الرقابة على الجمعيات التونسية.. المسمار الأخير في نعش الغنوشي ورجاله

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي

أثار مشروع قانون جديد يتم إنشاءه في تونس جدلًا، على الرغم من أنه يهدف لتنظيم عمل الجمعيات، وتوسيع الرقابة على مصادر تمويلهم الداخلية والخارجية، وهذه ضربة قوية للأحزاب السياسية، ومن أهمها حركة النهضة.

 

أوامر بالمنع

قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، في اجتماع بالحكومة: يجب منع الجمعيات غير الحكومية من التمويلات الخارجية، وسنقوم بذلك، حيث أنهم في الظاهر جمعيات ولكنهم امتداد لقوى خارجية.


وأكد، لن نسمح بأن تأتي الأموال من الخارج للعبث بالبلاد ولا مجال لأن يتدخل أحد في اختياراتنا تحت أي ضغط أو تأثير.

 

المرسوم الجديد

ينص مشروع المرسوم الجديد، على أنه لا يمكن للجمعيات تلقي المساعدات والتبرعات والهبات من دول أجنبية لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية، حيث أن هذه الجمعيات مدعوة للحصول على ترخيص من لجنة التحاليل المالية قبل تلقي أي تمويل أجنبي.

وينص أيضًا، على صيغة جديدة لحل الجمعيات وهي الحل الآلي بقرار صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة، وهي صيغة تضاف إلى صيغة إصدار حكم قضائي لحلها.

 

علامات استفهام

تدور حول الجمعيات التونسية العديد من علامات الاستفهام بسبب تزايد أعدادها بشكل غير معقول وبمعيار زمني قصير، حيث تشير أرقام رسمية في تونس إلى أن النسيج الجمعياتي شهد منذ 2011 الماضية طفرة واضحة في عدد الجمعيات الذي تجاوز خلال العام الحالي 24 ألف جمعية تنشط في قطاعات مختلفة، بينما يشير تقرير لجنة التحاليل المالية في البنك المركزي التونسي، الصادرة عام 2017، إلى وجود جمعيات إسلامية تتلقى أموالًا طائلة من جهات أجنبية تحت غطاء الحملات الخيرية، وتتخذ هذه الجمعيات ستارًا مغاير لطبيعتها سواء إن كانت جمعيات حقوقية أو ثقافية أو دينية، فإن إصباغ عامل السرية على تعاملاتها، إضافة لحجم تمويلها الكبير، يدل على اتخاذها منحى سياسي مخالف لنشاطها الظاهر، وهي بالتالي تمول أحزاب سياسية ذات توجه إخواني.


حركة النهضة أكثر المستفيدين

يرى مراقبون أن حركة النهضة الإخوانية هي أكثر المستفيدين من التحويلات المالية التي تصل إلى تونس من الإخوان المسلمين، وهي لا تصل إلى الحركة مباشرة بل عبر جمعيات معظمها تحمل الطابع الخيري، حيث تجري عملية غسل الأموال في تلك الجمعيات ومن ثم تمريرها إلى الحركة الإرهابية.

 

كما يرى مراقبون أيضًا أن التمويل الأجنبي للجمعيات التونسية مشكلة عويصة، تندرج ضمن العوائق الأساسية التي تمنع إرساء حياة سياسية شفافة، وتعطى فيها الفرص بالتساوي أمام مختلف الأحزاب، حيث أن القانون التونسي لا يمنع التمويل الأجنبي على الجمعيات في حين أنه يمنعه عن الأحزاب، وهو ما جعلهم يتجهون لتأسيس جمعيات تابعة لها، تحظى بالدعم الخارجي الذي ينتهي في خاتمة المطاف في خزينتها، أي في خزينة الأحزاب.