الحراك يتصاعد في شبوة: وفود جماهيرية من حبان ورضوم ودهر تصل ساحة الاعتصام المفتوح في عتق للمطالبة بدولة الجنوب العربي

الحراك يتصاعد في
الحراك يتصاعد في شبوة

شهدت مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، يومًا جديدًا من التعبئة الجماهيرية غير المسبوقة، مع وصول وفود ضخمة من مختلف مديريات المحافظة للمشاركة في ساحة الاعتصام المفتوح. 

الوفود التي وصلت مؤخرًا من مديريات حبان ورضوم ودهر تضاف إلى الآلاف الذين يحتشدون منذ أيام، في تأكيد قاطع على أن ملف القضية الجنوبية، والمطالبة بإعادة تأسيس دولة الجنوب العربي، يمثل جوهر الصراع والهدف الأسمى للحراك الشعبي في المنطقة.

هذا التوافد الجماهيري المتزايد ليس مجرد تجمع عابر، بل هو رسالة واضحة المعالم، موجهة إلى جميع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف اليمني.

 إنها تؤكد على عمق القناعة لدى أبناء المحافظات الجنوبية بأن تحقيق الاستقرار والسلام المنشودين يمر حتمًا عبر بوابة الاستجابة للمطالب الوطنية الجنوبية التاريخية. وقد أضفى وصول وفود من مناطق مختلفة جغرافيًا وعشائريًا بعدًا وطنيًا جنوبيًا خالصًا على الفعالية، يؤكد أن المطالبة بفك الارتباط ليست حكرًا على منطقة بعينها.

السياق السياسي وتأثير الحشد في عتق

تأتي هذه الفعاليات في ظل مفترق طرق حاسم تمر به المنطقة، حيث تتسارع الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية شاملة للنزاع. بالنسبة للجنوبيين، فإن أي حل لا يضع مسألة الاستفتاء على تقرير المصير أو تحقيق الاستقلال في صدارة أولوياته هو حل قاصر، ولن يحظى بالقبول الشعبي.

تعتبر محافظة شبوة، بموقعها الاستراتيجي وثرواتها النفطية والغازية، ورقة ضغط محورية في الميزان السياسي. لذا، فإن هذا الحشد الكبير في عتق يكتسب أهمية مضاعفة؛ إذ يعكس مدى التلاحم بين القيادة السياسية المتمثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي والقاعدة الجماهيرية العريضة التي تدعمه. الهدف من ساحة الاعتصام المفتوح هو إبقاء شعلة القضية متقدة، وضمان عدم تهميش صوت الشعب الجنوبي في أروقة المفاوضات.

خلفية تاريخية: لماذا تتصاعد المطالبة بـ دولة الجنوب العربي؟

الحديث عن دولة الجنوب العربي ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الكيانات المستقلة التي وُحدت قسرًا في عام 1990، وانتهت هذه الوحدة بحرب صيف 1994، التي يعتبرها الكثيرون في الجنوب احتلالًا أعاد فرض الوحدة بقوة السلاح. منذ ذلك الحين، شهدت المحافظات الجنوبية حراكًا متواصلًا تصاعدت وتيرته بعد عام 2007 تحت مسمى "الحراك الجنوبي السلمي".

تشمل أبرز الأسباب التي تدفع بالمطالبة بالاستقلال:

التهميش الاقتصادي: شكاوى متكررة من استنزاف الثروات النفطية والغازية في شبوة وحضرموت والمهرة دون أن يعود ذلك بالنفع على مواطني هذه المحافظات.

الإقصاء السياسي: الشعور بأن أبناء الجنوب أُقصوا من المناصب القيادية العليا في مؤسسات الدولة الموحدة.

الهوية الثقافية: التأكيد على وجود خصوصية ثقافية واجتماعية وتاريخية تميز الجنوب عن الشمال، وتبرر الاستقلال كحل نهائي ومستدام.

شهادات من الميدان: صوت الوفود القادمة من حبان ورضوم ودهر

تحدث مشاركون من الوفود القادمة من المديريات الغربية والجنوبية في شبوة، مثل حبان ورضوم ودهر، عن دوافعهم للمشاركة. أشاروا إلى أنهم تكبدوا المشاق للوصول إلى عتق تأكيدًا على وحدة الصف الشبواني والجنوبي خلف هدف واحد. هذه المديريات، التي عانت من ظروف أمنية واقتصادية صعبة، ترى في دولة الجنوب المستقلة الضمانة الوحيدة لأمنها واستقرارها وتحقيق التنمية المحلية.

يُعد هذا الحشد دليلًا على التنظيم المحكم للفعاليات، حيث جرى استقبال الوفود وتنظيم مشاركتهم في خطابات وفعاليات ثقافية تؤكد على الهوية الجنوبية ومجدها التاريخي. المشهد في ساحة الاعتصام المفتوح هو مشهد تضامني بامتياز، يجمع بين كبار السن والشباب الذين يحملون أعلام الجنوب ويرددون شعارات التحرير والاستقلال.

تحليل الأبعاد الإقليمية والدولية للموقف

على المستوى الإقليمي، لا يمكن تجاهل هذه التطورات. فالحشود الجماهيرية في شبوة عتق تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه إرادة شعب يسعى لتقرير مصيره. القوى الكبرى، التي تسعى لإنهاء الصراع في اليمن، يجب أن تدرك أن حل مشكلة اليمن يكمن في التعامل بجدية وشفافية مع القضية الجنوبية، بوصفها إحدى الركائز الأساسية لأي تسوية دائمة. إن التجاهل أو محاولة الالتفاف على هذه المطالب الشعبية سيزيد من تعقيد المشهد ويُطيل أمد الصراع.

الخاتمة: إرادة شعب لا يمكن كبتها

إن وصول وفود حبان ورضوم ودهر إلى ساحة الاعتصام المفتوح في عتق يمثل لحظة فارقة في تاريخ الحراك الجنوبي. إنه يؤكد أن المطالبة بـ دولة الجنوب العربي ليست مجرد شعار سياسي، بل هي إرادة شعبية عارمة لا يمكن كبتها. مع استمرار تدفق الحشود، تصبح الرسالة أكثر وضوحًا: لا عودة إلى الوراء، والمستقبل يُصنع في ساحات التحرير، وأولها شبوة عتق الصامدة.

يبقى السؤال معلقًا: هل تستجيب الأطراف المعنية والمجتمع الدولي لهذا الزخم الشعبي، وتضع الحل الجذري للقضية الجنوبية على طاولة المفاوضات بجدية، أم يستمرون في سياسة الترقيع؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن صوت شعب الجنوب العربي صار أعلى من أن يُتجاهل.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1