إبراهيم كابان لـ "متن نيوز": أردوغان أدرك أهمية مصر والسعودية والإمارات.. وقطر وتركيا سيدفعان بالمرتزقة بأوكرانيا (حوار)

إبراهيم كابان
إبراهيم كابان

الميليشيات الإيرانية ستواصل الهيمنة على التشكيل الحكومي في العراق

 

إدعاءات إيران بشأن وجود مواقع إسرائيلية في إقليم كردستان العراق لا يمكن تأكيدها

 

العلاقات التركية الإسرائيلية لم تنقطع.. وهذه أسباب رغبة أردوغان في التقارب مع تل أبيب

 

3 سيناريوهات تنتظر الحرب الروسية الأوكرانية أحدهم "الأفغاني" والآخر ينتهي بتقسيم أوكرانيا

 

الأزمة السورية ستزداد سخونة في المرحلة المقبلة بسبب الصراع الغربي الروسي

 

أكد إبراهيم كابان الباحث السياسي ومدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن الميليشيات الموالية لإيران تُسيطر على القرار العراقي، مشددًا على أن القصف الصاروخي الإيراني على أربيل مجرد تأكيد على تبعية العراق للمصالح الإيرانية.

 

وأضاف "كابان"، في حوار خاص لـ "متن نيوز"، أن النظام التركي أدرك أهمية مصر والسعودية والإمارات على المستوى الإقليمي والدولي، منوهًا إلى أنه من الممكن أن يستخدم قطر وتركيا مرتزقة سوريين للزج بهم في حرب أوكرانيا، لافتًا إلى أن الأزمة السورية إحدى أهم المعضلات التي سوف تزداد سخونة في المرحلة المقبلة.

 

◄ برأيك.. ما الرسائل التي حملها القصف الصاروخي الإيراني على أربيل؟

التأكيد على تبعية العراق للمصالح الإيرانية، وإن المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى في مرمى الحرس الثوري، بحكم إن إقليم كردستان ربما من المناطق التي تتخذ فيها الولايات المتحدة وحلفائها الأريحية لإدارة شؤون مواقعهم العسكرية في العراق وسوريا.

 

فيما الإدعاءات حول وجود مواقع إسرائيلية في إقليم كردستان العراق، لا يمكن تأكيده، بحكم اتخاذ النظام الإيراني سياسة إستخدام أجنداتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن وكذلك في غزة للقيام بحروب الوكالة لصالحها.

 

لإيران أكبر شبكة استخبارات في العراق، كما إن معظم الأحزاب السياسية العراقية تقدم الولاء لإيران، حتى الاحزاب الكردية في إقليم كردستان لديهم علاقات مع إيران ولا يستخدمون أراضي إقليم كردستان لأغراض أستخباراتية تضر بالمصالح الإيرانية. 

 

◄ هل تنجح ميليشيات وأذرع إيران في الانقضاض على الحكومة العراقية؟

في الواقع تسيطر هذه الميليشيات على القرار العراقي، لأنها جزء من العملية السياسية في العراق، ومعظم الأحزاب السياسية اليوم لديها ميليشيات أو علاقات وثيقة، وبالتالي إنقضاض هذه الميليشيات المدعومة من إيران على الحكومة العراقية مستمر حتى اللحظة، وجميع المحاولات بعض الأطراف أو بعض الجوانب الحكومة العراقية في تخفيف سيطرة هذه الميليشيات على قرارها، لم تنجح، وبالتالي إخراج حكومة عراقية مدعومة عربيًا وغربيًا، وتضبط تحركات هذه الميليشيات الموالية لإيراني، لا يمكن تحقيقه في الظروف السياسية والإقتصادية العراقية، لا سيما وإن هذه الميليشيات تساهم بتفشي الفساد، وبالتالي تسهيل عملية السيطرة على الحكومة.

 

◄ ما تعليقك على التقارب التركي مع مصر والسعودية والإمارات؟

من الواضح إن النظام التركي أدرك أهمية هذه الدول الإقليمية في الشرق الأوسط، وإن سياسة التدخل في شؤونها وزعزعة إستقرارها إنما أنعكست بشكل مباشر على الظروف الإقتصادية والسياسية داخل تركيا، فبعد رفع مستوى الإشكاليات مع المحيط العربي والغربي خسرت تركيا معظم علاقاتها الخارجية لصالح زيادة الأزمات الداخلية، وبالتالي سياسة صفر مشاكل قبل 10 سنوات تحولت إلى مائة مشكلة مع القوى الإقليمية والغربية. 

ولإعادة ترميم هذه الإشكاليات مع المحيط بدأ النظام التركي خلال الشهور الماضية في التخلص من العقبات المتمثلة بدعم المتطرفين كحركة اخوان المسلمين، وكذلك التخفيف من تدخلها بالأزمة الليبية، إلى جانب التراجع عن خلق الأزمات داخل المتوسط، إلى جانب التراجع عن زعزعة أمن وأستقرار دول الخليج العربي من بوابة قطر.

النظام التركي يحاول من خلال هذه العملية تحصين العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات، إلا أن المطامع التركية لا تتوقف إذا تمكن من الفوز بالانتخابات القادمة، ويتطلب من هذه الدول عدم تصديق أردوغان، فهو يسعى من وراء هذا التقارب إلى تحصين ظروفه الداخلية كي يفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، وأعتقد إن ذهنية النظام أردوغان والنظام الإسلام السياسي في تركيا لا يحبذ أبدا العلاقات السليمة مع الدول العربية.

 

◄ هل التقارب التركي مع إسرائيل كشف زيف أردوغان وحكومته؟

في الواقع لم تنقطع العلاقات التركية مع إسرائيل يومًا، وكل الخطابات الحماسية لأردوغان وحركة أخوان المسلمين إنما كانت تندرج ضمين سياق عملية التستر على تلك العلاقة، وبالتالي إظهار هذه العلاقة إلى العلن وفي هذا التوقيت بالضبط، هي محاولة من أردوغان ودائرته الضيقة لإعادة نظامه إلى المعتكر الدولي من بوابة علنية العلاقة مع إسرائيل، إذ أن سياسة خلق الازمات والمشاكل مع الجوار العربي والغربي أضعف من حظوظ نظام العدالة والتنمية في الاستمرار بالحكم، والتراجع الكبير في شعبية أردوغان وإحتمالية فشله في الإنتخابات القادمة، ودخول البلاد في أزمات اقتصادية كبيرة، وتحرك واسع للمعارضة وزيادة كبيرة في شعبيتها، هذه التطورات الداخلية كفيلة بدفع أردوغان إن تحصين علاقاته مجددًا مع المحيط، لا سيما مع إسرائيل. 

 

◄ هل يستخدم قطر وتركيا مرتزقة سوريين في حرب أوكرانيا؟.. وما الهدف من تلك الخطوة في حال تنفيذها؟

واقع المجموعات المرتزقة السورية واضح للعيان، وهي لا تنفصل عن المصالح التركية في المنطقة ككل، وإرسال النظام التركي لهؤلاء المسلحين إلى ليبيا وأذربيجان، وإستخدامهم في بناء حزام أمن قومي تركي على حساب وحدة الأراضي السورية، هذه العملية برمتها حولت هؤلاء السوريين إلى مرتزقة تحت الطلب، وبالتالي من الممكن جدًا أن يستخدمهم النظام التركي في مواقع أخرى، وأوكرانيا ليست بمستبعدة.

 

◄ ما أسباب تناقضات الرئيس التركي وازدواجيته في الأزمة الروسية الأوكرانية؟

إنها حسابات الربح والخسارة التي يجيدها النظام التركي في التلاعب على التناقضات، وكيفية الاستفادة منها، ولكن طبيعة هذه الازمة دفعت بالأطراف الدولية إلى الإصطفافات، وبالتالي الخشية من الوقوع في شرك التضاربات الغربية الروسية، وكذلك الإصطفاف مع طرف دون آخر، سيكلف النظام التركي ثمنًا باهظًا. لحساسية الوجود الروسي في سوريا التي تتخذ أجزاء من شمالها مراكز لإدارة المتطرفين وتجنيدهم لحماية الأمن القومي التركي وفق مزاعم أردوغان، والخوف من التوجيه التركي لأكراد سوريا إذا ما توقفت تركيا إلى جانب حلفائها في حلف الناتو والدول الغربية، وبنفس السياق إذا أتخذ النظام التركي الموقف المؤيد لروسيا سيكلفها ذلك ردود قاسية من القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي لها وجود عسكري في سوريا وتدعم القوات الكردية. 

يمكن إسقاط هذا المقياس على جميع الحسابات التركية في المنطقة، سواءً في الأزمات التي لا زالت تتدخل فيها تركيا وتعبئها بمزيد من الإشكاليات، وصولًا إلى خشيتها من الغضب الروسي في سوريا.

 

◄ ما تعليقك على الحرب الروسية الأوكرانية.. وما السيناريوهات المتوقعة لها والحل الأمثل للأزمة؟

في الواقع هي عملية توريط الروس بالمستنقع الأوكراني، إذ أن الحسابات الروسية حيال تعاطي الأوكرانيين مع هذا الغزو، إلى جانب التحرك الغربي وحلفائهم في العالم بهذه السرعة للتضييق على الإقتصاد الروسي، غيرت مجرى الأطماع الروسية، وزيادة رغبة الأوكرانيين في التوجه أوروبيًا.

نحن أمام ثلاث سيناريوهات محتملة، النموذج الأفغاني، وبوادر ذلك متوفرة في أوكرانيًا، إذ أن تكوين الروح القومية لدى الشعب الأوكراني، ودفعهم الظروف الموضوعية إلى تشكيل المقاومة، هذه الظروف تدعنا أمام أفضلية تمكن الروس من السيطرة على مساحات مهمة من أوكرانيا، ولكن لا يمكن السيطرة على المقاومة، وبالتالي سوف يكون أوكرانيا مستنقعًا حقيقيًا للتواجد الروسي. 

السيناريو الثاني يتركز على تقسيم أوكرانيا بين مناطق موالية لروسيا وأخرى موالية للغرب، وهذا يعني تكرارًا للسيناريو الألماني بعد الحرب العالمية الثانية، وتقسيمها بين الاتحاد السوفيتي والغرب.

فيما السيناريو الثالث يعتمد على طبيعة التحركات الدولية، وتقديم ضمانات للمخاوف الروسية وبنفس الوقت يضمن للأوكرانيين التبعية الغربية وإن لم يكن خلال حلف الناتو. وهذا ممكن جدًا بحكم الظروف الموضوعية التي تجري فيها هذه الحرب تختلف في نتائجها عن العقود السابقة، لا سيما وإن مقارنة الطاقات الإقتصادية لروسيا مع القوى الغربية غير متوازنة، ولا يمكن للروس الاستمرار في هذه المعارك لشهور طويلة، في ظل العقوبات الدولية التي تتوسع وتفرض ظروف إضطرارية على الرئيس الروسي.

 

◄ ما تقييمك للأداء الأمريكي والغربي حيال الأزمة الروسية الأوكرانية؟

حجم العقوبات التي فرضت على روسيا بعد الغزو، وتقديم السلاح النوعي لأوكرانيا علنًا من قبل حلف الناتو، والتحرك الشعبي الكبير من قبل المجتمع الغربي لدعم الأوكرانيين، ووصول حجم الدعم إلى التسبب بقطيعة حقيقية بين الدول الغربية والروس، تظهر لنا مدى جدية التحرك الأمريكي الأوروبي لتقديم آليات التي تساعد الأوكرانيين في رفع مستوى المقاومة أمام الإحتلال. وبالتالي تعرض المصالح الغربية إلى خطر كبير على المستوى الأقتصادي، ومع ذلك فهي تسير نحو زيادة وتيرة العقوبات وقطع العلاقات، بالرغم إن أوكرانيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. لذا أنا أعتقد إن التحرك الأمريكي جيد، وقضية التدخل العسكري الأمريكي الغربية إلى جانب أوكرانيا غير ممكن لأن ذلك سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة لا محال.

 

◄ هل انتهت الأزمة في سوريا؟ وما شكل المشهد السياسي في الفترة المقبلة

الأزمة السورية إحدى أهم المعضلات التي سوف تزداد سخونة في المرحلة القادمة بحكم الصراع الغربي – الروسي بات في مرحلة متقدمة على المناطق التي يتواجد فيها كلا المحورين، والحرب الباردة التي نعيش مخاضها بعد إنتاج الازمة الروسية للتقاسم الدولي الكبير، والاصطفافات التي باتت واضحة بين القوى الغربية والروس، هذه التحولات الجديدة التي أنتجها أزمة أوكرانيا ستنعكس على الأزمة السورية، بحكم وجود كلا المحورين داخل سوريا، وتسليم أي طرف للأخر زمام السيطرة على سوريا سوف ينتج عن التوسع بأريحية في الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ترك المساحة السورية للتوسع الروسي، وهذا يعني بالضرورة إستمرار كل طرف في دعم حلفائه المحليين داخل سوريا، وأية مفاوضات وحلول حول الازمة السورية سوف تحتاج إلى موافقة القوتين. وعملية تسليم الملف السوري للروس أعتقد لن يستمر كما في السابق، والأزمة السورية بوابتها التطورات في أوكرانيا، كما نتائج الحرب الأوكرانية ستنعكس بشكل مباشر على التطورات في سوريا.