الوعي الجمعي مفتاح المرحلة: الجنوب العربي يُحصّن إنجازات حضرموت والمهرة بالاصطفاف الوطني
تشهد المرحلة الراهنة من تاريخ الجنوب العربي تحولات جوهرية وعميقة تستدعي من جميع مكونات المجتمع قدرًا أكبر من التماسك الاجتماعي واليقظة في الوعي الجمعي.
إن الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها تحرير وادي حضرموت والتقدم الميداني في تثبيت الأمن بمحافظة المهرة، ليست مجرد انتصارات عسكرية عابرة، بل هي محطات تأسيسية لمرحلة جديدة تتطلب الحفاظ على زخمها والبناء عليها بروح موحدة ومسؤولة.
من الانتصار الميداني إلى الوعي المستدام
أثبتت التجارب الكبرى أن النجاح لا يكتمل ويستدام إلا حين يقف الجنوبيون صفًا واحدًا خلف مشروعهم الوطني، وأن الاستقرار لا يتوطد إلا بمشاركة فعالة ومخلصة من جميع المؤسسات والقيادات، تأكيدًا على حماية كامل تراب الجنوب.
تُعد حالة التقدم التي يشهدها الجنوب العربي اليوم فرصة حقيقية لإعادة ترميم الوعي العام وترسيخ قناعة راسخة بأن المستقبل لا يُصنع عبر الجهود الفردية أو التحركات المشتتة. بل يُصنع فقط من خلال اصطفاف جماعي شامل يضمن حماية المكتسبات التي تحققت بالدم والتضحية، ويعزز مسارات التنمية والأمن الشامل.
نقطة الانعطاف في حضرموت والمهرة
شكلت التحولات النوعية التي جرت في وادي حضرموت، وما تبعها من إجراءات حاسمة لترسيخ الأمن في المهرة، نقطة انعطاف مهمة في فهم طبيعة التحديات التي تواجه الجنوب. لقد أظهرت هذه التطورات أن:
الإدارة المتماسكة: إن الإدارة المتماسكة للملف الأمني والعسكري قادرة على إحداث فارق ملموس في حياة الناس واستعادة الثقة في المؤسسات.
الدعم المجتمعي: أي تقدم على الأرض يتطلب استمرار الدعم المجتمعي غير المشروط للمؤسسات الرسمية، لتمكينها من الانتقال من مرحلة تثبيت الأمن إلى مرحلة البناء الشامل والتنمية المستدامة.
الثقة المتبادلة: ركيزة الحفاظ على المنجزات
لقد أبرزت الأحداث الأخيرة الدور المحوري للثقة المتبادلة بين المواطن وقياداته. فـ منسوب الوعي بضرورة الحفاظ على المنجزات يرتفع بشكل كبير حين يشعر المواطن بأن هذه المنجزات تتقاطع بشكل مباشر مع تطلعاته اليومية وحاجته للأمن والعدالة. وحين يحدث هذا التقاطع، يتحول الدعم الشعبي إلى موقف مستدام وليس مجرد رد فعل عابر.
هذا الموقف هو بالضبط ما تحتاجه المرحلة المقبلة. إنها تتطلب حالة من الوعي المشترك القائم على تقدير حجم التضحيات الكبيرة التي قُدمت، وفهم أن الاستحقاقات القادمة تتطلب يقظة مجتمعية لا تقل أهمية أو شراسة عن الانتصارات الميدانية التي تحققت.
التحديات الإقليمية وأهمية الوحدة الجنوبية
في ظل الظروف الإقليمية والدولية المتسارعة والمتقلبة، تبرز أهمية قصوى لأن يكون الجنوب العربي موحدًا في رؤيته لمسارات الأمن والتنمية. فالجنوب يواجه تحديات معقدة تتطلب التخطيط الاستراتيجي على المدى الطويل.
إن تعزيز منظومة المؤسسات ودعم الجهود الرامية إلى تثبيت الاستقرار يشكلان ركيزة أساسية لمستقبل أكثر أمنًا وتنظيمًا. أي تفكك أو تشتت في الرؤى يمثل فرصة مفتوحة للقوى المتربصة لعرقلة التقدم أو إثارة الفوضى مجددًا.
من هنا، تأتي الأهمية القصوى لـ تكريس ثقافة الاصطفاف الوطني العام، بوصفها إطارًا جامعًا ليس لحماية المكتسبات الحالية فحسب، بل لتوسيعها وتحويلها إلى أساس متين لبناء دولة مستقرة وقوية وقادرة على مواجهة جميع التحديات الداخلية والخارجية بكفاءة.
بهذه الروح، المعتمدة على الوعي الموحد والاصطفاف الثابت، يمكن للجنوب العربي أن يواصل طريقه بثقة، مستفيدًا من كل ما تحقق من إنجازات ميدانية وسياسية، ومتطلعًا إلى مستقبل تُصان فيه الإنجازات بخطى ثابتة ووحدة رؤية، ليصبح مثالًا على قدرة الشعوب على بناء دولتها رغم كل المعيقات.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
