الليثي أمام المحك: هل ينجو المطرب الشعبي من "فخ التكرار" بعد نجاحه في الدراما الرمضانية؟
يُعد الفنان إسماعيل الليثي واحدًا من أبرز الأسماء التي لمعت في سماء الأغنية الشعبية المصرية الحديثة. لم يأتِ نجاحه وشهرته من فراغ، بل هو نتاج رحلة طويلة من الكفاح بدأت من أحياء الجيزة الشعبية، وتحديدًا حي إمبابة (مواليد 1989)، مرورًا بمشاركات مبكرة في الأفراح الشعبية، وصولًا إلى أن أصبح صوته علامة مميزة لتترات أشهر المسلسلات الدرامية التي تحقق أعلى نسب مشاهدة.
نجح الليثي في دمج اللون الشعبي الأصيل بلمسة عصرية، ليخلق قالبًا فنيًا يجد فيه الجمهور بجميع شرائحه صدى لتفاصيل حياتهم اليومية. يهدف هذا التقرير إلى استعراض مسيرته الفنية، وتحليل أبرز المحطات التي نقلته من مطرب محلي إلى نجم شباك تترات المسلسلات، وأهم أعماله التي رسخت اسمه في المشهد الفني المصري.
من إمبابة إلى دار الأوبرا: سنوات التكوين الفني
بدأ إسماعيل الليثي شغفه بالغناء في سن مبكرة جدًا، حيث تشير بعض المصادر إلى أنه كان يغني وهو في سن العاشرة. كانت بداياته في الكورال بـ "مركز شباب إمبابة"، ومن ثم انتقل إلى التدريب في أماكن فنية مرموقة مثل دار الأوبرا المصرية، مما يدل على اهتمامه بصقل موهبته الصوتية بدراسة وعمق، وليس فقط بالاعتماد على الموهبة الفطرية.
لم تكن رحلة الليثي سهلة؛ فقد عمل في مهن مختلفة، منها قيادة "التوك توك"، لجمع المال اللازم لتسجيل أولى أغانيه الخاصة. هذه الخلفية الكفاحية أثرت بعمق في طبيعة أغانيه التي تتميز بالصدق والبساطة وتلامس قضايا "أولاد البلد" وعمق التراث الشعبي. هذا الجهد المبذول دفع الناقد الموسيقي الكبير حلمي بكر إلى الإشادة بصوته، مشيرًا إلى أنه "فاهم غنا وموال"، وهو شهادة فنية تُحسب في مسيرته.
البصمة الدرامية: إسماعيل الليثي وتترات المسلسلات
تُعد المشاركة في الدراما التلفزيونية نقطة التحول الكبرى في مسيرة إسماعيل الليثي. فمن خلال غنائه لتترات مسلسلات حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، تحول صوته إلى جزء أصيل من الذاكرة الفنية للجمهور في مواسم رمضان الدرامية. من أبرز هذه الأعمال:
مسلسل "ابن حلال" (2014): كانت هذه إحدى بدايات الليثي القوية التي ربطت بين صوته والدراما الاجتماعية، محققًا انتشارًا واسعًا.
مسلسل "نسر الصعيد" (2018): حيث قدم الليثي أغاني لاقت رواجًا كبيرًا، لتعزز مكانته كمطرب مطلوب في سياق الأعمال الدرامية الضخمة.
مسلسل "جعفر العمدة" (2023): غنى تتر "أنا كبيرها"، الذي حقق نجاحًا ساحقًا وتداولًا غير مسبوق، ليصبح تتر المسلسل جزءًا لا يتجزأ من هوس الجمهور بالعمل.
أغاني الليثي في المسلسلات تتميز بالقدرة على تلخيص جوهر العمل الدرامي والمشاعر المتضاربة فيه، سواء كانت فخرًا أو حزنًا أو كفاحًا، مما يجعله الخيار الأمثل للمنتجين الذين يبحثون عن صوت شعبي قوي ومعبر.
الأغاني والأفلام: بصمات راسخة في المشهد الفني
لم يقتصر نجاح إسماعيل الليثي على التترات، بل قدم العديد من الأغاني الشعبية المنفردة والأغاني الخاصة بالأفلام التي رسخت اسمه في ذاكرة الجمهور:
"أمان يا صاحبي": تعتبر هذه الأغنية من أيقونات الليثي التي حققت ملايين المشاهدات، واشتهرت بعد ظهورها في فيلم يحمل نفس الاسم (2017). الأغنية تُجسد روح الصداقة والجدعنة في البيئة الشعبية.
"يا تهدي يا تعدي": أغنية سينمائية أخرى لاقت استحسان الجمهور.
"جدو نحنوح" و"عنتر وبيسة": أغاني شارك بها الليثي في أفلام شعبية، ما أكسبه انتشارًا سينمائيًا.
الليثي ليس مجرد مؤدٍ، بل يتميز بصوته القوي القادر على أداء "الموال" ببراعة، وهو ما أكده النقاد. قدرته على المزج بين الإيقاعات الراقصة والكلمات المعبرة عن هموم الناس، جعله يُحافظ على جمهوره الشعبي الأساسي، وفي الوقت ذاته يجذب الشباب والمتابعين للدراما.
مطرب الشعب بصوت العصر
يُمثل إسماعيل الليثي نموذجًا للمطرب الشعبي الذي استطاع أن يتكيف مع متطلبات السوق الفني والإعلامي الحديث دون التخلي عن جذوره. لقد حول الكفاح إلى أغنية، والخبرات اليومية إلى موال، حتى أصبح صوته ضيفًا دائمًا على شاشات التلفزيون وفي الأفراح وعلى منصات الاستماع الرقمية.
إن مسيرة الليثي دليل على أن الأغنية الشعبية لا تزال قادرة على التطور والاستمرار، وأن مطرب الشعب الحقيقي هو من يستطيع التعبير عن نبض الشارع بصدق وقوة. من خلال أدائه المميز في تترات المسلسلات ونجاح أغانيه الشعبية، يُؤكد إسماعيل الليثي مكانته كأحد النجوم المؤثرين في المشهد الغنائي المصري المعاصر.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
