الأربعاء 17 ديسمبر 2025
booked.net

حضرموت والمهرة في قلب المشروع الجنوبي: وحدة الجغرافيا وسد منيع ضد التفتيت والإرهاب

شعب جنوب اليمن
شعب جنوب اليمن

تُعد محافظتا حضرموت والمهرة في الوعي الجمعي الجنوبي أكثر من مجرد مساحات جغرافية؛ إنهما العمق الاستراتيجي، والتاريخي، والاجتماعي الذي يمنح الجنوب هويته المتكاملة. 

وفي ظل التجاذبات السياسية الحالية، تبرز محاولات عزل هذه المناطق تحت مسمى "الاستثناء"، وهي محاولات يصنفها مراقبون بأنها اصطدام مباشر بحقائق التاريخ والجغرافيا وإرادة الشارع الجنوبي.

الجذور التاريخية: حضرموت والمهرة كأركان للدولة الجنوبية

لا يمكن قراءة المشهد السياسي الحالي بمعزل عن الخلفية الإدارية والسياسية التي تشكلت في ستينيات القرن الماضي. فمع بزوغ فجر الاستقلال ونشوء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كانت المهرة وحضرموت جزءًا لا يتجزأ من الترتيبات السيادية للدولة.

لقد تحولت المهرة من سلطنة إلى محافظة جنوبية محورية، وظلت كذلك حتى إعلان الوحدة في عام 1990. هذا الترابط ليس إداريًا فحسب، بل هو تداخل جغرافي واقتصادي يجعل من الشرق الجنوبي وحدة واحدة لا تقبل القسمة، حيث تمتد الهوية من السواحل إلى الحدود البرية، مشكلةً ركيزة أساسية للأمن القومي الجنوبي.

مخاطر "منطق الاستثناء": بوابة لتفتيت الهوية والسيادة

يرى محللون سياسيون أن طرح "الخصوصية" أو "الاستثناء" لحضرموت والمهرة لا يستهدف الحفاظ على التمايز الثقافي المحمود، بل يُستخدم غالبًا كأداة سياسية لـ:

إدامة النفوذ الخارجي: عبر صناعة كيانات سياسية "رخوة" يسهل التحكم بقرارها.

إضعاف الكتلة الجنوبية: تجزئة الجغرافيا تؤدي بالضرورة إلى تفتيت القرار السياسي وإضعاف الموقف الجنوبي في أي تسويات قادمة.

خلق فراغات أمنية: عزل هذه المحافظات عن المنظومة الأمنية الجنوبية يفتح الباب أمام قوى التخريب والإرهاب لاستغلال المناطق الحدودية والساحلية.

"واحدية الجنوب": من الحراك السلمي إلى استعادة الدولة

منذ انطلاق الحراك الجنوبي في عام 2007، أثبتت الجماهير في المكلا والغيضة (عاصمتي حضرموت والمهرة) انحيازها الكامل للمشروع الوطني الجنوبي. لم يكن الحراك مجرد مطالب حقوقية، بل تحول إلى مسار تراكمي يطالب باستعادة الهوية والدولة.

وتشير التقارير الحقوقية إلى أن القمع الذي تعرضت له الاحتجاجات السلمية في سنوات سابقة لم يزد الناس إلا تمسكًا بخيار الاستقلال. هذا الاصطفاف المجتمعي الواسع في شرق الجنوب يؤكد أن وحدة الهوية هي "إرادة شعب" وليست شعارات ترفعها القوى السياسية، بل هي نتاج تضحيات جسيمة قدمها أبناء هذه المناطق.

ملف الأمن ومكافحة الإرهاب: تجربة "النخبة الحضرمية" كنموذج

لا يكتمل الحديث عن وحدة الجنوب دون التطرق إلى الإنجازات الأمنية. ففي عام 2016، حقق الجنوب نصرًا استراتيجيًا تمثل في تطهير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة.

أهمية قوات النخبة والأمن الجنوبي:

تفكيك الملاذات الآمنة: نجحت القوات المحلية، وبدعم وتدريب مباشر، في إغلاق مساحات كانت تُستخدم لتمويل وتجنيد العناصر المتطرفة.

إنفاذ القانون: تصف مراكز بحثية دولية الوحدات الأمنية الجنوبية بأنها الشريك الأكثر فاعلية في محاربة الإرهاب الإقليمي.

تأمين الممرات الدولية: حماية سواحل حضرموت والمهرة تعني حماية الملاحة الدولية من التهديدات الإرهابية وعمليات التهريب.

إن استمرار تهديد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كما تؤكد التقارير الدولية، يجعل من بقاء حضرموت والمهرة ضمن المنظومة الأمنية الجنوبية الموحدة ضرورة ملحة لاستقرار المنطقة ككل.

تداعيات العزل: ثمن باهظ يدفع الجميع ضريبته

وفقًا لهذا المنظور، فإن أي محاولة لفصل حضرموت والمهرة عن سياقهما الجنوبي ستؤدي إلى نتائج كارثية، منها:

إعادة إنتاج الفوضى وتوفير بيئة خصبة لعودة التنظيمات المتطرفة.

خلق صراعات بينية تُنهك المجتمع وتعرقل مشاريع التنمية.

إضعاف السيادة الوطنية على المنافذ البرية والبحرية الحيوية.

 الوحدة شرط الاستقرار

إن الرسالة الجوهرية التي تتبلور اليوم هي أن وحدة الجنوب ليست شعارًا عاطفيًا، بل هي الشرط الأساسي لتحقيق الاستقرار المستدام في شبه الجزيرة العربية. قوة القوات الأمنية والعسكرية الجنوبية، وتلاحم النسيج الاجتماعي من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، هو الضمانة الوحيدة لمنع عودة التطرف وحفظ الأمن الإقليمي.

 يظل الجنوب جسدًا متماسكًا، تُشكل حضرموت والمهرة قلبه النابض، وأي حديث عن "استثناءات" ليس إلا محاولة للسباحة ضد تيار التاريخ والجغرافيا وإرادة الناس الذين قرروا رسم مستقبلهم تحت راية واحدة.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1