لبنى عبد العزيز.. عروس النيل الغائبة الحاضرة في ذاكرة الفن

لبنى عبد العزيز
لبنى عبد العزيز

عندما يُذكر اسم لبنى عبد العزيز يتبادر إلى الأذهان فورًا لقبها الأشهر "عروس النيل"، ذلك العمل السينمائي الذي ترك بصمة عميقة في تاريخ السينما المصرية.
لم تكن مجرد فنانة عابرة، بل رمزًا للرقي والإبداع والالتزام الفني، حيث قدمت أدوارًا كسرت القيود المجتمعية، ورفعت راية حرية المرأة بقوة وشجاعة في زمن كانت فيه الفتاة مجرد ظل في بيت أهلها.

فمع كل إطلالة لها على الشاشة، استطاعت أن تعكس صورة المرأة المثقفة، الطموحة، القادرة على صنع قراراتها. واليوم، ومع غيابها شبه التام عن المشهد الفني، يبقى السؤال: لماذا اختارت الانسحاب؟

عودة لبنى عبد العزيز عبر "صاحبة السعادة"

رغم ابتعادها عن الأضواء لسنوات طويلة، إلا أن لبنى عبد العزيز تعود من حين لآخر عبر مناسبات فنية تُقام على شرفها.
أحدث ظهور لفت الأنظار كان عبر برنامج "صاحبة السعادة" الذي تقدمه الإعلامية إسعاد يونس على قناة DMC، حيث استحضرت ذكرياتها مع جيلها الذهبي من النجوم، وتحدثت عن الفرق بين زمن الفن الجميل و"عصر التريند" الحالي.

في هذه الحلقة، ظهرت بملامح الزمن، لا تخفي مرور العمر، بل تتعامل معه بفخر، مؤكدة أن الفن الحقيقي يبقى خالدًا مهما غاب أصحابه.

سر ابتعادها عن الساحة الفنية

قرار لبنى عبد العزيز الابتعاد لم يكن وليد لحظة، بل نتيجة إدراكها أن الفكر السائد حاليًا لا يتناسب مع ما قدمته طوال مشوارها الفني.
فقدمت أعمالًا مليئة بالقيم والمبادئ، بينما اليوم أصبحت الشهرة تُقاس بمدى الظهور الإعلامي أو التريند على مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك، اختارت أن تحافظ على رصيدها الفني النقي، وأن تظل حاضرة في ذاكرة الجماهير دون أن تعرض نفسها لصخب لا يشبهها.

رمزية الحضور رغم الغياب

اللافت أن غياب لبنى عبد العزيز لم يمحُ أثرها، بل زاد من قيمتها كرمز لفن أصيل. فهي لا تزال تُذكر في كل حديث عن السينما المصرية الكلاسيكية، وتُعرض أفلامها باستمرار على القنوات، وكأنها تؤكد أن الحضور لا يحتاج بالضرورة إلى وجود جسدي دائم.

وهذا ما جعلها واحدة من "الغائبين الحاضرين"، أولئك الذين يعيشون في وجدان الأجيال حتى وإن قرروا الاختفاء عن المشهد الإعلامي.

لبنى عبد العزيز والجيل الذهبي

لا يمكن الحديث عن لبنى عبد العزيز دون التوقف عند جيلها من الفنانين الكبار الذين ساهموا في صناعة مجد السينما المصرية، أمثال فاتن حمامة، عمر الشريف، شكري سرحان وغيرهم.
مع هذا الجيل، صنعت ملاحم سينمائية خالدة، وفتحت الباب أمام قضايا اجتماعية حساسة كحرية المرأة والتعليم والعلاقات الإنسانية.

واليوم، بقدر ما يفتقدها جمهورها، يظل ممتنًا لما قدمته من فن راقٍ يليق بمكانة مصر السينمائية في المنطقة.

الحنين إلى زمن الفن الجميل

مع كل ظهور للبنى عبد العزيز أو لغيرها من رموز الفن القديم مثل نجاة الصغيرة أو فيروز أو سهير رمزي، يشعر الجمهور بأن هناك حنينًا جارفا لزمن مضى.
ذلك الزمن الذي كان الفن فيه رسالة، والنجومية مسؤولية، والجمهور يلتف حول العمل الفني بدلًا من أن ينشغل بتريند عابر.

وهذا يفسر حالة الشغف التي صاحبت عودتها عبر "صاحبة السعادة"، حيث أعادت للأذهان ذكريات لا تُنسى من أعمالها الخالدة.

الدرس المستفاد من غيابها

قصة لبنى عبد العزيز تعطينا درسًا مهمًا: أن الفنان الحقيقي ليس مضطرًا لمجاراة الزمن إذا كان لا يتناسب مع قيمه ومبادئه. فاختيارها الابتعاد لم يُضعف صورتها، بل جعلها أكثر نقاءً واحترامًا في أعين جمهورها.
وفي زمن السرعة والسطحية، يبقى غيابها رسالة قوية بأن الفن الأصيل لا يزول مهما غاب أصحابه.

ستظل لبنى عبد العزيز أيقونة للفن الراقي، وعروسًا للنيل مهما مرت السنوات. ورغم ابتعادها عن الأضواء، فإن أعمالها وذكرياتها تظل تعيش في وجدان الأجيال، شاهدة على زمن الفن الجميل الذي نفتقده اليوم.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1