التعليم الجنوبي.. بصمة إماراتية تصنع المستقبل
تمثل جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم منظومة التعليم في الجنوب نموذجًا متفرّدًا في العمل الإنساني والتنموي، إذ امتدت أياديها البيضاء إلى كل محافظات الجنوب لتعيد للأجيال حقهم في التعليم، بعد سنوات طويلة من الإهمال والدمار الذي خلفته الحروب والصراعات.
فلم يكن الدعم الإماراتي عملًا عابرًا أو موسميًا، بل مشروعًا متكاملًا يستهدف بناء الإنسان الجنوبي وتنمية قدراته ليكون شريكًا فاعلًا في صناعة مستقبل مزدهر وآمن، قائم على المعرفة والعلم والعمل.
التعليم.. أولوية إماراتية منذ البداية
منذ انطلاق تدخلها الإنساني في الجنوب، أولت دولة الإمارات قطاع التعليم اهتمامًا خاصًا، باعتباره حجر الأساس لبناء المجتمعات المستقرة والمتقدمة.
فقد تبنّت برامج شاملة لإعادة تأهيل المدارس المتضررة، وترميم المئات من الفصول الدراسية في مختلف المحافظات الجنوبية، وتزويدها بالمستلزمات التعليمية الحديثة، من أثاث ومختبرات علمية ووسائل تكنولوجية حديثة.
كما شملت الجهود توزيع الحقائب والأدوات المدرسية على آلاف الطلاب، وتوفير الدعم اللوجستي للمؤسسات التربوية في المناطق الريفية والنائية التي كانت محرومة من أبسط الخدمات التعليمية.
بناء الإنسان قبل البنيان
تميز النهج الإماراتي في دعمه للتعليم الجنوبي بتركيزه على الجانب البشري إلى جانب البنية التحتية.
فقد عملت المؤسسات الإماراتية، مثل الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، على تدريب وتأهيل الكوادر التربوية ورفع كفاءتها المهنية، إلى جانب دعم تطوير المناهج التعليمية لتواكب احتياجات العصر ومتطلبات التنمية.
كما نظمت الإمارات حملات واسعة لمكافحة التسرب المدرسي، خصوصًا في المناطق الريفية والمجتمعات الفقيرة، حيث ساعدت هذه المبادرات على عودة آلاف الأطفال إلى مقاعد الدراسة بعد سنوات من الانقطاع.
هذه الجهود لم تعكس فقط التزام الإمارات الأخلاقي والإنساني، بل جسّدت رؤية استراتيجية تؤمن بأن التعليم هو السلاح الأقوى لبناء الأوطان وتحقيق الأمن والاستقرار.
أثر ملموس على المجتمع الجنوبي
ساهم الدعم الإماراتي في استقرار العملية التعليمية بشكل كبير، وهو ما انعكس إيجابًا على الحالة الاجتماعية والاقتصادية في الجنوب.
فقد أصبحت المدارس اليوم فضاءات آمنة للأطفال، تبعدهم عن مخاطر التجنيد المبكر والتطرف والعنف، وتعيد إليهم براءة الطفولة التي سلبتها سنوات الحرب.
كما أتاح التعليم للفتيات فرصًا حقيقية للتمكين والمشاركة في الحياة العامة، بعد أن كانت كثير من المناطق تحرم الإناث من حق التعلم.
وباتت الفتيات اليوم يواصلن تعليمهن في مدارس تم ترميمها وتجهيزها بدعم إماراتي، في مشهد يعكس تحولًا ثقافيًا وإنسانيًا عميقًا في المجتمع الجنوبي.
التعليم بوابة الأمن والاستقرار
لا يمكن فصل التعليم عن الأمن، فكلما توسعت رقعة التعليم، تقلصت مساحة الجهل والتطرف.
وقد أدركت الإمارات هذه الحقيقة مبكرًا، فوضعت التعليم في قلب استراتيجيتها التنموية في الجنوب، إدراكًا منها بأن بناء الإنسان المتعلم هو الضمانة الأهم لحماية الاستقرار وترسيخ السلام الدائم.
كما ساهم دعم الإمارات في ترسيخ قيم التسامح والانفتاح، إذ أصبحت المدارس والمراكز التعليمية منابر لنشر الوعي الوطني والتعايش، ما يعزز وحدة النسيج الاجتماعي في الجنوب.
مشاريع تنموية متكاملة
ترافق الاهتمام الإماراتي بالتعليم مع مشاريع خدمية وتنموية داعمة، كإعادة تشغيل الكهرباء والمياه وتأهيل الطرق المؤدية إلى المدارس والمناطق الريفية.
هذه المشاريع المتكاملة خلقت بيئة تعليمية ومجتمعية مستقرة، مكّنت آلاف الأسر من استعادة حياتها الطبيعية.
ففي كل مدرسة رمّمتها الإمارات، وفي كل فصل دراسي أُعيد تأهيله، كانت هناك رسالة واضحة مفادها أن التنمية لا تُبنى على الأنقاض، بل على الإيمان بالإنسان وقدرته على التغيير والبناء.
استثمار طويل الأمد في العقول
ما تقدمه دولة الإمارات اليوم في الجنوب العربي يتجاوز المساعدات التقليدية إلى استثمار طويل الأمد في بناء العقول وتنمية الوعي الوطني.
فهي لا تزرع فقط مدارس ومباني، بل تغرس قيمًا في عقول الأجيال الجديدة: قيم العمل والعلم والانتماء والولاء للوطن.
هذا الاستثمار المعرفي يُعدّ أحد أهم ركائز تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، وهو ما يميز التجربة الإماراتية عن غيرها من نماذج الدعم الإغاثي في المنطقة.
نموذج يحتذى به في المنطقة
أثبتت التجربة الإماراتية في الجنوب أن التنمية الحقيقية لا تتحقق بالسلاح أو الخطابات، بل ببناء الإنسان وتمكينه من أدوات العلم والمعرفة.
وقد أصبح الجنوب اليوم يشهد تحولًا تنمويًا ملحوظًا بفضل تلك المشاريع التعليمية، التي أعادت الثقة للمجتمع وأطلقت طاقات شبابه نحو العمل والإنتاج والإبداع.
هذا النموذج الإماراتي الإنساني بات محطّ تقدير عربي ودولي، لما يحمله من رؤية متكاملة تربط بين الإغاثة والتنمية والتعليم، وبين الحاضر والمستقبل.
إن الدعم الإماراتي للتعليم في الجنوب هو أكثر من مجرد مبادرة إنسانية، إنه مشروع وطني وتنموي شامل يسعى لبناء الإنسان قبل البنيان، وترسيخ قيم العلم والمعرفة كطريقٍ للسلام الدائم.
وبينما تتوالى الإنجازات في مختلف المحافظات الجنوبية، يظل التعليم العنوان الأبرز في سجل العطاء الإماراتي، والدليل الأوضح على أن طريق الاستقرار يبدأ من بناء المدارس والعقول، لا من ساحات الصراع والحروب.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
