الممر.. فيلم وطني جسّد روح التحدي من الهزيمة إلى النصر

فيلم الممر
فيلم الممر

لم يكن فيلم "الممر" مجرد عمل وطني تقليدي يتناول نكسة 1967 أو انتصارات أكتوبر 1973 كما اعتادت السينما المصرية، بل جاء كوثيقة فنية وتاريخية تسلط الضوء على مرحلة حرب الاستنزاف، تلك الفترة الفاصلة بين الهزيمة والنصر، التي شكّلت اللبنة الأولى في استعادة كرامة الجيش المصري وبناء قوته من جديد.

الفيلم، الذي أخرجه شريف عرفة وشارك في بطولته أحمد عز وإياد نصار وأحمد رزق وهند صبري، استطاع أن يعيد إلى الشاشة روح الصمود والتحدي التي عاشها المصريون بعد نكسة يونيو، مقدّمًا ملحمة درامية تجمع بين الحقيقة والخيال، وتعكس وجدان الأمة في أكثر مراحلها حساسية.

بين النكسة والاستنزاف.. توثيق مرحلة منسية في التاريخ

سلّط فيلم "الممر" الضوء على فترة ما بعد نكسة 67، حين عاش المصريون جرح الهزيمة، وبدأت الدولة في إعادة بناء القوات المسلحة معنويًا وتسليحيًا. تلك المرحلة التي سُميت بـ حرب الاستنزاف، شهدت عمليات نوعية بطولية نفذها جنود مصريون ضد العدو الإسرائيلي على طول الجبهة.

ركز الفيلم على التحوّل النفسي والوطني في وجدان الجندي المصري، من الإحباط إلى الثأر، ومن الانكسار إلى النهوض، ليجسد معادلة الإرادة المصرية في مواجهة الهزيمة، تمامًا كما حدث على أرض الواقع قبل انتصار أكتوبر العظيم عام 1973.

قصة الفيلم وأبطال العمل

تدور أحداث فيلم "الممر" حول المقدم نور، أحد ضباط الجيش المصري الذين عاشوا مرارة النكسة، لكنه يقرر خوض معركة الثأر مع مجموعة من الجنود لتنفيذ عملية فدائية ضد قوات الاحتلال. جسّد الفنان أحمد عز هذا الدور ببراعة لافتة، مقدّمًا شخصية تجمع بين الإنسانية والبطولة، في أداء يعتبره النقاد أحد أبرز أدواره السينمائية.

شارك في بطولة الفيلم مجموعة كبيرة من النجوم منهم: إياد نصار، الذي لعب دور الضابط الإسرائيلي بمهارة، وأحمد رزق الذي أضفى لمسة إنسانية كوميدية على العمل، إلى جانب هند صبري، ومحمد فراج، وأسماء أبو اليزيد، ومحمود حافظ.
ساهم تنوع الشخصيات في تجسيد ملامح المجتمع المصري في تلك الفترة، بين المدني والعسكري، وبين الألم والأمل.

فيلم الممر يخلّد بطولات مجهولة

مع عرض فيلم "الممر"، اتجهت أنظار الجمهور إلى العمليات الحقيقية التي استوحى منها العمل أحداثه. فقد كانت السينما المصرية لسنوات طويلة تركز على انتصار أكتوبر فقط، بينما تجاهلت التضحيات الجبارة التي سبقت هذا النصر.
كشف الفيلم عن بطولات مجهولة لجنود وضباط نفذوا عمليات استنزاف العدو بعد النكسة، ممهّدين الطريق لعودة الكرامة الوطنية.

وبحسب مؤلف الفيلم، فإن العديد من المشاهد مستوحاة من قصص واقعية لعمليات فدائية، تم تنفيذها داخل سيناء خلال سنوات الاستنزاف. وهو ما جعل الجمهور يشعر أن الفيلم أقرب إلى الواقع التاريخي منه إلى الدراما المتخيلة.

نجاح جماهيري ورسالة وعي وطني

حقق فيلم "الممر" نجاحًا جماهيريًا غير مسبوق، سواء في شباك التذاكر أو بعد عرضه على شاشات التلفزيون، حيث حظي بنسبة مشاهدة ضخمة، خصوصًا أثناء بثه في المناسبات الوطنية.
وتحوّلت مشاهد الفيلم إلى رموز للفخر الوطني، يتداولها المصريون على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن العمل استطاع أن يعيد للأذهان روح الوحدة بين الشعب والجيش.

لم يكن نجاح الفيلم في الأداء الفني فقط، بل في قدرته على إحياء المشاعر الوطنية في نفوس الأجيال الجديدة، التي لم تعاصر فترات الحروب، لتتعلم أن النصر لم يكن هدية، بل ثمرة صبر وتضحيات طويلة.

رسالة الممر تتجاوز الفن

تجاوز فيلم "الممر" حدود كونه فيلمًا سينمائيًا إلى كونه رسالة وعي وطني تعيد التذكير بأهمية الدفاع عن الوطن في مواجهة التحديات. فقد أكد المخرج شريف عرفة في تصريحات إعلامية أن الهدف من الفيلم هو "أن يعرف الجيل الجديد كيف انتصرنا، وكيف صمد المصريون بعد الهزيمة، لأن المعركة لم تكن فقط بالسلاح، بل بالإرادة والعزيمة".

كما اعتبر نقاد السينما الفيلم بمثابة نقطة تحول في الدراما الوطنية الحديثة، لأنه أعاد تقديم الحرب المصرية الإسرائيلية بمنظور إنساني واقعي، بعيدًا عن الخطابات التقليدية أو الشعارات المباشرة.

تأثير الممر على السينما المصرية

فتح فيلم "الممر" الباب أمام عودة الأعمال الوطنية الكبرى إلى الساحة السينمائية، بعد سنوات من الغياب. وأصبح نموذجًا يحتذى به في الجمع بين الجودة الفنية والرسالة الوطنية، مما شجّع شركات الإنتاج على الاستثمار في هذا النوع من الأفلام التي تعزز قيم الانتماء والهوية.

كما أعاد الفيلم للمشاهد المصري الثقة في قدرة السينما الوطنية على منافسة الإنتاج العالمي من حيث الإبهار البصري والتقنيات المستخدمة، إذ تم تنفيذ مشاهد المعارك بتقنيات تصوير متقدمة، ومؤثرات بصرية تضاهي الأفلام الحربية العالمية.

الممر.. ملحمة وعي وبطولة

يمكن القول إن فيلم "الممر" لم يكن مجرد حكاية عن الحرب، بل رحلة وعي وذاكرة وطنية تستدعي من المصريين إدراك حجم التضحيات التي مهدت لطريق النصر.
الفيلم جمع بين التوثيق الفني والعاطفة الوطنية، ليُعيد سرد لحظة تاريخية غابت عن الأذهان، ويذكّر الأجيال بأن الهزيمة ليست نهاية الطريق، بل بداية لصناعة النصر.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1