الجيش الجنوبي.. تاريخ من التضحية وبناء الهوية الوطنية

العاصمة عدن
العاصمة عدن

أقامت الإدارة السياسية في الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالعاصمة عدن، محاضرة توعوية بعنوان: "تاريخ الجيش الجنوبي"، وذلك في معسكر 20 بكريتر، بمناسبة الذكرى الـ54 لتأسيس الجيش الجنوبي، الذي شكل أحد أعمدة الدولة الجنوبية المستقلة بعد الاستقلال.

قاد الفعالية مدير الإدارة السياسية بانتقالي العاصمة عدن، صائل الغزالي، بمشاركة العميد فضل صالح معيد مدير دائرة التوجيه المعنوي والسياسي بالقوات البرية الجنوبية، وحضور نخبة من القيادات العسكرية التي أسهمت في بناء الجيش منذ سبعينيات القرن الماضي.

الجيش الجنوبي بعد الاستقلال

أكد المشاركون في المحاضرة أن الجيش الجنوبي، منذ تأسيسه عقب الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، كان واحدًا من أكثر الجيوش العربية انضباطًا وتنظيمًا، حيث بُني وفق عقيدة وطنية جنوبية خالصة. وقد مكّنه ذلك من تحقيق حضور إقليمي قوي، إلى جانب دوره البارز في حماية السيادة الوطنية وترسيخ الأمن الداخلي.

إنجازات المؤسسة العسكرية الجنوبية

سلطت المحاضرة الضوء على الإنجازات التي حققها الجيش الجنوبي خلال عقود من العمل المؤسسي، والتي جعلته يحظى بسمعة إقليمية متميزة. فقد تميزت قواته بـالكفاءة العالية والانضباط الصارم، ما جعلها نموذجًا يُحتذى بين المؤسسات العسكرية العربية. كما لعب الجيش دورًا محوريًا في حماية الحدود الجنوبية، وتأمين المنشآت الاستراتيجية، والمشاركة في دعم استقرار المنطقة.

تداعيات حرب صيف 1994م

لم يخلُ تاريخ الجيش الجنوبي من التحديات، حيث تعرض بعد حرب صيف 1994م لتدمير ممنهج استهدف بنيته الأساسية. وأوضح المشاركون أن السياسات الإقصائية التي مورست بحق الكوادر الجنوبية من ضباط وقادة، أدت إلى إضعاف المؤسسة العسكرية وإقصاء خيرة عناصرها، الأمر الذي انعكس سلبًا على القدرات الدفاعية للجنوب لعقود طويلة.

الحاجة إلى إعادة البناء العسكري

أكدت المحاضرة أن إعادة بناء مؤسسة عسكرية جنوبية قوية تمثل ضرورة وطنية لحماية المكتسبات السياسية وتعزيز حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره. واعتبر الحاضرون أن المرحلة الراهنة تتطلب استثمار الخبرات المتراكمة لدى الضباط والقيادات الجنوبية، إلى جانب دمج الجيل الجديد من العسكريين، لبناء جيش حديث قائم على المهنية والانضباط.

الجيش الجنوبي والهوية الوطنية

أحد الجوانب التي شدد عليها المتحدثون هو الدور الذي لعبه الجيش الجنوبي في ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء الجنوبي. فالجيش لم يكن مجرد مؤسسة عسكرية تقليدية، بل كان مدرسة وطنية غرست قيم التضحية والانتماء في نفوس الجنود والمواطنين، وأسهم في حماية وحدة الصف الجنوبي خلال مراحل حساسة من تاريخه.

استحضار التضحيات للأجيال الجديدة

أشار المشاركون إلى أن إحياء ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي لا يقتصر على الجانب التاريخي فحسب، بل يهدف أيضًا إلى تعريف الأجيال الجديدة بما قدمه الجيش من تضحيات عظيمة في سبيل الدفاع عن الأرض والكرامة. وتأتي هذه الفعاليات في إطار حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على تخليد تاريخه العسكري المجيد، وتعزيز ثقافة الوفاء للشهداء والرواد الأوائل.

رؤية مستقبلية للجيش الجنوبي

اعتبر المحاضرون أن استلهام تاريخ الجيش الجنوبي يجب أن يقترن برؤية مستقبلية واضحة، تقوم على التحديث والتطوير لمواكبة التحديات الأمنية والسياسية الراهنة. وأكدوا أن بناء مؤسسة عسكرية حديثة في الجنوب سيضمن حماية المشاريع الوطنية، ويفتح آفاقًا واسعة لبناء دولة مستقرة قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

المجلس الانتقالي ودوره في تخليد التاريخ

تأتي هذه الفعالية ضمن سلسلة من الأنشطة التي ينظمها المجلس الانتقالي الجنوبي لإحياء المناسبات الوطنية وتعزيز الوعي المجتمعي. ويحرص المجلس من خلال هذه المبادرات على التأكيد أن مشروع الدولة الجنوبية يقوم على أسس راسخة، أحد أبرزها المؤسسة العسكرية التي تمثل الحصن المنيع لحماية تطلعات الشعب.

تاريخ الجيش الجنوبي يمثل سجلًا حافلًا بالتضحيات والإنجازات، ورمزًا للفخر الوطني. ورغم ما تعرض له من محاولات للتهميش والتفكيك، إلا أن ذاكرته لا تزال حية في وجدان الجنوبيين، تشكل دافعًا لمواصلة العمل على إعادة بنائه وتعزيز مكانته. إن إحياء هذه الذكرى اليوم ليس مجرد استدعاء للماضي، بل هو تجديد للعهد بأن الجنوب ماضٍ في طريق بناء مؤسساته القوية، وفي مقدمتها جيشه الوطني.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1