سوريا تطلق أول صحيفة ورقية رسمية بعد سقوط الأسد.. امتداد لتاريخ عريق يمتد 170 عامًا
في خطوة تعكس تمسك سوريا بإرثها الصحفي رغم التطور الكبير في وسائل الإعلام الرقمية والذكاء الاصطناعي، أعلنت السلطات السورية اليوم الاثنين عن إطلاق أول صحيفة ورقية رسمية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وتأتي هذه المبادرة لتسلط الضوء على تاريخ الصحافة المطبوعة في سوريا، الذي يمتد لأكثر من 170 عامًا.
فقد شهدت البلاد ميلاد أول مطبوعة دورية عام 1851 باسم "مجلة مجمع الفوائد"، تلتها عام 1865 الصحيفة الرسمية "سوريا" باللغتين العربية والتركية العثمانية، في خطوة اعتُبرت بداية حقيقية للصحافة المطبوعة في بلاد الشام.
مع نهاية الحكم العثماني وبداية الانتداب الفرنسي، شهدت الصحافة السورية ازدهارًا ملحوظًا، إذ ظهرت عشرات الصحف في دمشق وحدها، أبرزها "جريدة الأيام" عام 1919 و"جريدة ألف باء" عام 1920، والتي أصبحت صوت الشارع الوطني الناقد للانتداب الفرنسي والسلطة القائمة.
وفي الأربعينيات والخمسينيات، بلغت الصحافة ذروتها من حيث الجرأة والتنوع والانفتاح على النقاش العلني، مع اهتمام بالغ بالأدب والثقافة، لتصبح دمشق وحلب ومناطق أخرى ساحات حقيقية لحرية التعبير.
غير أن وصول حزب البعث إلى السلطة في 8 مارس 1963 أحدث تحولًا جذريًا في المشهد الإعلامي، حيث توقفت "ألف باء" عن الصدور وأُغلقت الصحف الخاصة والمستقلة، ومنع الترخيص لصحف جديدة.
ومع وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970، كرّس النظام هيمنته الكاملة على الإعلام، ليقتصر إصدار الصحف الرسمية على ثلاثة عناوين رئيسية: "الثورة" لسان الحكومة، و"البعث" لسان الحزب، و"تشرين" لسان الدولة.
واليوم، يعكس إطلاق الصحيفة الرسمية الجديدة محاولة لإعادة إحياء الصحافة المطبوعة في سوريا، واستعادة جزء من إرث إعلامي طويل وغني، في وقت تتسارع فيه التحولات الرقمية في صناعة الأخبار.
