الجنوب العربي من حسم الخيار إلى تمكين القرار: خارطة الطريق نحو الاستقلال الناجز

تعبيرية
تعبيرية

يمرّ المشروع التحرري للجنوب العربي اليوم بمنعطف تاريخي حاسم، تُختبر فيه إرادة شعب صامد، وثبات قيادة حكيمة، وصلابة مشروع وطني لا يقبل المساومة. 

فبعد مسيرة نضالية شاقة، تشرّب خلالها شعب الجنوب الوعي الثوري والكفاحي، لم يعد الجنوب حبيس المطالب أو رهين الانتظار؛ بل تحول بإجماع شعبي من مرحلة "حسم الخيار الوطني" إلى مرحلة "تمكين القرار" على الأرض، تمهيدًا لإعلان الدولة الجنوبية المستقلة الفيدرالية كاملة السيادة.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبعاد المشروع التحرري الجنوبي، ودور المجلس الانتقالي بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، وكيف أصبحت القوات الجنوبية صمام أمان للمنطقة والإقليم.

الثوابت الوطنية: رحلة التضحية من أجل الكرامة

لطالما كان الجنوب ثابتًا على أهدافه، راسخًا في مبادئه المؤمنة بعدالة قضيته المصيرية. إن رحلة استعادة الدولة لم تكن معبدة بالورود، بل كانت سجلًا حافلًا بالتضحيات والفداء. وقد أثمرت هذه التضحيات يقينًا راسخًا بأن الاستقرار الحقيقي والتحضر لا يتحققان إلا بموازاة استعادة الحق، ومكافحة مخاطر الإرهاب والتطرف والفساد، وهو ما أثبتت القوات المسلحة الجنوبية كفاءتها فيه بكل جدارة.

القيادة والتفويض: الزبيدي وحكمة المعركة

يقود المجلس الانتقالي الجنوبي هذا المشروع التحرري بتفويض شعبي كاسح، منحه الشعب للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي. هذا التفويض جعل من الرئيس الزبيدي صاحب الحق الشرعي في تمثيل إرادة الجنوب، وحكمة تحريك متجهات المعركة؛ سواء نحو الحرب لردع مليشيا الحوثي الإيرانية، أو نحو السلام العادل المبني على تطلعات الشعب.

فشل الأجندات المشبوهة

لقد تهاوت تبريرات "الحروب الجانبية" التي حاولت قوى إخوانية وأطراف متماهية مع الحوثي فرضها على الجنوب. وكما أكد الرئيس الزبيدي بوضوح: "من يريد تحرير صنعاء فالجنوب سندًا وعونًا، ولكن لن نسمح أن تصبح محافظات الجنوب مسرحًا للمعارك الجانبية". لقد كشف هذا الموقف زيف الأجندات التي تحاول الهروب من مواجهة الحوثي في الشمال بفتح جبهات عبثية في المناطق الجنوبية المحررة.

نقطة اللاعودة: سقوط أوهام "الوحدة"

وصلت قضية شعب الجنوب العربي إلى "نقطة اللاعودة". فقد بات واضحًا أن البقاء في إطار الوحدة اليمنية أصبح مصدرًا للحروب والمشاريع التدميرية. ويتحمل قادة النظام السابق في الشمال المسؤولية التاريخية عن هذا الانهيار، بعدما سلموا العاصمة صنعاء ومؤسساتها للمليشيات الحوثية، ثم حاولوا جعل الجنوب "شماعة" لفشلهم وعجزهم.

النجاحات العسكرية: الجنوب ركيزة للأمن الإقليمي

إن مطالبة الجنوبيين بحقهم في الاستقلال ليست نقطة ضعف، بل هي مصدر قوة يؤسس لواقع جديد. وتتجلى هذه القوة في النجاحات الأمنية الباهرة، ومنها:

تأمين الممرات الدولية: حماية أمن البحر الأحمر وباب المندب من التهديدات الإرهابية.

مكافحة الإرهاب: القضاء على خلايا تنظيم القاعدة وداعش في المحافظات الجنوبية.

ضبط الحدود: قطع دابر عمليات تهريب السلاح والمخدرات التي تستهدف أمن المنطقة.

هذه الإنجازات جعلت من الجنوب ركيزة أساسية للأمن والاستقرار الدولي، مما أكسبه احترامًا ودعمًا إقليميًا ودوليًا متزايدًا.

التمكين الفعلي والحذر من المسارات الخفية

انتقل الجنوب من مرحلة "المطالبة" إلى مرحلة "التمكين" وفرض السيطرة على الأرض. ومع ذلك، تظل المهمة التاريخية للقيادة هي الحذر الشديد من أي اتفاقيات تُحاك في الخفاء ضد إرادة الشعب، أو محاولات لتقليص حجم الإنجازات الجنوبية. لقد تعلمت القيادة من دروس الماضي، ولا سيما "اتفاق الرياض"، أن المماطلة والتسويف لا تخدم سوى قوى الفوضى.

الدولة الجنوبية: الضامن الاستراتيجي للمصالح الدولية

يؤكد شعب الجنوب، الذي يجدد تفويضه يوميًا للرئيس الزبيدي، أن الاستقلال هو الخلاص الوحيد. إن الدولة الجنوبية القادمة ستكون، باعتراف القوى الدولية، الضامن والحليف الاستراتيجي الأمثل لحماية المصالح الدولية والممرات الملاحية الحيوية.

إن أي مبادرة سياسية تتجاوز حقيقة أن "الجنوب العربي دولة بحدودها التاريخية وهويتها وعلمها" هي مسار عقيم ولن يؤدي إلى استقرار دائم. فالجنوب انتزع موقعه على الأرض، وما يُنتظر الآن هو الاعتراف الرسمي بهذا الواقع الذي يمثل بوابة الحل الشامل للمنطقة.

لقد حسم الجنوب خياره، ويمكّن اليوم قراره بقيادة المجلس الانتقالي. إن فجر الاستقلال يلوح في الأفق، وهو ليس مجرد هدف وطني، بل هو ضرورة إقليمية ودولية لضمان الأمن والسلام في واحدة من أهم بقاع العالم استراتيجيًا.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1