إرادة شعب الجنوب لا تُقهر: مسار استعادة الدولة الجنوبية مسألة كرامة وأمن إقليمي بعد فشل الوحدة اليمنية 1990

من الاستقلال الأول
من الاستقلال الأول إلى حق تقرير المصير الجنوب

يواجه المراقب لمسار القضية الوطنية التحررية لـ شعب الجنوب نفسه أمام نموذج استثنائي في الوعي السياسي والصلابة، فالجنوب، الذي كان دولة مستقلة ذات سيادة كاملة قبل دخوله في الوحدة اليمنية 1990، أدرك مبكرًا أن مسار الوحدة الطوعية قد انحرف بالكامل، ليتحول إلى احتلال الجنوب 1994 بالقوة والعسكرة والفتاوى التكفيرية، في سابقة خطيرة نسفت كل الأسس القانونية والسياسية للاتفاقية.

ومنذ صيف 1994، أدرك شعب الجنوب اليمن أن ما فُرض عليه لم يكن وحدة، بل احتلالًا مكتمل الأركان استهدف تاريخه وكرامته وثرواته. ومن هنا، انطلقت مرحلة جديدة من النضال الحاسم لـ استعادة الدولة الجنوبية، بإرادة لا تلين وإيمان مطلق بعدالة القضية.

من الاستقلال الأول إلى حق تقرير المصير الجنوب

يمتلك الجنوب تاريخًا حافلًا بالتحرر، فقد انتصر في ثورة 14 أكتوبر 1963م على أعظم قوة استعمارية في العالم آنذاك (بريطانيا)، وانتزع استقلاله الكامل في 30 نوفمبر 1967م. واليوم، يسير الجنوب على ذات الطريق، مثبتًا أن سنوات القمع والإقصاء والتضليل والإرهاب لم تنجح في كسر عزيمته، بل زادته وعيًا وصلابة.

الشرعية التاريخية والقانونية: إن فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب هو خيار مشروع ومنسجم تمامًا مع القانون الدولي الذي يقر بـ حق تقرير المصير الجنوب عندما تتعرض الشعوب للإكراه أو الاحتلال، خاصة بعد الجريمة النكراء المتمثلة في احتلال الجنوب 1994، والذي كان أكثر قبحًا وجرمًا من أي احتلال عرفته البشرية.

قيادة موحدة: يقف الجنوب اليوم على أرض ثابتة، بعد أن نجحت قيادته الموحدة، متمثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي، في إنهاء حالة الانقسامات وتعدد المسميات، ونقل راية الجنوب إلى أعلى مراكز صناع القرار الإقليمي والدولي.

الجنوب: ضرورة استراتيجية للأمن الإقليمي والدولي

لم يعد حق تقرير المصير الجنوب مطلبًا وطنيًا فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية ملحة لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. فالجنوب يحتل موقعًا محوريًا في أهم الممرات البحرية العالمية من باب المندب إلى بحر العرب.

إن فقدان المنطقة والعالم لتوازنهما الأمني جاء فور وقوع الجنوب تحت الاحتلال في صيف 1994م، حيث برزت تهديدات متعددة:

انتشار الإرهاب: نشط تنظيم القاعدة فور احتلال الجنوب 1994، ثم برزت جماعة ومليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

التهديدات الاستراتيجية: أثبتت تقارير الخبراء الأمميين أن العلاقة بين التنظيمات الإرهابية ومليشيات الحوثي تشكل تهديدًا استراتيجيًا للأمن القومي العربي برمّته.

مسار لا رجعة عنه: استعادة الدولة الجنوبية

يُثبت الجنوب اليوم، بثباته السياسي وتماسكه الشعبي، أنه يسير نحو استقلاله الثاني بخطى واثقة ومدروسة. مشروع فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب هو مسار لا رجعة عنه، وهو ليس مشروعًا انعزاليًا كما يحاول خصوم الجنوب تصويره، بل هو مشروع استقرار وسلام حقيقي يعيد التوازن للمنطقة ويضمن حماية المصالح الإقليمية والدولية.

إرادة شعب الجنوب في الحرية والاستقلال باتت حقيقة لا يمكن كسرها، ومهما حاول المحاولون تكرار الحلول الشكلية، فإن الجنوب ماضٍ نحو هدفه، مدركًا أن كرامته وحقه في تقرير مصيره لا يخضعان لمساومة أو تأجيل. إن الجنوب، الذي خرج من بين ركام الحروب والمؤامرات، يؤكد اليوم أنه مستند إلى شرعية نضاله وعدالة قضيته واعتراف العالم المتزايد بمركزيته في معادلة الأمن والاستقرار.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1