لا يصاب الكثير من المدخنين بسرطان الرئة.. باحثون يكشفون السر!

متن نيوز

الرابط بين التدخين وسرطان الرئة قويا للغاية، حتى إن معظم علب السجائر تحذر المستخدمين على الملصق مباشرة، ولكن رغم ذلك، لا يصاب الكثير من المدخنين بسرطان الرئة.

 

وبهذا الصدد، قدم باحثون من كلية ألبرت أينشتاين للطب الأمريكية، تفسيرًا جديدًا محتملًا لهذه الظاهرة.

 

ووفقًا لبحث حديث أجراه الفريق البحثي في الكلية الأمريكية، فإن هؤلاء المدخنين لديهم نظام قادر على إصلاح الضرر الجيني الذي يسببه التدخين ويحميهم من خطر الإصابة بسرطان الرئة، حسب موقع "studyfinds" الأمريكي.

 

وبمعنى آخر، أفاد العلماء أن بعض الأشخاص قد يكون لديهم دفاعات قوية توفر حماية إضافية ضد سرطان الرئة عن طريق الحد من الطفرات.

 

وهذه النظرية تعد من النظريات المثيرة للاهتمام على مستويين، أولهما، تقدم تفسيرًا لسبب عدم إصابة بعض المدخنين بسرطان الرئة. والمستوى الثاني، يساعد هذا البحث الذي نشر في دورية Nature Genetics العلمية، على تحديد الأفراد المعرضين لخطر متزايد للإصابة بسرطان الرئة ويحتاجون إلى مراقبة عن كثب.

 

ووفقًا للبحث، فإن 10-20٪ فقط من المدخنين يصابون بورم في الرئة، لأن هؤلاء الأشخاص لديهم نظام قادرا على إصلاح الضرر الجيني الناجم عن التدخين أو "إزالة السموم" منه.

 

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، سيمون سبيفاك، دكتوراه في الطب، وأستاذ الطب، وعلم الأوبئة وصحة السكان، وعلم الوراثة في أينشتاين، وأخصائي أمراض الرئة، في إصدار جامعي: "قد يكون هذا خطوة مهمة نحو الوقاية والكشف المبكر عن مخاطر الإصابة بسرطان الرئة وبعيدًا عن الجهود الهائلة الحالية اللازمة لمكافحة المرض في المرحلة المتأخرة".

 

لطالما اعتقد الأطباء والعلماء على حد سواء أن التدخين يسبب سرطان الرئة عن طريق إثارة طفرات مختلفة في الحمض النووي داخل خلايا الرئة الطبيعية. لكن هذا لا يمكن إثباته مطلقًا حتى دراستنا، نظرًا لعدم وجود طريقة لتحديد الطفرات بدقة في الخلايا الطبيعية".

 

ووفقًا لمؤلف الدراسة الأول يان فيج، دكتوراه، أستاذ ورئيس علم الوراثة، أستاذ طب العيون والبصرية العلوم في أينشتاين، ثبت أن طرق تسلسل الجينوم الكامل للخلية الواحدة تحفز أخطاء التسلسل التي يصعب تمييزها بشكل خاص عن الطفرات الحقيقية، وهذا يجعل تحليل الخلايا التي تحتوي على طفرات نادرة وعشوائية أكثر صعوبة".

 

ولكن \الدكتور فيج حل مشكلة البحث إلى حد كبير قبل بضعة أعوام من خلال تطوير طريقة جديدة ومحسنة لتسلسل الجينوم الكامل للخلايا الفردية.

 

ووفقًا للمجلة العلمية Nature Methods في عام 2017، فإن هذه الطريقة الجديدة تفسر بنجاح أخطاء التسلسل وتقليلها لاحقًا.

 

واستخدم مؤلفو هذه الدراسة طريقة الدكتور فيج المحسنة (SCMDA) لتحليل ومقارنة المشهد الطفري للخلايا الظهارية الرئوية الطبيعية (الخلايا التي تبطن الرئة) من مجموعتين متميزتين: 14 شخصًا لم يدخنوا مطلقًا (تتراوح أعمارهم بين 11 و86 عامًا) و19 مدخنون (الذين تتراوح أعمارهم بين 44 و81) ممن دخنوا علبة سجائر يوميًا لمدة عام.

 

وجمع الفريق خلايا من مرضى يخضعون لتنظير القصبات لاختبارات تشخيصية غير سرطانية.

 

وقال الدكتور سبيفاك: "تعيش خلايا الرئة هذه لسنوات، أو حتى عقود، وبالتالي يمكنها أن تتراكم الطفرات مع تقدم العمر والتدخين، ومن بين جميع أنواع خلايا الرئة، هذه هي من بين أكثر أنواع الخلايا عرضة للإصابة بالسرطان".

 

وفي الدراسة، وجد الباحثون طفرات في خلايا الرئة لدى المدخنين أكثر بكثير من التي لدى غير المدخنين، لكنهم وجدوا أيضًا أن المدخنين الشرهين لم يكن لديهم أكبر عدد من الطفرات.

 

كما كشف التحليل عن طفرات (متغيرات أحادية النوكليوتيدات، بالإضافة إلى عمليات إدخال وحذف صغيرة) تراكمت في خلايا الرئة لدى غير المدخنين مع تقدمهم في السن.

 

وأضاف الدكتور سبيفاك: "هذا يؤكد تجريبيًا أن التدخين يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة عن طريق زيادة تواتر أو تتابع الطفرات، كما افترض سابقًا، وهذا على الأرجح أحد أسباب إصابة عدد قليل من غير المدخنين بسرطان الرئة، بينما يصاب 10٪ إلى 20٪ من المدخنين مدى الحياة".

 

ووجدت الدراسة أيضًا أن كمية الطفرات الخلوية التي شوهدت في خلايا الرئة تزداد "في خط مستقيم" مع عدد سنوات الحزم التي قضاها الشخص في التدخين.

 

وأوضح الدكتور سبيفاك: "لم يكن لدى المدخنين الأثقل، العبء الأكبر من الطفرات، وتشير بياناتنا إلى أن هؤلاء الأفراد ربما بقوا على قيد الحياة لفترة طويلة على الرغم من كثرة التدخين لأنهم تمكنوا من قمع المزيد من تراكم الطفرات".

 

وأشار إلى أنه يمكن أن يأتي هذا المستوى من الطفرات من امتلاك هؤلاء الأشخاص لأنظمة عالية الكفاءة لإصلاح تلف الحمض النووي أو إزالة السموم من دخان السجائر.

 

وخلص الدكتور فيج قائلًا: "نرغب الآن في تطوير فحوصات جديدة يمكنها قياس قدرة شخص ما على إصلاح الحمض النووي أو إزالة السموم، والتي يمكن أن تقدم طريقة جديدة لتقييم مخاطر الإصابة بسرطان الرئة".