صمود استراتيجي.. كيف رسّخ المجلس الانتقالي الجنوبي مشروع الدولة واستعاد زمام المبادرة؟

الزبيدي
الزبيدي

يمثّل صمود المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء بن قاسم الزُبيدي أحد أكثر العوامل تأثيرًا في حماية مكتسبات الجنوب، وترسيخ مشروعه الوطني الهادف إلى استعادة الدولة كاملة السيادة.

 فمنذ تأسيس المجلس، اتّضح أن مسار العمل السياسي والعسكري لم يكن مجرد رد فعل على تحولات الحرب، بل مشروع متكامل يستند إلى رؤية واضحة تتقدم بثبات، مهما كانت التحديات ومحاولات الإرباك الداخلي والخارجي.

صمود تأسيسي.. جذور تتحول إلى مشروع دولة

منذ انطلاق المجلس في 2017، سعى خصومه للتقليل من قدرته على الثبات أو استدامة حضوره السياسي. إلا أن السنوات اللاحقة أثبتت أن المجلس الانتقالي لم يكن مجرد كيان سياسي عابر، بل حاملًا لمشروع شعبي واسع، يستند إلى قاعدة جماهيرية راسخة في مختلف محافظات الجنوب.

هذا الصمود لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة عمل منظم بُني على ثلاثة مرتكزات أساسية منها إرادة شعبية واضحة تطالب باستعادة الدولة وقيادة سياسية تمتلك رؤية طويلة المدى وقدرات عسكرية وأمنية تشكل مظلة حماية للمشروع الوطني.

وبفضل هذا البناء المتماسك، استطاع المجلس الانتقالي مواجهة الضغوط السياسية ومحاولات العزلة، ليصبح اليوم ممثلًا شرعيًا لقضية الجنوب وصوتًا لا يمكن تجاوزه في أي عملية سياسية.

قيادة الزُبيدي.. توازن بين الثبات والمرونة

أظهرت التجربة أن قيادة اللواء عيدروس الزُبيدي لعبت الدور الأكثر حسمًا في ترسيخ هذا الصمود. فبينما حاولت أطراف عديدة دفع المجلس إلى ردود فعل انفعالية أو صدامات سياسية، اعتمد الزُبيدي نهجًا متزنًا يقوم على تثبيت الحضور السياسي دون خسارة التحالفات والحفاظ على قضية الجنوب دون التورط في صراعات متشعبة وبناء شبكة تواصل إقليمية ودولية تعزز الموقف الجنوبي.

لقد نجحت هذه القيادة في تحويل المجلس من فاعلٍ محلي إلى طرف إقليمي حاضر في مشاورات الحل، ما مكنه من فرض رؤية الجنوب ضمن أي ترتيبات سياسية قادمة.

مكاسب سياسية يصعب تجاوزها

رغم محاولات إضعاف المجلس، أصبحت القضية الجنوبية اليوم بندًا ثابتًا في النقاشات الدولية حول مستقبل اليمن. لم يعد الجنوب مجرد ملف ثانوي، بل قضية سياسية لها تمثيلها الواضح ومرجعيتها المعترف بها.

ومن أبرز ما حققه صمود المجلس سياسيًا ترسيخ الاعتراف الدولي بالمجلس كطرف مؤثر وتقدم القضية الجنوبية ضمن خارطة الحل السياسي وتعزيز الموقع التفاوضي للجنوب وتثبيت حضور مؤسسات المجلس داخل وخارج الجنوب.

لقد أثبتت التجربة أن الصمود السياسي للمجلس كان نتيجة استراتيجية، لا نتيجة ظرف طارئ.

صمود عسكري.. قوات جنوبية تحمي الأرض والمجتمع

لم يكن العمل العسكري منفصلًا عن المسار السياسي، بل كان أحد أعمدة حماية المشروع الجنوبي. فقد تمكنت القوات الجنوبية، بدعم من المجلس الانتقالي، من تحقيق الأمن في المحافظات الجنوبية وتقليص نفوذ الجماعات الإرهابية والتصدي لمحاولات زعزعة الاستقرار أو خلق فراغات أمنية وحماية الحدود الجغرافية ومنع تهديد مسار التحرر الجنوبي.

هذا الأداء الأمني والعسكري لم يعزز فقط الاستقرار الداخلي، بل أسهم في رفع ثقة الإقليم والمجتمع الدولي بقدرة الجنوب على إدارة مناطقه واستعادة دولته المستقبلية.

الاستهداف المنظم.. واختبار الصمود الحقيقي

واجه المجلس الانتقالي في السنوات الماضية حملات سياسية وإعلامية وأمنية حاولت إضعاف بنيته الشعبية وتشويه مشروعه الوطني ة خلق انقسامات داخلية.

إلا أن المجلس تعامل مع هذه الحملات بثبات استراتيجي، ونجح في تحويل التحديات إلى نقاط قوة عبر إعادة تنظيم مؤسساته وتوسيع مشاركته في اتفاقات وشراكات محلية وإقليمية.

لقد فشل خصومه في استنزافه سياسيًا أو تفكيك حاضنته الشعبية، ما جعل صموده أكثر رسوخًا، ومشروعه أكثر قربًا من التحقق.

الحضور في الإقليم.. الجنوب لاعب لا يمكن تجاوزه

مع تطور المشهد اليمني، أصبح للمجلس الانتقالي الجنوبي حضور مؤثر في الملفات الإقليمية، خاصة تلك المرتبطة بأمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية. وقد بدت هذه المكانة واضحة في اتساع دائرة التواصل بين المجلس والعواصم الإقليمية ومشاركته في صياغة رؤى مشتركة حول مستقبل اليمن وإضفاء الشرعية السياسية على مطالب الشعب الجنوبي.

لقد بات الجنوب اليوم جزءًا من معادلات الأمن الإقليمي، وليس مجرد طرف داخلي.

مشروع الدولة.. الهدف الذي يحرك المشهد الجنوبي

صمود المجلس الانتقالي ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لحماية الطريق إلى استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. ويركز المجلس في رؤيته المستقبلية على بناء مؤسسات دولة مستقلة حديثة وترسيخ الهوية الوطنية الجنوبية وإعادة بناء الاقتصاد الجنوبي على أسس جديدة وتمكين المواطن الجنوبي من حقوقه السياسية والاجتماعية هذه الرؤية جعلت المجلس ليس فقط حركة سياسية، بل مشروع دولة كامل الأركان.

صمود يصنع المستقبل

لقد أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، أن الصمود يمكن أن يتحول إلى استراتيجية سياسية ناجحة تعيد ترتيب المشهد، وتصنع واقعًا جديدًا يتجاوز كل محاولات الإقصاء والتهميش.

اليوم، يبدو الجنوب أكثر قربًا من اللحظة التاريخية التي ينتظرها شعبه، وأكثر قدرة على فرض إرادته، وأكثر استعدادًا للانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة بناء الدولة.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1