة جمهورية الصين إلى الانتقال للجزيرة بشكل نهائي، في ضوء الهزيمة أمام الحزب الصيني الشيوعي وتدشين جمهورية الصين الشعبية في عام 1949.

عصر جديد 

منذ بداية السبعينيات تبدل المشهد لصالح جمهورية الصين الشعبية، بداية من خروج جمهورية الصين من الأمم المتحدة، رجوعًا للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثل شرعي وحيد للصين، ووصولًا لتدشين العلاقات الدبلوماسية الأميركية الصينية في عام 1979.

في ذلك الحين تحولت حكومة جمهورية الصين في تايوان إلى حكومة منشقة، والصين الشعبية متمسكة بوحدة الصين إلى اليوم، وضرورة عودة تايوان للوحدة، بينما تنقسم تايوان داخليًا فيما يتعلق بالموقف الجماهيري من الاستقلال، إذ يؤيد البعض مبدأ الوحدة غير أنهم لا يرغبون في التضحية بالنظام الاقتصادي والسياسي القائم. 

في عام 1979 الذي شهد إطلاق علاقات واشنطن وبكين، مرر الكونجرس الأميركي قانون العلاقات التايوانية، الذي أقر بأن إقامة الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع الصين يستند إلى توقعها أن مستقبل تايوان سيتحدد بالوسائل السلمية.

تحوّل صيني

تأتي الحرب الكلامية الأخيرة فيما يخص وضع تايوان في ضوء مشهد عالمي ملتهب، خصوصًا بعد الحرب في أوكرانيا، الذي قد يكون أحد العوامل المؤثرة في تصاعد الأزمة، خصوصًا أن الغزو أدى إلى زيادة الدعاية القومية في بر الصين الرئيسي، ومن ثم زيادة الضغوط الداخلية الدافعة في اتجاه ضم تايوان. 

أما العامل الآخر فيرتبط بسياسات الرئيس الصيني شي جين بينج. طوال فترة الإصلاح الاقتصادي في الصين الشعبية، تركزت الجهود على سعي الصين كدولة نامية للتطور، ولكن بتولي بينج للسلطة حدث انعطاف في سياسات بكين مع بدء التركيز على الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية.

وتزامنًا مع تبدل أولويات بكين، تعقد المشهد على الحدود وباتت الصين تشعر بأنها قوية بما يكفي لاسترداد تايوان على النحو الذي تراه ملائمًا، ويأتي ذلك أيضًا في ضوء إنهاء الصين للوضع الخاص لهونج كونج على مدار العامين الماضيين.

المراجع: 

1-       سكاي نيوز عربية

2-       تلفزيون الشرق، تقرير ألاء عثمان

3-       ويكيديا ’ الموسوعة الحرة

4-      DW الألمانية