الجنوب العربي يقطع آخر صدى لمرحلة الترهيب ويثبت استقراره الجديد في حضرموت

حضرموت: عقد من الصراعات
حضرموت: عقد من الصراعات والوعي الناضج

تثبت التجارب الكبرى في تاريخ الشعوب أن الإرادة الجمعية عندما تتجذر في الوعي العام، تتحول إلى قوة لا يمكن لأي طرف في العالم كبحها أو الالتفاف عليها. 

هذا هو النموذج الذي جسده شعب الجنوب العربي خلال السنوات الماضية، مقدمًا دليلًا استثنائيًا في الصمود والثبات رغم كل الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية التي حاولت إضعاف مساره وتشتيت وحدته.

لقد أذهل الجنوب العربي المراقبين بقدرته على التماسك في أحلك المراحل، وتحويل المعاناة إلى قوة دافعة، واليأس إلى تصميم راسخ، والتحديات إلى فرص متجددة لـإثبات الذات واستعادة الحقوق. وفي قلب هذا المشهد، تقف حضرموت اليوم كشاهد على هذا التحول الجذري، بعد أن عاشت عقدًا كاملًا من الاضطراب.

حضرموت: عقد من الصراعات والوعي الناضج

مرت حضرموت خلال العقد الماضي بمرحلة معقدة تميزت بغياب الاستقرار والهدوء. لقد عاش أبناؤها عشر سنوات شاقة، تخللتها صراعات أمنية محتدمة، وتوترات سياسية مستمرة، ومحاولات عديدة لـفرض واقع لا يتسق مع تطلعات الناس ولا مع طبيعة المنطقة الجنوبية.

كانت تلك الفترة سنوات مُنهِكة، حيث تنافست فيها القوى المختلفة على استغلال الفراغ الأمني والإداري، في وقت كان فيه المواطن البسيط يبحث عن أبسط مقومات الحياة: الأمن والسكينة. هذه المعاناة الطويلة كانت هي الوقود الذي أشعل الوعي الجنوبي نحو ضرورة التغيير الحاسم.

المرحلة المفصلية: قلب المعادلة في وادي حضرموت

لم تستمر حالة الترهل والفراغ إلى ما لا نهاية. فمع نضوج الوعي الجنوبي واتساع دائرة الإدراك بأهمية حسم الملفات العالقة المتعلقة بالوجود العسكري والأمني في الوادي والصحراء، جاءت مرحلة مفصلية كان هدفها قلب المعادلة وإعادة رسم مشهد جديد في وادي حضرموت.

هذا التحول، الذي تم بفضل الإرادة الجمعية للقوات المسلحة الجنوبية والمكونات الحضرمية الداعمة للجنوب، أثبت أن الإرادة الشعبية هي التي تملك الكلمة الفصل، وأن المطالبة بـالأمن الحقيقي والتمكين الجنوبي لم تعد مجرد شعارات سياسية، بل أصبحت واقعًا ميدانيًا.

ظاهرة "الأصوات الناعقة": آخر صدى لمرحلة الضجيج

كما هو الحال في أي تحوّل كبير ومصيري، ومع اقتراب الجنوب من تثبيت أمنه وترسيخ استقراره، بدأت تظهر ظاهرة "الأصوات الناعقة". هذه الأصوات تمثل بقايا مرحلة باتت تطوي صفحاتها، وهي غالبًا ما تأتي من أطراف اعتادت حياة الضجيج والاضطراب واستفادت من حالة الفوضى السابقة.

سلوك "الأصوات الناعقة":

الظهور عند تضرر المصالح: هذه الأصوات لا تظهر إلا عندما تتضرر مصالحها الخاصة التي كانت قائمة على الفوضى والنفوذ غير المشروع.

بث الشائعات والتشويه: تحاول هذه الأطراف بثّ القلق والتشويه عبر الشائعات في محيط اجتماعي لم يعد يقبل عودة الفوضى أو العبث.

تهديد الاستقرار: هي تصرخ فقط حين ترى أن استعادة الاستقرار وتوحيد القرار الجنوبي يهدد مكاسبها الضيقة وغير المشروعة.

هذه الأصوات ليست سوى آخر صدى لمرحلة باتت تطوي صفحاتها. إنها محاولات يائسة لإعاقة المسار نحو الاستقرار التام والسيادة الجنوبية.

الجنوب الجديد: وعي أنضج ومسار أوضح

يؤكد التحليل أن جنوب اليوم يختلف عن جنوب الأمس. لقد أصبح الوعي الجنوبي أنضج، بعد أن مر بتجارب الصراع والاختبارات القاسية. والمؤسسات الجنوبية، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية، أصبحت أقوى وأكثر رسوخًا على الأرض.

مسار الجنوب أصبح واضحًا لا لبس فيه، وهو استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. هذا المسار مدعوم بإرادة جمعية متماسكة تقف في وجه أي محاولة للعودة إلى مربع الفوضى. إن الجنوب العربي اليوم يثبت قدرته على بناء واقعه الجديد بعيدًا عن ضجيج المتضررين ومحاولات التشتيت.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1