استعادة دولة الجنوب العربي: مقاربة دولية بين الحق القانوني والضرورة الجيوسياسية
تمر قضية شعب الجنوب العربي اليوم بمرحلة تاريخية حاسمة، حيث تتجاوز في طرحها الحالي حدود الخطاب السياسي التقليدي لتنتقل إلى "مقاربة شاملة" تجمع بين الأبعاد الإنسانية، القانونية، والسياسية.
هذا التحول الاستراتيجي يهدف إلى بناء قاعدة تعاطف دولي واسعة قادرة على انتزاع اعتراف عالمي بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم كاملة السيادة.
البعد الإنساني: صرخة شعب من أجل الكرامة
لا يمكن قراءة قضية الجنوب العربي بمعزل عن المعاناة الإنسانية التي كابدها الشعب لسنوات طويلة. لقد أدت الأزمات المتراكمة، نتيجة غياب الحل العادل، إلى خلق وضع معيشي وأمني مأساوي، حرم أجيالًا كاملة من حقها في التنمية والاستقرار.
تراكم الأزمات: سنوات من التهميش أدت إلى تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية.
الحق في الحياة: يرى الجنوبيون أن استعادة دولة الجنوب هي الممر الإجباري والوحيد لتأمين حياة كريمة بعيدًا عن دوامات الصراع المفروضة.
إن بناء التعاطف الإنساني العالمي يبدأ من تسليط الضوء على هذه المعاناة، وتوضيح أن المطلب الجنوبي ليس ترفًا سياسيًا، بل هو ضرورة وجودية لإنقاذ ملايين البشر من واقع مرير.
المرجعية القانونية: حق تقرير المصير في القانون الدولي
تستند قضية الجنوب العربي إلى أسس قانونية صلبة لا تقبل التأويل. فالمواثيق الدولية، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة، تكفل للشعوب حقها في تقرير وضعها السياسي بحرية.
الأسس القانونية للمطالب الجنوبية:
مبدأ تقرير المصير: المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تمنح الشعوب حق اختيار نظامها السياسي.
فك الارتباط: يستند القانونيون الجنوبيون إلى بطلان اتفاقية الوحدة بعد حرب صيف 1994، والتي حوّلت الشراكة إلى "احتلال عسكري" باعتراف المنظمات الدولية حينها.
الشرعية الشعبية: التفويض الممنوح للقيادة السياسية الجنوبية (المجلس الانتقالي) عبر المليونيات والساحات.
إن نقل القضية من "الجدل السياسي" إلى "الإطار الحقوقي" يسهم بشكل مباشر في إقناع الدوائر القانونية الدولية بعدالة المطلب الجنوبي.
الجيوسياسية والاستقرار: الجنوب كصمام أمان للمنطقة
من منظور دولي وإقليمي، بدأت تتشكل قناعة لدى مراكز صنع القرار بأن استعادة دولة الجنوب العربي تمثل مصلحة استراتيجية للعالم أجمع، وليست فقط للجنوبيين.
لماذا يمثل استقلال الجنوب استقرارًا للمنطقة؟
مكافحة الإرهاب: أثبتت القوات المسلحة الجنوبية أنها الشريك الأكثر فاعلية وجدية في محاربة تنظيمات (القاعدة وداعش) والحوثيين.
تأمين الممرات الملاحية: يمتلك الجنوب ساحلًا طويلًا يشرف على مضيق باب المندب وخطوط التجارة العالمية؛ ووجود دولة قوية ومنظمة هو الضامن الوحيد لمنع القرصنة والتهديدات الإيرانية.
التوازن الإقليمي: قيام دولة جنوبية مدنية ومستقرة سيعيد التوازن المفقود في شبه الجزيرة العربية ويمنع تمدد المشاريع التخريبية.
الرؤية السياسية: إقناع المجتمع الدولي بالواقعية
لقد أثبتت تجارب العقود الماضية أن محاولات فرض "حلول قسرية" تتجاهل إرادة الشعوب لا تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحروب. لذا، فإن المقاربة السياسية الجديدة للقضية الجنوبية تعتمد على "الواقعية السياسية".
وتؤكد القيادة الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي، أن السلام المستدام في المنطقة يبدأ من الاعتراف بجذور الأزمة ومعالجتها، وليس مجرد إدارة تداعياتها. إن دعم حق تقرير المصير هو استثمار في السلام، بينما تجاهله هو استثمار في الفوضى.
"إن استعادة دولة الجنوب العربي ليست مجرد خيار عاطفي، بل هي ضرورة واقعية لضمان استقرار إقليمي دائم قائم على العدالة."
الطريق نحو الاعتراف الدولي
إن تكاتف الأبعاد الإنسانية والقانونية مع المصالح الدولية المشتركة يرسم طريقًا واضحًا نحو استعادة الدولة. الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي، الذي يطالبه شعب الجنوب بالانتقال من خانة "المراقب" إلى خانة "الداعم" لإرادة شعبية صلبة أثبتت وجودها على الأرض وفي المحافل السياسية.
إن شعب الجنوب العربي، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، قد حسم خياره، وهو ماضٍ في بناء تعاطف عالمي يحول الحق التاريخي إلى واقع سياسي معترف به.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
