حقيقة تاريخية: استعادة دولة الجنوب ليست خيارًا سياسيًا بل ضرورة مُلحّة

شعب الجنوب
شعب الجنوب

مع استمرار الصراع في البلاد وتزايد الدعوات للحل، يثبت مسار الأحداث عامًا بعد آخر أن أي حديث عن سلام شامل دون معالجة الأسباب العميقة للنزاع يظل مجرد طرح نظري بعيد عن الواقع. فمنذ اندلاع الأزمة، ظلت قضية شعب الجنوب تمثل جوهرًا أساسيًا في معادلة الاستقرار، ولا يمكن تجاوزها أو القفز عليها. 

يُنظر إلى هذه القضية باعتبارها أحد أهم مفاتيح الحل السياسي وأبرز القضايا التي حملت في طياتها تراكمات تاريخية وسياسية واجتماعية امتدت لعقود.

فشل الحلول الجزئية: درس من التجاهل التاريخي

لقد أثبتت التجارب المتكررة أن تجاهل حق الجنوب في استعادة دولته لم ينتج سوى مزيد من التوترات السياسية والميدانية. كما أن محاولات فرض أطر سياسية لا تعبر عن الإرادة الشعبية في الجنوب لم تحقق أي استقرار على الأرض، بل عمّقت الفجوة بين الأطراف وزادت من تعقيدات الأزمة.

ويشدد المجلس الانتقالي الجنوبي، في مختلف مواقفه وتصريحاته، على رؤيته الثابتة:

السلام العادل والمستدام لا يمكن أن يبدأ إلا بمعالجة جذور الأزمة التاريخية والسياسية، وليس بمحاولة معالجة أعراضها الظاهرة فقط.

قضية شعب الجنوب هي قلب المعادلة، ومن دون وضع حل واضح ومستدام لها، لن يكون لأي اتفاق سياسي قادم القدرة على الصمود أو تحقيق تطلعات الشعوب التواقة للأمن والتنمية.

استعادة الدولة: ضرورة إقليمية لضمان الأمن والتنمية

تتجاوز أهمية استعادة دولة الجنوب كونها مجرد خيار سياسي داخلي؛ بل هي ضرورة إقليمية حقيقية. يرى المجلس الانتقالي أن هذا التوجه يمثل الأساس الذي يمكن من خلاله:

بناء منظومة إقليمية مستقرة: تساهم في تثبيت الأمن في المنطقة وتقطع الطريق أمام دوائر الصراع الممتدة.

إدارة رشيدة للموارد: تضمن ترتيبات سياسية جديدة إدارة فعالة وعادلة للموارد، مما ينهي حالة التدهور الاقتصادي.

وقف التداخلات السابقة: وضع حد للتدخلات الخارجية والداخلية التي كانت سببًا في تعثر أي مسار سلمي سابق.

وبالتالي، فإن معالجة جذور الأزمة تتطلب مقاربة واقعية تستند إلى المتغيرات على الأرض وإلى الحقائق التاريخية التي سبقت عام 1990م، وليس إلى شعارات وحدوية تجاوزتها الوقائع والأحداث الدامية.

خلق بيئة سياسية متوازنة بالاعتراف بالحقوق

إن الاعتراف الكامل بالحق الجنوبي في تقرير المصير يسهم بشكل مباشر في خلق بيئة سياسية أكثر توازنًا وندّية في أي عملية تفاوضية مستقبلية.

عندما يتم الاعتراف بهذا الحق، تصبح كل الأطراف:

شريكة في صناعة مستقبلها: بعيدًا عن أي شعور بالهيمنة أو الإقصاء من طرف آخر.

قادرة على المساواة: يتم التفاوض بناءً على الحقوق الوطنية وليس على موازين القوة المؤقتة.

هذا التوازن يشكل ركيزة مهمة للوصول إلى سلام دائم ومستقر لا ينهار عند أول اختبار أو ضغط سياسي أو عسكري.

طريق السلام يمر عبر الجنوب

يظل التأكيد على أن طريق السلام الحقيقي في البلاد يمر عبر الجنوب هو خلاصة التجارب الماضية وواقع المتغيرات الحالية. لا يمكن لأي جهد دولي أن ينجح في إنهاء النزاع دون معالجة قضية الجنوب وفق حلول عادلة تضمن استعادة الدولة المستقلة.

ومن دون هذا الاعتراف الحاسم بهذه الحقيقة التاريخية والسياسية، سيظل النزاع يدور في دوائر مفرغة، وستفشل كل محاولات السلام. أما الاعتراف الصريح بحق الجنوب، فهو الخطوة الأولى نحو انتقال سياسي ناجح يفتح الباب لصناعة مستقبل مستقر وآمن يلبي تطلعات الجنوبيين والمنطقة بأسرها.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1