ذكرى 30 نوفمبر: من استعادة الاستقلال إلى تجديد الهوية الجنوبية ومشروع الدولة

30 نوفمبر
30 نوفمبر

مع حلول الذكرى المجيدة لـ ثلاثين نوفمبر (30 نوفمبر)، يعود إلى الواجهة شعور جنوبي متجذّر بالوحدة والإنجاز. هذه الذكرى تستحضر تلك اللحظة التاريخية الفارقة التي توحّد فيها أبناء الجنوب العربي لإسقاط آخر مظاهر الاستعمار وانتزاع استقلالهم الوطني. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة إعلان ميلاد لدولة مستقلة، نتاجًا لتضحيات وجهود طويلة، رسّخت مفهوم السيادة الجنوبية.

غير أنّ هذه الذكرى لم تعد اليوم مجرّد استعادة لمشهد بطولي مضى أو احتفال رمزي بحدث تاريخي. بل تحوّلت إلى محطة سياسية ومعنوية حاسمة، تذكّر الجنوبيين جميعًا بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم في المرحلة الحالية، وهي استعادة الهوية الجنوبية التي تعرّضت لعقود طويلة من الطمس الممنهج ومحاولات الاجتثاث بعد وحدة عام 1990 وما تبعها من حرب 1994.

 الهوية الجنوبية: مشروع سياسي يقود الاصطفاف

يبرز هذا اليوم كفرصة وطنية لتجديد الوعي الجمعي والتأكيد على حقيقة أساسية: أن الهوية الجنوبية ليست مجرد شعار ثقافي أو تراثي يُرفع في المناسبات، بل هي مشروع سياسي متكامل وهدف استراتيجي يتطلب اصطفافًا وطنيًا صلبًا وراء القيادة التي تتبنى هذا المشروع وتدافع عنه في أصعب الظروف الإقليمية والدولية.

في هذا السياق المتصاعد، يمثّل المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) بقيادة اللواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي الإطار السياسي الأبرز والشرعي الذي تمكّن من ترجمة رغبة الشارع الجنوبي العارمة إلى رؤية واقعية قابلة للتطبيق على الأرض، وبرنامج نضالي فعال يواجه التحديات الأمنية والسياسية على الأرض وفي أروقة السياسة الإقليمية والدولية المعقدة.

إن التمسك بهذه القيادة في ظل المرحلة الحساسة التي يمر بها الجنوب العربي ليس خيارًا ثانويًا يقتصر على الانتماء الحزبي، بل هو ضرورة استراتيجية وحصن منيع لضرب مؤامرات قوى الاحتلال القديمة والجديدة التي تسعى لعرقلة أي تقدم نحو الاستقلال.

 تحديات متجددة: مؤامرات قوى الاحتلال

إن القوى التي تناهض المشروع الجنوبي لا تزال تحاول، وبأساليب متجددة وذكية، إضعاف الصف الجنوبي وتفريق كلمته. هدفها الأساسي هو تفكيك الإرادة الجنوبية، ومحاولة إعادة إنتاج الهيمنة مرة أخرى، ولكن هذه المرة عبر أدوات سياسية وعسكرية وإعلامية تتشابك مصالحها. هذه الأدوات تتقاطع أهدافها جميعًا عند نقطة واحدة: منع الجنوب العربي من استعادة دولته وهويته الوطنية المستقلة.

لكن الواقع الحالي يظهر أن الجنوب العربي أصبح أكثر وعيًا وإدراكًا لمخططات الاستهداف التي تُحاك ضده، وأكثر قدرة على تحويل الذكرى الوطنية لـ 30 نوفمبر إلى حالة تعبئة سياسية وشعبية ووجدانية مستمرة. هذه التعبئة تعزز صمود المجتمع في وجه التحديات وتزيد من تماسكه الداخلي.

 نوفمبر: إعلان سنوي لرفض الوصاية

في جوهره، لم يعد الاحتفاء بذكرى 30 نوفمبر مجرد فعالية رمزية تُقام وتنتهي. بل بات بمثابة إعلان سنوي متجدد وقوي عن العزم الجنوبي الثابت في رفض أي شكل من أشكال الوصاية أو التبعية، وتأكيدًا على أن الهوية الجنوبية راسخة لا تتزحزح. هذه المناسبة تؤكد أن مشروع الاستعادة يمضي بثقة وثبات، رغم الصعوبات والتضحيات الجسيمة التي يتطلبها المسار النضالي.

تحمل هذه المناسبة رسالة واضحة لا لبس فيها مفادها أن قوة الجنوب تكمن في تماسكه الداخلي ووحدة صفه. وأن الالتفاف والاصطفاف الواسع خلف القيادة السياسية الممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي هي الصخرة الوطنية التي تتحطم عليها كافة مؤامرات الخصوم ومحاولاتهم لشق الصف وإثارة النعرات.

فكلما تعاظمت التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، ازدادت الحاجة الملحة إلى الالتفاف حول القيادة التي أثبتت حضورها السياسي الفاعل والعسكري القادر على الحماية، وتمسّكت بقضية شعبها دون تراجع أو مساومة على الثوابت الوطنية.

وتأتي ذكرى 30 نوفمبر هذا العام لتعيد التأكيد على أن استعادة الهوية الجنوبية بكل أبعادها الثقافية والسياسية لا يمكن أن تنفصل عن الهدف الأسمى وهو استعادة الدولة الجنوبية. وأن الطريق نحو المستقبل المنشود يبدأ من وحدة الإرادة والصف، خلف قيادة وطنية تعرف اتجاه البوصلة الوطنية، وتعمل بكل جهدها على حماية الجنوب من محاولات استهدافه مهما تعددت الأدوات والمؤامرات.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1