الدكتور علي مهدي في حواره لـ "متن نيوز": التيار الصدري فرض سيطرته على الشارع العراقي دون أي منازع حقيقي

الدكتور علي مهدي
الدكتور علي مهدي

 

  • الوجود الإيراني في العراق أصبح حضور عضوي ومتغلغل في الكثير من قطاعات الدولة
  • إيران لا تعارض بقاء السيد الكاظمي رئيسا للوزراء الذي أصبح  الوسيط لإسترجاع علاقاتها المتدهور مع دول الخليج ومصر والأردن 
  • منصب رئيس الوزراء في العراق محصور بممثلي الكتل السياسية من الطائفة الشيعية
  • تقلص نفوذ الفصائل المسلحة في بغداد بعد مجئ الكاظمي لرئاسة الوزراء 

 

أكد الدكتور علي مهدي، نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية، إن التيار الصدري فرض سيطرته على الشارع دون أي منازع حقيقي، بعد أن نجح في اقتحام مقر مجلس النواب والمنطقة الخضرات دون أية مقاومة تذكر، مشيرًا إلى أنه بعد خروج الصدريين من مجلس النواب فلا يمكن أن يقبلوا أن يقوم مجلس النواب بدوره الرقابي والتشريعي دون فعل لهم به.

واستبعد مهدي في حوار له مع "متن نيوز" مسألة عودة حركات الاغتيالات ضد النشطاء والسياسيين العراقيين خلال تلك الانتفاضة، مبررًا ذلك بأن التيار الصدر من أكبر القوى السياسية في البلد وقد تغلغل قسم كبير منها في مؤسسات الدولة ومنها الأمنية، وأن عودة الاغتيالات بالصورة التي شهدناها عند إنتفاضة تشرين 2019 لا يمكن أن تتكرر لإن القصاص سيكون قاسي على الجهات التي تفكر بذلك.

 

وإلى نص الحوار... 

 

هل بات الصراع السياسي ألان بين التيار الصدري والإطار التنسيقي بسبب منصب رئيس الوزراء فقط أم أن هناك أمر ما في خلفية الأحداث؟

 * في النظم البرلمانية  ومنها العراق تكون السلطة الحقيقية بيد رئيس الوزراء، أما رئيس الجمهورية دوره برتوكولي وللتشريفات، رئيس مجلس الوزراء  وهو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة حسب الدستور العراقي ولهذا للحصول على هذا المنصب  يكتنفه الكثير من الإشكاليات ويمر عبر عدد من الصراعات والمساومات ويؤخذ بنظر الاعتبار طبيعة القوة العددية للكتلة التي ترشحه وكذلك التوافق الدولي والإقليمي حوله إضافة إلى مدى قبول ممثلي المكونات الأخرى، مع العلم أن هذا المنصب محصور بممثلي الكتل السياسية من الطائفة الشيعية حسب العرف الذي ساد منذ 2003. فالذي بحوزته هذا المنصب يمتلك صلاحيات عديدة ويضمن سيطرة كتلته على بعض مؤسسات الدولة وريعها النفطي بما يؤيد حضور كتلته القوي في الانتخابات التي تأتي بعدها.

هل تتوقع زيادة نفوذ إيران في العراق خلال الفترة المقبلة في أعقاب التظاهرات والأحداث التي يشهدها العراق ألان؟

الوجود الإيراني في العراق أصبح حضور عضوي ومتغلغل في الكثير من قطاعات الدولة والمجتمع العراقي، وللإيرانيين علاقات واسعة مع أغلب القوى السياسية التي لها حضور في مجلس النواب، ولديهم القدرة على التكيف مع أي كتلة تأخذ المسؤولية الأولى في الدولة، لكن في الوقت الحاضر لإيران علاقات خاصة مع قوى الإطار التنسيقي وبنفس الوقت لديها علاقات متواصلة مع بقية القوى الأخرى، ومن الممكن القول أن بعض قوى الإطار أصبحت تشكل عبئا على سياسة ايران في العراق، بعد الإنتخابات الأخيرة وحالة الإنسداد التي شكلتها العقبات في تشكيل الحكومة،  ولهذا إيران لا تعارض بقاء السيد الكاظمي رئيسا للوزراء الذي أصبح  الوسيط لإسترجاع علاقاتها المتدهور مع دول الخليج ومصر والأردن  وهي ما تحتاجه في الوقت الحاضر، وبالتأكيد وجود ممثل الإطار التنسيقي على رئاسة مجلس الوزراء يشكل ضمان أكبر لمصالحها في العراق إذا توجد هناك إعتراضات جدية حوله، ولا سيما وصل ميزان التبادل التجاري إلى أكثر من عشر مليارات دولار سنويا. وما يهم الإيرانيين أن يكون هذا المنصب بيد الشيعة مع التحبيذ أن يكون من قوى الإسلام السياسي.

 لماذا انسحب التيار الصدري أصلا من المشهد السياسي في ظل كونه الكتلة الأكبر والأجدر بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟

 استطاع التيار الصدري أن يحقق فوز كبير في الانتخابات في المناطق الشيعية ويضاعف عدد مقاعده، مما عزز من طموحه في أن يتولى أحد أتباعه منصب رئيس مجلس الوزراء وإبعاد دولة القانون التي يترأسها نوري المالكي عن تشكيلة الوزارة وهو ما يسمى بالأغلبية الوطنية، ومن أجل ذلك أقام علاقات تحالفيه مع الحزب الديمقراطي الكردستاني صاحب أعلى المقاعد النيابية من مجموع الأحزاب الكردية وكذلك تحالف مع زعيم تحالف تقدم السيد  محمد الحلبوسي الذي أصبح القطب الأول داخل القوى السنية،  والاتفاق أيضا على توزيع المناصب السيادية لهذا التحالف الجديد وكان الاتفاق أن يكون الحلبوسي رئيسًا لمجلس النواب وممثل الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية، أما الإطار التنسيقي فقد عمل بكل إمكانياته المتاحة على عرقلة تنفيذ هذا الإتفاق من خلال التحشيد أمام المنطقة الخضراء والشكوى على الإنتخابات ونتيجتها وكذلك عرقلة إنتخابات رئيس مجلس النواب ومن ثم إلغاء ترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية واستصدار قرار تفسيري من المحكمة الاتحادية ب نصاب جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية بأن تكون بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب  مما خلق بما يسمى بالثلث المعطل والذي نتج عنه عدم قدرة مجلس النواب بانتخاب رئيس الجمهورية لغياب اكثر من ثلثه  مما خلق عملية إنسداد لمجرى المسار الدستوري للبلاد. وإن إنسحاب الصدريين من المجلس جاء بشعور من الإحباط واليأس من القدرة على تشكيل حكومة وفق ما يريد، بالرغم من فوزهم بالانتخابات وكذلك من أجل إفشال مخطط الإطار التنسيقي وإحراجهم عند تقديمهم لمرشحهم لمنصب رئيس مجلس الوزراء عبر أستخدام الشارع حيث لديهم قدرات تحشيدية وتعبوية مذهلة.

هل تتوقع عودة أحداث الإغتيالات التي تطال النشطاء السياسيين كما حدث من قبل خلال التظاهرات التي شهدتها العراق في السنوات الماضية؟

 من الصعب الإجابة الدقيقة على هذا السؤال بسبب عدد من المتغيرات ما بين أحداث انتفاضة 2019 والإحداث الحالية حيث في الأولى كانت بين منتفضي تشرين وأقطاب السلطة المتنفذة والتي على رأسها عادل عبد المهدي رئيس الوزراء الذي أجبرته الانتفاضة على تقديم الاستقالة ومن جهة أخرى والتي ساهمت فيها الفصائل المسلحة الدور الكبير في عملية الاغتيالات والتي ما يسمى بالطرف الثالث حيث سقط أكثر من 600 شهيد و25000 ألف جريح وقد ترك الجناة دون أية مسائلة أو محاسبة ولا حتى محاكمات علنية، أما في الوقت الحاضر وبعد مجيء مصطفى الكاظمي فقد أجريت تغييرات على مستوى المنظومة الأمنية، فقد تقلص  نفوذ الفصائل المسلحة في بغداد، وإن الجهة المنتفضة الآن هي من أتباع الكتلة الصدرية التي هي أكبر القوى السياسية في البلد وقد تغلغل قسم كبير منها في مؤسسات الدولة ومنها الأمنية فان إمكانية عودة الاغتيالات بالصورة التي شهدناها عند إنتفاضة تشرين 2019 لا أعتقد تتكرر لإن القصاص سيكون قاسي على الجهات التي تفكر بذلك.

إلى أي مسار تسير الأمور في العراق حاليًا من وجهة نظرك؟

أعتقد سيكون المسار بإتجاه الإنتخابات المبكرة، فبعد أن خرج الصدريين من مجلس النواب فلا يقبلوا أن يقوم مجلس النواب بدوره الرقابي والتشريعي دون فعل لهم به، وقد  فرضوا ألان سيطرتهم على الشارع دون أي منازع حقيقي بعد أن دخلوا المنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب مرتين خلال 72 ساعة دون مقاومة تذكر، والاتجاه يسير نحو بقاء حكومة الكاظمي أو الإتيان بحكومة يرضى بها الصدريين بالأساس مهمتها التهيئة للإنتخابات المبكرة، ليعزز بها الصدريون من سيطرتهم على الحياة السياسية القادمة، بعد اثبتوا للجميع على قدرات يعجز الآخرين في تحقيق مثلها من ناحية  التحشيد والتنظيم  والإنضباط والوصول للأهداف المبتغى نيلها، من خلال قوى بشرية مليونية متمركزة في الضواحي الفقيرة من العاصمة بغداد.