الجنوب العربي.. خط الدفاع الأول ضد التهديدات العابرة للحدود في المنطقة

شعب الجنوب العربي
شعب الجنوب العربي

ترسخت في الآونة الأخيرة حقيقة دامغة في معادلات السياسة الدولية، مفادها أن الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر الأحمر لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن استقرار الجنوب العربي.

 إن تمكين الجنوب سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا لم يعد مجرد مطلب شعبي لأبناء الجنوب، بل تحول إلى ركيزة أساسية لضمان أمن الملاحة العالمية وتوازن القوى في منطقة تعصف بها التوترات.

الجنوب العربي: من ساحة للصراع إلى عامل توازن استراتيجي

بفضل موقعه الجغرافي الحيوي الذي يشرف على أهم الممرات المائية في العالم، لم يعد الجنوب العربي مجرد ساحة لتلقي الأحداث، بل تحول إلى لاعب فاعل وعامل توازن أساسي. ويرى مراقبون أن أي مقاربة جادة لأمن المنطقة يجب أن تنطلق من الاعتراف الكامل بدور الجنوب وحقه الأصيل في إدارة شؤونه وصناعة مستقبله.

لقد أثبتت التجربة الميدانية أن الجنوب، حين امتلك زمام قراره وفرض معادلاته الأمنية عبر القوات المسلحة الجنوبية، استطاع تحقيق منجزات عجزت عنها جيوش نظامية، أبرزها:

كبح جماح الإرهاب: تطهير مساحات واسعة من تنظيمات القاعدة وداعش.

الحد من الفوضى: تأسيس واقع قائم على الانضباط المؤسسي والأمني.

حماية التجارة الدولية: تأمين السواحل الجنوبية ومنع تحولها إلى منطلق للقرصنة أو التهديدات العابرة للحدود.

تضحيات الجنوبيين: المسار الذي لا يمكن كسره

لم يكن الواقع المستقر الذي يعيشه الجنوب اليوم وليد الصدفة، بل هو ثمرة تضحيات جسيمة قدمها أبناء الجنوب على مدار سنوات. هذه التضحيات لم تصنع انتصارات عسكرية في ميادين القتال فحسب، بل صاغت مسارًا وطنيًا متكاملًا يتسم بالصلابة وعدم القابلية للانكسار أو الالتفاف عليه.

إن دماء الشهداء وصمود المقاتلين في الجبهات، إلى جانب تماسك النسيج المجتمعي الجنوبي خلف قيادته، جعلت من "التراجع" خيارًا مستحيلًا. فالمجتمع الدولي يدرك اليوم أن أي محاولة للعودة بالجنوب إلى مربعات الوصاية السابقة تعني فتح أبواب الفوضى مجددًا، وإعادة إنتاج بيئة خصبة للتطرف، وهي معادلة أثبتت فشلها الذريع تاريخيًا ودفع الجميع ثمنها باهظًا.

تمكين الجنوب.. ضرورة إقليمية ودولية

يدرك القادة في الجنوب العربي أن الاستقرار لا يُمنح كهدية، بل يُنتزع انتزاعًا عبر الإرادة والتنظيم وبناء المؤسسات الصلبة. ومن هنا، يبرز تمكين الجنوب كضرورة ملحة للأطراف الإقليمية والدولية للأسباب التالية:

 خط الدفاع الأول ضد التهديدات

يمثل الجنوب العربي "صمام أمان" في مواجهة المشاريع التوسعية والتهديدات الإرهابية التي تسعى لزعزعة استقرار شبه الجزيرة العربية ومحيطها.

حماية المصالح المشتركة

إن وجود سلطة جنوبية قوية ومتمكنة هو الضمانة الوحيدة لحماية المصالح الدولية وخطوط إمداد الطاقة العالمية التي تمر عبر خليج عدن وباب المندب.

مكافحة الجريمة المنظمة

تساهم الأجهزة الأمنية الجنوبية في الحد من عمليات التهريب والجريمة العابرة للحدود، مما يعزز من فاعلية المنظومة الأمنية الدولية.

رسالة الجنوب للعالم: الاستقرار خيار استراتيجي

في ظل التحولات الراهنة، يبعث الجنوب العربي برسالة واضحة وصريحة لجميع الأطراف: "الاستقرار خيارنا الاستراتيجي الذي لا رجعة عنه". وأي محاولة للعبث بالواقع القائم أو القفز على إرادة الشعب لن تؤدي إلا إلى تقويض الأمن الإقليمي وإعادة إنتاج الأزمات.

"إن الجنوب العربي ماضٍ في مساره بثبات، مستندًا إلى شرعية تضحياته وإرادة شعبه الفولاذية، مؤكدًا أن الأمن في المنطقة يبدأ من جنوبٍ آمن وممكن."

رؤية نحو المستقبل

إن بناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية المستقلة ليس مجرد استحقاق سياسي، بل هو المدخل الحقيقي والوحيد لتحقيق سلام دائم وشامل. إن الاستثمار في استقرار الجنوب هو استثمار في أمن العالم، وتمكين كوادره ومؤسساته هو الطريق الأقصر لإنهاء الصراعات المزمنة في المنطقة.

سيظل الجنوب العربي، بفضل وعي شعبه وقوة قواته، رقمًا صعبًا في المعادلة الدولية، وبرهانًا حيًا على أن إرادة الشعوب هي المحرك الأساسي للتاريخ، وأن فجر الاستقرار قد بزغ من العاصمة عدن ولن ينطفئ.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1