يوم اللغة المهرية.. الجنوب يحتفي بهويته الأصيلة وتنوعه الثقافي
مع إحياء الجنوب لذكرى يوم اللغة المهرية، تتجدد الرسالة الواضحة بأن الجنوب ليس مجرد رقعة جغرافية على خارطة المنطقة، بل هو وطن كامل الملامح والهوية، يمتلك خصوصيته الثقافية والتاريخية والإنسانية التي تشكل ركيزة أساسية لوجوده واستقراره. هذا اليوم لا يرمز فقط إلى لغة ضاربة في عمق التاريخ، بل إلى هوية وطنية متجذّرة قاومت محاولات الطمس والتهميش، ونجحت في أن تفرض حضورها الثقافي والسياسي في المشهد الجنوبي والعربي على حد سواء.
الجنوب.. وطن التنوع والوحدة
يمتاز الجنوب بتنوعه الجغرافي الممتد من المهرة شرقًا إلى عدن غربًا، ومن سواحل بحر العرب إلى أعماق الجبال والوديان، ما جعله مزيجًا حضاريًا وإنسانيًا فريدًا. هذا الامتداد الجغرافي صاغ تنوعًا بشريًا واجتماعيًا ظل على مرّ العصور عامل وحدة وقوة، وليس مصدر خلاف أو انقسام.
ففي الجنوب، تتكامل المكونات الاجتماعية والثقافية في نسيج وطني واحد، يجمع بين الأصالة والتجدد، وبين الانتماء للماضي والإيمان بالمستقبل.
الهوية الجنوبية.. عدالة ومواطنة متساوية
استطاع أبناء الجنوب عبر مراحل التاريخ الحديث والمعاصر أن يبلوروا هوية وطنية واضحة المعالم تقوم على أسس العدالة والمواطنة المتساوية، بعيدًا عن أي تمييز أو إقصاء.
فمن المهرة إلى شبوة وعدن وحضرموت وأبين ولحج والضالع، ظل الجنوبيون شركاء في بناء وطنهم، وتشكيل وعي جمعي يقوم على المساواة بين الجميع، دون تفريق على أساس الدين أو اللون أو العرق أو المذهب أو اللغة أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي والفكري.
وهذا التنوّع القيمي هو ما جعل الجنوب نموذجًا فريدًا في المنطقة، يحتفي بالاختلاف ويعتبره قوة دافعة نحو التقدم.
اللغة المهرية.. ذاكرة الجنوب الحية
تعد اللغة المهرية واحدة من أقدم اللغات السامية الحية في العالم، وأحد أهم رموز الهوية الثقافية الجنوبية. فوجودها الممتد عبر آلاف السنين يجعلها شاهدًا على أصالة الجنوب وتاريخه العريق، وركيزة أساسية في تشكيل ملامح الوعي الجمعي لأبنائه.
اللغة المهرية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء حضاري يحمل في طياته الموروث الشعبي والقيم الإنسانية والعادات الاجتماعية، وينقلها من جيل إلى آخر. ومن خلال الحفاظ على هذه اللغة، يحافظ الجنوبيون على ذاكرتهم التاريخية التي تمتد إلى جذور حضارات قديمة في جنوب الجزيرة العربية.
الحفاظ على التراث اللغوي والثقافي
إن الاهتمام المتزايد باللغة المهرية وغيرها من مكونات التراث الجنوبي ليس مجرد احتفاء رمزي، بل هو تعبير عن وعي جماعي متنامٍ بأهمية الهوية الثقافية.
فالجنوب يدرك أن الهوية الوطنية الجامعة تُبنى على احترام التعددية وصون التنوع، وليس على طمس الفوارق أو تهميش أحد. ولذلك، جاءت مبادرات ثقافية وأكاديمية عديدة في السنوات الأخيرة تهدف إلى توثيق اللغة المهرية ودراستها وتعليمها للأجيال الجديدة، من أجل ضمان استمرارها كجزء من هوية الجنوب الأصيلة.
وقد ساهمت الجامعات والمراكز البحثية في تنظيم ندوات وورش عمل حول اللغة المهرية، إلى جانب إنتاج كتب ومراجع علمية تعيد الاعتبار لهذا الموروث اللغوي النادر.
التنوع الثقافي الجنوبي.. مصدر قوة واعتزاز
يتميز الجنوب العربي بتنوع ثقافي استثنائي يجمع بين اللهجات والعادات والموسيقى والأزياء والفنون الشعبية. هذا التنوع لم يكن يومًا عامل انقسام، بل شكل رافدًا أساسيًا لبناء وطن موحّد وقوي.
فمن حضرموت بثقافتها التجارية والعلمية، إلى المهرة بتراثها اللغوي العريق، ومن عدن بتاريخها الحضاري المفتوح على العالم، إلى شبوة وأبين والضالع بثقافاتها الأصيلة، يشكل الجنوب لوحة متكاملة من الوحدة في التنوع.
هذا الانسجام الاجتماعي والثقافي أسهم في ترسيخ مفهوم الانتماء الجنوبي الجامع، الذي يقوم على المشاركة والمواطنة، لا على الانتماءات الضيقة.
يوم اللغة المهرية.. احتفاء بالهوية والإنسان
في كل عام، ومع حلول يوم اللغة المهرية، يتجدد التأكيد على أن الجنوب ليس مجرد جغرافيا أو حدود سياسية، بل هو وطن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وطن يعتز بمكوناته الثقافية ويحتفي بإنسانه وتاريخه.
هذه المناسبة تحمل رسالة قوية مفادها أن التمسك بالهوية الثقافية واللغوية هو أحد أهم عوامل الصمود والبقاء، وأن الاعتراف بالتنوع واحترامه هو السبيل لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا.
كما تبرز في هذه الذكرى جهود أبناء المهرة في الحفاظ على لغتهم وتراثهم، وحرصهم على أن تكون اللغة المهرية رمزًا لوحدة الجنوب وتنوعه في آنٍ واحد.
الجنوب.. وطن العدالة والانتماء المشترك
من خلال هذا اليوم، يوجه الجنوب رسالة للعالم بأنه وطن عادل يتسع للجميع، يمنح مواطنيه حقوقهم كاملة دون تمييز، ويؤمن بأن العدالة والمساواة هما الأساس الحقيقي لبناء دولة مستقرة ومزدهرة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة صراعات وهويات متنازعة، يقدم الجنوب نموذجًا وطنيًا فريدًا يجمع بين الأصالة والانفتاح، وبين التعددية والوحدة، في إطار هوية جامعة تحفظ الجميع.
الجنوب وطن متكامل الهوية والمستقبل
إن إحياء يوم اللغة المهرية ليس مجرد احتفال ثقافي، بل هو تجسيد حيّ لهوية الجنوب العميقة التي تمتد بجذورها إلى التاريخ، وتتجلى في تنوعها اللغوي والاجتماعي والحضاري.
لقد أثبت الجنوبيون أنهم شعب موحّد رغم اختلاف الانتماءات، وأنهم يؤمنون بأن التنوع هو الثروة الحقيقية لأي وطن يسعى إلى النهوض.
اللغة المهرية ستبقى رمزًا لهذا التنوع الخلّاق، وعنوانًا للهوية الجنوبية التي تستمد قوتها من أصالتها وقدرتها على التعايش والتجدد.
وفي كل عام، يتجدد العهد بأن الجنوب سيظل وطن العدالة والمواطنة والمساواة، وطن يحتضن أبناءه كافة، ويصوغ مستقبله المشترك على أسس من الحرية والكرامة والانتماء الأصيل.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
