يوم اللغة المهرية.. ذاكرة الجنوب وهوية متجذرة
يُحيي أبناء الجنوب، يوم الخميس 2 أكتوبر، فعالية "يوم اللغة المهرية"، وهو تقليد سنوي يعكس اعتزاز شعب الجنوب، وفي مقدمتهم أبناء محافظة المهرة، بواحدة من أعرق اللغات السامية. ويأتي هذا الحدث كتجديد للعهد مع الهوية الثقافية المتجذرة التي ظلت راسخة في الوجدان الجمعي رغم تحديات الزمن.
اللغة المهرية.. إرث حضاري ثمين
اللغة المهرية ليست مجرد وسيلة للتخاطب، بل هي وعاء غني بالذاكرة والتاريخ، تحمل في طياتها مفردات وأساليب تعبيرية متفردة توثق حياة الإنسان الجنوبي وتفاعله مع بيئته عبر العصور. وتحولت مع مرور الوقت إلى رمز جامع يجسد أصالة أبناء المهرة خاصة، وأبناء الجنوب عامة، باعتبارها تراثًا حضاريًا يعكس تنوع الثقافة الجنوبية وثراءها.
جذور ضاربة في التاريخ
تعود أصول اللغة المهرية إلى عصور ما قبل انتشار العربية الفصحى، وهو ما يجعلها إحدى اللغات السامية النادرة التي احتفظت بخصوصيتها حتى يومنا هذا. هذا الامتداد التاريخي الطويل جعلها شاهدًا حيًا على حضارة الجنوب القديمة، ورمزًا يربط الماضي بالحاضر.
رسالة وفاء في مواجهة التحديات
في ظل ما يشهده العالم من تراجع لغات محلية واختفاء الكثير منها، يحرص الجنوبيون على الاحتفاء بيوم اللغة المهرية للتأكيد على أنها ستظل حاضرة في الوعي الجمعي مهما تغيرت الظروف. ويُنظر إلى هذه الخطوة كرسالة وفاء للأجداد وتضحياتهم، وضمانة لصون الهوية للأجيال القادمة.
الزُبيدي والاهتمام بالتراث الجنوبي
تولي القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة باللواء عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اهتمامًا خاصًا بالهوية الثقافية والتراث، وفي القلب منه الموروث المهرّي. وقد شدد الزُبيدي في أكثر من مناسبة على أن حماية هذا الإرث واجب وطني يعزز الانتماء للأرض والتاريخ، ويرسخ الوحدة الوطنية على قاعدة التنوع الثقافي.
دور الباحثين والأكاديميين
يمثل يوم اللغة المهرية فرصة مهمة للباحثين والأكاديميين لتسليط الضوء على الجهود المبذولة في سبيل توثيق اللغة ودعم المبادرات الساعية إلى تدريسها للأجيال الجديدة. كما يشكل دعوة صريحة لإعادة إدراجها ضمن البرامج الثقافية والإعلامية والمناهج التعليمية، بما يحفظها من الاندثار ويضمن استمراريتها.
المهرة.. ركيزة التنوع الجنوبي
محافظة المهرة، بما تحمله من لغة فريدة وتاريخ عريق وموروث حضاري غني، تعد ركيزة أساسية في لوحة التنوع الجنوبي. فهي تعكس صورة الجنوب المتعدد الثقافات، والمتحد في الوقت نفسه تحت راية الهوية الوطنية الجامعة. ومن هنا يأتي الاحتفاء بيوم اللغة المهرية كجزء من المشروع الوطني الجنوبي الهادف إلى استعادة الدولة وبناء مستقبل يعتز بجذوره.
الوعي الشعبي الجنوبي
ما يميز هذا اليوم أن الاحتفاء به لا يقتصر على الجانب الرسمي أو الثقافي فحسب، بل يحظى بتفاعل شعبي واسع من مختلف فئات المجتمع. إذ يرى الجنوبيون أن الحفاظ على لغتهم وتراثهم هو جزء من الحفاظ على وجودهم وهويتهم، ويؤكدون أن اللغة المهرية ستبقى حية بفضل تعلق أبنائها بها وتوارثها جيلًا بعد جيل.
اللغة والهوية.. علاقة وجودية
يؤكد إحياء هذا اليوم أن اللغة ليست أداة تواصل فحسب، بل هي جسر يربط الأجيال ووعاء للذاكرة الجماعية. ومن ثم، فإن حماية اللغة المهرية تعني حماية الهوية الجنوبية، وضمان استمرار حضورها في الوعي الوطني كأحد أعمدة القوة الناعمة التي تميز الجنوب عن غيره.
إن "يوم اللغة المهرية" مناسبة تحمل أبعادًا وطنية وثقافية وإنسانية، تعكس حرص الجنوب على صون تراثه والوفاء لجذوره التاريخية. فاللغة المهرية ستظل رمزًا للأصالة والهوية، وركيزة للتنوع الثقافي الذي يفخر به أبناء الجنوب، ومصدر إلهام لمشروعهم الوطني في بناء دولتهم المنشودة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
