الإمارات في قلب جنوب اليمن: من الدفاع إلى التنمية والاستقرار
شهدت محافظات جنوب اليمن، وعلى رأسها عدن، شبوة، وأرخبيل سقطرى، نقلة نوعية في مسيرة التنمية والبناء بفضل الدور البارز لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت دعمًا شاملًا امتد من الجانب العسكري والأمني وصولًا إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لتعكس نموذجًا فريدًا للشراكة الأخوية والمستدامة.
المحور الأول: من خصم الحرب إلى الانتصار والتنمية
عندما اندلع الصراع في مارس 2015، وجدت محافظات الجنوب نفسها في قلب دوامة الحرب، غارقة في انعدام الخدمات وانقطاع الكهرباء. هنا برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب أساسي ليس فقط على الصعيد العسكري، بل أيضًا في إعادة إعمار وتثبيت مؤسسات الدولة.
على المستوى السياسي والعسكري، قدمت الإمارات دعمًا متعدد المستويات، بدءًا من إنشاء قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، وصولًا إلى التدريب والتأهيل، والدعم اللوجستي والاستخبارات والدعم الجوي، لضمان تأمين الأراضي المحررة من التهديدات المختلفة. لم يكن الدعم العسكري مجرد تسليح، بل شمل بنية تحتية لوجستية متكاملة تغطي الوقود، المعدات، الرعاية الطبية، ومراكز التدريب لتطوير قدرات القوات المحلية.
في المسار السياسي، دعمت الإمارات الجنوب تحت مظلة الشرعية، مع تمكين الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة الشرعية، ودفع عملية سياسية شاملة تضمن تمثيلًا عادلًا لأبناء الجنوب، بما يضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة في المناطق المحررة.
البعد الاقتصادي والإنساني
مع تراجع المعارك، برزت الحاجة إلى إعادة الحياة للمدن المحررة. وقدمت الإمارات دعمًا حيويًا في قطاع الطاقة، من خلال إنشاء محطة كهرباء عدن الغازية (120 ميجاوات) وتوفير الوقود والمشتقات النفطية لتشغيلها، مما ساعد على تشغيل المستشفيات والمضخات المائية، وإعادة الأمل للمواطنين في شوارع عدن المظلمة.
كما شملت الجهود الإنسانية إنشاء جسور جوية وبحرية لنقل الإمدادات الغذائية والطبية والمياه الصالحة للشرب، إضافة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية، وتزويدها بالمعدات الحديثة، لضمان عودة الخدمات الأساسية إلى طبيعتها.
البعد الاجتماعي والتأهيلي
دركت الإمارات أن المعركة في الجنوب ليست فقط عسكرية، بل ثقافية واجتماعية أيضًا. فتم تنفيذ برامج إعادة الدمج للشباب، بما فيهم المتأثرين بالصراع، وتوفير دورات تدريبية في المهن والحاسوب واللغات، بالإضافة إلى تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما تم تقديم برامج الدعم النفسي للأطفال الذين عانوا ويلات الحرب، بمشاركة الهلال الأحمر الإماراتي، لتعزيز الثقة بالنفس وإعادة بناء الإنسان الجنوبي كركيزة أساسية للاستقرار المستدام.
المحور الثاني: الإمارات والتنمية في محافظة عدن
برزت المشاريع الاستراتيجية للإمارات في قطاع الطاقة، عبر محطة عدن للطاقة الشمسية، والتي تضمنت المرحلة الثانية في بئر أحمد بقدرة إضافية 120 ميجاوات، لترتفع القدرة الكلية للمحطة إلى 240 ميجاوات بحلول 2026، بما يوفر الكهرباء لنحو 687 ألف منزل، ويخفض الانبعاثات الكربونية بحوالي 142 ألف طن سنويًا، أي ما يعادل انبعاثات 42 ألف سيارة.
إلى جانب الطاقة، شملت المنجزات الإماراتية في عدن الخدمات الصحية، من خلال إعادة تأهيل مستشفى الجمهورية، وبناء مدينة طبية في مستشفى خليفة، وتأهيل 9 مراكز صحية، و4 مستشفيات، بالإضافة إلى القطاع التعليمي، حيث تم ترميم 154 مدرسة، مع توفير المستلزمات الدراسية والتجهيزات الحديثة.
كما دعمت الإمارات البنية التحتية للكهرباء عبر تقديم مولدات بقدرة 54 ميجاوات، وبناء محطة تغطي محافظات عدن ولحج وأبين والضالع، مع خطة مستقبلية لتوسعتها إلى 1000 ميجاوات، بالإضافة إلى مشاريع المياه والصرف الصحي، مثل تأهيل محطة كابوتا وشبكات المياه في مدينة كريتر.
المحور الثالث: شبوة والطاقة البديلة
في محافظة شبوة، قدمت الإمارات محطة الطاقة الشمسية بقدرة 53 ميجاوات، مع منظومة بطاريات بسعة 15 ميجاوات/ساعة، لتزويد نحو 330 ألف منزل بالكهرباء النظيفة. يمثل المشروع خطوة حيوية لمعالجة أزمة الانقطاع المزمن للكهرباء وتحسين حياة المواطنين، ويعد نموذجًا ناجحًا للطاقة البديلة في الجنوب.
المحور الرابع: منجزات الإمارات في سقطرى
تُعد جزيرة سقطرى مثالًا للنهج المتكامل الإماراتي، حيث شملت المنجزات العسكرية والتدريبية للقوات المحلية، مشاريع التنمية والبنية التحتية، المبادرات الإغاثية، وحماية البيئة والتنوع البيولوجي.
كما عملت الإمارات على تطوير شبكة الاتصالات، الطرق، والمستشفيات، مثل إعادة تسمية مستشفى حديبو العام إلى مستشفى الشيخ خليفة بن زايد، مع تقديم برامج توعوية وصحية مستمرة، وتدريب مهني لتعزيز قدرات السكان، إلى جانب مشاريع الطاقة المستدامة والدعم اللوجستي.
لقد أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة أن دعم جنوب اليمن ليس مجرد مساعدات عابرة، بل استراتيجية شاملة تجمع بين القوة العسكرية، التنمية الاقتصادية، الخدمات الاجتماعية، وإعادة بناء الإنسان. من خلال هذه المشاريع، لم تضمن الإمارات فقط الأمن والاستقرار، بل ساهمت في بناء مستقبل أفضل ومستدام لأبناء عدن، شبوة، وسقطرى، معززة بذلك الشراكة الأخوية والتاريخية بين شعبي الإمارات واليمن.
تُظهر هذه التجربة نموذجًا عمليًا لكيفية الجمع بين التنمية، الطاقة، الصحة، التعليم، والحماية البيئية، ضمن رؤية شاملة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المناطق المتضررة من الحرب، لتكون الإمارات ركيزة أساسية في إعادة بناء الجنوب اليمني.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
