في ظل الوساطة الفرنسية.. هل سيكون هناك حل للأزمة الأوكرانية في نهاية المطاف بالطرق السلمية؟

متن نيوز

يشعر الغربيون بقلق حيال إمكان غزو روسيا لأوكرانيا، إذ تعتقد الاستخبارات الأمريكية أن موسكو تكثف استعداداتها لغزو واسع النطاق بعد أن أصبح لديها "بالفعل 70% من القوة اللازمة لتنفيذ عملية كهذه.

هذا وقد عقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون، اجتماعا صحفيا مشتركا بالعاصمة موسكو، تناولا فيه تطورات أزمة أوكرانيا حيث واتهم الرئيس الروسي حلف شمال الأطلسي "ناتو" بالتوسع شرقا، مؤكدا أنه يشكل تهديدا لأمن بلاده، وطالب بعدم توسع الحلف وعدم حشد قواته قرب حدود روسيا.


وشدد بوتين على أن دول حلف شمال الأطلسي تواصل ضخ أسلحة متطورة في أوكرانيا، وأن روسيا لا تهدد أي دولة، والمناورات العسكرية التي أجريت كانت داخل حدودها.

وفي نهاية حديثه، عبر الرئيس الروسي عن أمله أن يتم حل الأزمة الأوكرانية في نهاية المطاف بالطرق السلمية.


من جانبه، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه اقترح عدة ضمانات أمنية ملموسة على نظيره الروسي.

وشدد على إدراك بلاده مدى خطورة الوضع على الحدود الأوكرانية وضرورة الحفاظ على السلام، منوها إلى أن سياسة "الباب المفتوح" لحلف شمال الأطلسي ضرورية ووجودية لأوروبا.


وأوضح الرئيس الفرنسي أنه لا يمكن السماح بعودة خطر عدم الاستقرار والاضطرابات إلى أوروبا أخرى.


مباحثات مهمة أجراها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في موسكو، قبل أن يتوجه، اليوم الثلاثاء، إلى أوكرانيا ضمن محاولات "خفض التصعيد".


وأفادت الرئاسة الفرنسية بأن اقتراحات ماكرون تشمل التزام عدم اتخاذ مبادرات عسكرية جديدة من الجانبين ومباشرة حوار يتناول خصوصا الانتشار العسكري الروسي ومفاوضات سلام حول النزاع في أوكرانيا وبداية حوار استراتيجي.

 

وحذر الأمريكيون والأوروبيون روسيا من عواقب وخيمة جدا إذا هاجمت أوكرانيا مجددا مع إقرار عقوبات مدمرة.

 

وأكد أولاف شولتز خلال زيارته واشنطن، الإثنين، أن الولايات المتحدة وألمانيا "متحدتان بشكل مطلق" بشأن العقوبات التي ينبغي أن تفرض على روسيا إذا هاجمت أوكرانيا وسيتخذ البلدان "الإجراءات نفسها".


وأكد الرئيس الأمريكي أن هجوما روسيا سيعني "نهاية" خط أنابيب الغاز الروسي الألماني الاستراتيجي "نورد ستريم 2" الذي يثير جدلا.

وكانت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة أرسلت تعزيزات عسكرية إلى أوروبا.


كما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "العديد من القضايا التي تراكمت يجب مناقشتها بشكل مباشر" وذلك في مستهل اجتماعه بنظيره الفرنسي.

 

واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الاجتماع بين الرئيسين الفرنسي والروسي "مهم جدا" ذاكرا أن "ماكرون قال لبوتين إنه يأتي حاملا أفكارا من أجل خيارات محتملة لتحقيق انفراج في التوتر في أوروبا".


وقال ماكرون للصحفيين في الطائرة التي كانت تقله إلى موسكو إنه ينظر إلى الأمور بـ "واقعية وتصميم"، معتبرا هو أيضا أنه ليس هناك حلّ على المدى القريب.

في المقابل، حدّدت أوكرانيا خطوطها الحمر وهي حسب وزير خارجيتها دميترو كوليبا "لا تنازلات على وحدة وسلامة أراضينا" و"انسحاب دائم للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية والمناطق المحتلة".

واجتاحت روسيا أوكرانيا عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، ردا على ثورة موالية للغرب في كييف، ورد الغرب بفرض عقوبات لم يكن لها حتى الآن أي تأثير على سياسة الكرملين.

ويخوض انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها حربا منذ 2014 ضد الجيش الأوكراني في شرق البلاد.


وسمحت اتفاقات سلام تم التفاوض عليها بوساطة ألمانية فرنسية بتجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود، وسيسعى ماكرون لتحريك هذه الآلية.

كما أعلنت ألمانيا أنها تعتزم إرسال 350 عسكريًا إضافيًا إلى ليتوانيا للمساهمة بتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت، الإثنين، إنه: "نحن نعزّز مساهمة قواتنا في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ونرسل إلى حلفائنا إشارة واضحة على عزمنا".


وأشارت إلى أنّ العسكريين الـ350 سيصلون "في غضون أيام قليلة" إلى ليتوانيا حيث يتمركز أساسًا 500 عسكري ألماني في إطار قوة حلف شمال الأطلسي.

بدورها، أعلنت بريطانيا إرسال 350 عسكريًا إضافيًا إلى بولندا في خضم التوترات حول أوكرانيا.


وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن رئيس الوزراء يريد أن يطمئن روسيا بشأن دور حلف شمال الأطلسي لأنه تحالف دفاعي وينبغي أن يتاح الانضمام لعضويته لأي ديمقراطيات أوروبية.

وعلى صعيد اللقاءات الدولية لمناقشة الأزمة بين الغرب وروسيا، التقى وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الإثنين، نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك التي تقوم بزيارة إلى كييف لدعمها في الأزمة الراهنة بينها وبين موسكو.

 


واتهم وزير الخارجية الأوكراني، روسيا بالسعي إلى "دقّ إسفين" بين بلاده وحلفائها الغربيين، قائلا: "لن يتمكن أحد في روسيا مهما حاول من دقّ إسفين بين أوكرانيا وشركائها".

من جانبها، أعلنت بيربوك أنّ الغرب أعدّ عقوبات "قاسية" و"غير مسبوقة" ضدّ روسيا سيفرضها إذا ما قواتها أوكرانيا.

وأضافت بيربوك: "نحن مستعدّون أيضًا لأن ندفع، نحن أنفسنا، ثمنًا اقتصاديًا لأنّ أمن أوكرانيا على المحكّ".

وفي السياق ذاته، قال وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل في واشنطن الإثنين إن أوروبا تعيش "اللحظة الأكثر خطورة" على أمنها منذ انتهاء الحرب الباردة حتى لو بقي "ممكنا" التوصل إلى "حل دبلوماسي" مع روسيا.

وردا على سؤال حول تحذيرات الولايات المتحدة من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، نفى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن تكون "تهويلا".


وأضاف أنتوني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بوريل قائلا: "هذا ليس تهويلا، إنه بكل بساطة حقائق".

وتطالب روسيا، التي انتزعت السيطرة على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، بضمانات أمنية، منها تعهد حلف الأطلسي بعدم ضم أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم جونسون: "عبرت روسيا عن مخاوف بشأن عدوان محتمل من قبل حلف شمال الأطلسي، لكننا أوضحنا أن تلك المخاوف لا أساس لها، إذ أن حلف الأطلسي تحالف عسكري في جوهره".

يأتي ذلك فيما قال رئيس اللجنة العسكرية بحلف شمال الأطلسي اليوم الإثنين، إن "الحلف يدرس زيادة وجوده العسكري في دول البلطيق وبولندا إذا أبقت روسيا قواتها في بيلاروسيا  بعد انتهاء تدريبات عسكرية".

وأضاف الأميرال الهولندي روب باور، أن روسيا أرسلت 30 ألف جندي إلى بيلاروسيا الجارة الشمالية لأوكرانيا، لإجراء مناورات عسكرية مشتركة هذا الشهر، ليتجاوز إجمالي الانتشار العسكري الروسي على حدود أوكرانيا مئة ألف جندي.


من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، إن "الحشود العسكرية الروسية قريبة جدًا من حدود الحلف وإعادة جدولة موسكو تمارينها النووية قد تكون تغطية لعمليات أخرى محتملة.

وأضاف ينس ستولتنبرج،  قائلا: "لا نزال ملتزمون بالدفاع عن مصالح وأمن شركائنا"، مرحبا بإرسال مزيد من القوات الأمريكية إلى رومانيا وبولندا كرسالة تضامن واضحة مع حلفائنا.

وأرسلت الولايات المتحدة ثلاثة آلاف جندي إلى رومانيا وبولندا الأسبوع الماضي لطمأنة الحلفاء.

ونوه إلى أنه من الممكن نشر المزيد من القوات من أعضاء الحلف.

وأشار باور في مؤتمر صحفي في فيلنيوس، قائلا: "لدينا قوات في الحلف باستمرار، في الدول المختلفة الحديث بشأن ذلك هو نتيجة ما نحن فيه الآن. نعم، ننظر في الأمر. قد تكون هناك تغييرات في المستقبل نتيجة تلك التطورات".

وتنفي موسكو التخطيط لغزو أوكرانيا، لكنها قالت إنها قد تتخذ إجراءات عسكرية لم تحددها إذا لم يتم تلبية مطالب أمنية، تشمل تعهد حلف الأطلسي بعدم قبول عضوية كييف، وهو ما وصفته الولايات المتحدة والحلف بأنه غير مقبول.