لإنقاذ البلد/ تونسيون في المهجر لأبناء الوطن في الداخل: تعالوا لكلمة سواء

متن نيوز

لا يخفى على أحد من التونسيين في الداخل ولا في الخارج أن بلادهم تعيش أسوأ عقد في تاريخها الطويل الذي يمتدّ على ثلاثة آلاف سنة ولديهم اعتقاد راسخ أنها تخلّفت سنوات إلى الوراء.
وهذا أيضا ما يؤكّده  الملاحظون الدوليون والمنظمات الدولية التي حاولت أن تساعد تونس على امتداد هذه السنوات حتى استنفاذ كل المساعدات وكل خطط الانقاذ. 

ودخلت البلاد في شبه عزلة دولية وتعمّقت منذ 25 جويلية 2022 بعد تفجّر الصراع السياسي وترنّح الديمقراطية وانقسام الشعب إلى ملل ونحل كل ملّة تدّعي امتلاك الحقيقة والحلّ للإنقاذ.
لكن غاب عن التونسيين مع الأسف أن حلول السماء كما يقال متمثلة في الهبات والقروض الخارجية انتهت ولم يبق لهم سوى العمل والاعتماد على الذّات لإعادة بلادهم  إلى الأسواق وكسب ثقة المنظمات الدولية. وهذا لن يتمّ سوى بوحدة الصف ووحدة الهدف.. والهدف هو انعاش الاقتصاد بعيدا عن الخلافات والحسابات السياسية التي انهكت البلد كما قلنا.
نحن في جمعية "توانسة متّحدون" كنّا السّباقين لتحذير السلط والحكومات المتعاقبة في تونس من مغبّة تغييب الاقتصاد وجعله على هامش السياسة.وقد قمنا كنخبة نقيم في الخارج من مواقعنا المختلفة بتقديم المقترحات والتصورات حتى من قبل أن نتنظّم ونؤسس هيكلا جعلناه خيمة كل التونسيين في المهجر. والهدف هو قيادة مرحلة الانقاذ من الخارج  عبر أكثر من مليون ونصف تونسي مستعدّون لمساعدة وطنهم على الخروج من أزمته وفق شروط وآليات جديدة هي من صلب فلسفة "توانسة متحدون".
الثروة المهدورة وسبل استعادتها
تعدّ تونس من الدول القلائل التي لم تحسن استغلال جاليتها المنتشرة في دول العالم حيث عادة ما يعتمد هؤلاء كسفراء للبلد ويرسمون صورة له تكون جالبة للسياحة وللاستثمار  رغم أن لدينا آلاف الاطارات العليا يشتغلون في أكبر المؤسسات الدولية وفي مراكز الدراسات والبحوث لكن علاقتهم ببلادهم مع الأسف علاقة كلاسيكية لاتتجاوز أيام الاجازات حتى تحوّل أغلب هؤلاء إلى أغراب لايعرفون بلادهم ولايريدون الاستثمار فيها.
وقد عمّق هذا الاحساس القوانين البالية التي لازال سارية المفعول في تونس وأهمها قوانين الاستثمار المتخلفة والتي لم تعد مواكبة للعصر وكذلك تخلّف قانون تحويل الأموال وانسيابها من وإلى تونس.وهذا ما أفقد الدينار التونسي قيمته لتتحول الأسواق التونسية إلى استهلاكية الشيء الذي تسبّب في انكماش الاقتصاد وفي هروب المستثمرين.
والهدف الأول عبر "توانسة متحدون" هو ارساء علاقة جديدة للمقيمين بالخارج مع بلدهم تقوم على البعد التشاركي في صياغة الخيارات الكبرى للبلاد في الاقتصاد والسياسة والمجتمع.وهذا لن يتمّ سوى بالضغط المتواصل على الحكومة وعلى السلط المعنية بأن تفتح المجال للكفاءات وأن تستمع لهم وتستفيد من تجاربهم في بلدان اقامتهم.
والواقع أن هذه التجربة أتت أكلها في حكومة الانقاذ الوطني التي ترأسها مهدي جمعة في سنة 2103 حينما اعتمد على أكثر من 70بالمائة من حكومته على كفاءات تشتغل في المهجر وقد نجح هؤلاء في اعادة البلاد إلى سكة الديمقراطية وجنبوها الافلاس الاقتصادي قبل أن تترنّح من جديد بداية من 2014 بسبب خيارات خاطئة وصراع عن السلطة وسوء تقدير وجهل من الاخوان الذين حكموا وقاموا بالتوافقات المغشوشة حفاظا على مصالحهم ومصالح الجماعة.
الاقتصاد أولا..الاقتصاد أخيرا
رغم مرور أكثر من 10سنوات على تغيير النظام في تونس فان البلاد لاتزال غارقة في مستنقع السياسة  بحجة الانتقال الديمقراطي الذي استنزف جهود التونسيين وأصابهم بالفقر حتى في تفاصيل حياتهم اليومية.حيث هيمنت الصراعات والمناكفات على الاحزاب وانتقلت إلى مؤسسات الدولة وهيئاتها فأصابتها بالشلل وتحولت إلى ضيعات خاصة لهذا الحزب أو ذاك.
واليوم مع الأسف تم ّ مجدّدا الزجّ بالبلاد في سياسة المحاور ولاتزال المنظومة القديمة والماكينة الاخوانية بصدد اعادة تشكيل نفسها وتستدعي التدخلات الخارجية بطرق مختلفة لالمصلحة البلاد وانما للعودة إلى الحكم الذي أخرجوا منه بإرادة شعبية قبل أن يكون بقرارات رئاسية.
وصفتان سحريتان قادرتان على اخراج تونس من أزمتها تحاول جمعية "توانسة متحدون" تحقيقهما هما الاستغلال الأمثل لثروتنا بالخارج من كفاءات ورجال أعمال وغيرهم.
ثم الاقتصاد أولا والاقتصاد أخيرا. هي الكلمة السواء التي يجب أن توحّد التونسيين في الداخل والخارج.