صمود الجنوب.. درع حصين في مواجهة الفوضى والتحديات
يمثل صمود الجنوب إحدى الركائز الجوهرية التي حالت دون تمكين قوى الفوضى من تحقيق مآربها خلال السنوات الماضية. فبرغم ما يواجهه الجنوب من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية متشابكة، فإنه ظل ثابتًا على مواقفه الوطنية، وأثبت أنه قادر على التماسك والوقوف صفًا واحدًا أمام محاولات النيل من إرادته وحقوقه المشروعة.
الهوية الجنوبية.. جدار الحماية الأول
يرجع هذا الصمود في جوهره إلى عوامل متداخلة، أبرزها قوة الهوية الجنوبية المتجذرة في وعي الشعب، والتي تشكل عنصرًا أساسيًا في تحصين المجتمع ضد مشاريع الاختراق والتفتيت. فالوعي الجمعي الجنوبي يقوم على إيمان عميق بعدالة قضيته التحررية، وعلى إرادة صلبة في الدفاع عن الأرض والهوية والمقدرات الوطنية.
لقد أدرك الجنوبيون منذ وقت مبكر أن التمسك بهويتهم يمثل خط الدفاع الأول ضد أي محاولات لطمس وجودهم أو تفكيك نسيجهم الاجتماعي، ولهذا كان وعيهم عصيًا على محاولات الاستهداف المتكررة.
الصمود خيار استراتيجي
لم يكن صمود الجنوب مجرد رد فعل عابر على أحداث طارئة، بل تحول إلى مسار استراتيجي ثابت ساهم في كبح جماح القوى المعادية التي حاولت مرارًا استخدام أدوات الفوضى لإضعاف الموقف الجنوبي. ومع كل موجة استهداف، كان الجنوب يبرهن أن وحدته الداخلية تمثل السلاح الأقوى لمواجهة المؤامرات وتجاوز التحديات.
هذا الثبات الاستراتيجي أعاد تشكيل معادلة الصراع، حيث باتت قوى الفوضى عاجزة عن فرض أجندتها في ظل وجود مجتمع متماسك يقف خلف مشروع وطني واضح المعالم.
دور المجلس الانتقالي الجنوبي
تتجلى أهمية المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الممثل السياسي للشعب الجنوبي وحامل تفويضه الوطني. فمنذ تأسيسه، اضطلع المجلس بدور محوري في تنظيم الصفوف وتوحيد الكلمة، وتحويل التضحيات الشعبية إلى مسار سياسي منظم قادر على التعبير عن إرادة الجنوبيين في المحافل الإقليمية والدولية.
وقد أدركت القوى المعادية أن الجنوب عندما يلتف حول قيادة موحدة يصبح عصيًا على الكسر أو الإخضاع، لذلك تعمد هذه القوى تغذية التباينات الداخلية وصناعة الأزمات لإضعاف الإرادة الشعبية. إلا أن المجلس الانتقالي استطاع، عبر بناء مؤسسات سياسية وأمنية واجتماعية، أن يعزز مناعة الجنوب ويحبط مشاريع التفتيت.
الدعم الشعبي.. صمام أمان
يُعد الدعم الشعبي الواسع للمجلس الانتقالي انعكاسًا مباشرًا لإدراك المواطنين لأهمية الاصطفاف حول قيادة سياسية قادرة على حماية مكتسباتهم وصون تطلعاتهم المستقبلية. فالثقة التي يمنحها الشعب لقيادته تمثل رصيدًا استراتيجيًا يضاعف قدرة الجنوب على مواجهة الضغوط، ويؤكد أن المشروع الوطني الجنوبي يستند إلى قاعدة جماهيرية صلبة.
إن هذا الالتفاف الشعبي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة لسنوات من النضال والتضحيات التي قدمها أبناء الجنوب دفاعًا عن حقهم في تقرير المصير وبناء دولتهم المنشودة.
التحديات الأمنية والاقتصادية
لا يمكن إنكار أن الجنوب يواجه تحديات مركبة، في مقدمتها التحديات الأمنية الناتجة عن محاولات القوى المعادية زرع الفوضى عبر تغذية النزاعات القبلية أو دعم جماعات مسلحة لإرباك المشهد. كما يواجه تحديات اقتصادية صعبة نتيجة سياسات ممنهجة تهدف إلى إنهاك المجتمع الجنوبي وإضعاف قدرته على الصمود.
ومع ذلك، أثبتت التجارب أن الجنوب قادر على التكيف مع هذه التحديات عبر تعزيز تماسكه الداخلي، وإطلاق مبادرات تعزز الأمن والاستقرار، إلى جانب مساعي المجلس الانتقالي في توسيع دائرة التواصل الدبلوماسي لجلب الدعم الدولي لقضيته.
وحدة الصف الجنوبي
إن الحفاظ على وحدة الصف يمثل الضمانة الأهم لاستمرار الصمود. فالتجارب أظهرت أن أي اختراق داخلي يفتح الباب واسعًا أمام القوى المعادية لتأجيج الفوضى. ومن هنا، فإن تمسك الجنوبيين بخيار الاصطفاف الوطني خلف قيادتهم السياسية يعد ضرورة وجودية لحماية مكتسباتهم.
كما أن إحياء قيم التضامن والتكاتف داخل المجتمع الجنوبي يعزز الروح الوطنية، ويحول دون نجاح أي محاولات تهدف إلى إضعاف الجبهة الداخلية.
الجنوب بين مشروعين
يقف الجنوب اليوم في مواجهة مباشرة مع مشروعين متناقضين:
المشروع الوطني الجنوبي القائم على الاستقرار والتنمية وبناء مؤسسات الدولة.
مشاريع الفوضى التي تنتهجها المليشيات الحوثية والإخوانية عبر صناعة الأزمات وإذكاء النزاعات الداخلية.
هذا التباين يكشف بوضوح أن صمود الجنوب ليس مجرد خيار مرحلي، بل هو ضرورة استراتيجية تضمن بقاء المشروع الوطني الجنوبي، وتضعه في مواجهة المشاريع الهدامة التي لا تجلب سوى الخراب والفوضى.
نحو مستقبل آمن ومستقر
إن صمود الجنوب، مدعومًا بوحدة شعبه والتفافه حول مؤسساته الوطنية، يفتح الطريق أمام مرحلة جديدة تقوم على الاستقرار والبناء. فمع كل تحدٍ جديد، يثبت الجنوب أنه قادر على تجاوز الأزمات بعزم وإصرار، وأن مشروعه الوطني يسير بخطوات ثابتة نحو استعادة الدولة وتحقيق تطلعات الشعب.
لقد أثبت الجنوب عبر صموده أنه رقم صعب في معادلة المنطقة، وأنه يمتلك مناعة قوية ضد مشاريع الفوضى والتفتيت. ومع تمسكه بالوحدة الداخلية ودعمه للمجلس الانتقالي الجنوبي، يظل الجنوب قادرًا على حماية أرضه وهويته، وفتح آفاق جديدة نحو مستقبل آمن ومستقر.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
