شمس البارودي… نجمة السينما المصرية التي اختارت طريق الإيمان والاعتزال
تُعد شمس البارودي واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في فترة الستينيات والسبعينيات، حيث قدّمت العديد من الأدوار الجريئة التي أثارت جدلًا واسعًا، لكنها فاجأت الجميع بقرارها الجريء أيضًا باعتزال الفن نهائيًا، لتبدأ بعدها رحلة جديدة من الالتزام الديني والتفرغ للأسرة.
ورغم مرور عقود على ابتعادها عن الساحة الفنية، إلا أن اسم شمس البارودي لا يزال حاضرًا بقوة في ذاكرة السينما والجمهور، باعتبارها واحدة من النجمات اللاتي خضن تجربة تحول فكري وديني عميق تركت أثرًا كبيرًا.
من هي شمس البارودي؟
وُلدت شمس الملوك جميل البارودي في 4 أكتوبر 1945، لأب سوري وأم مصرية. بدأت حياتها الفنية مبكرًا، بعد أن التحقت بـ المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، لكنها لم تكمل دراستها فيه بعد أن فُتحت أمامها أبواب السينما سريعًا.
تميزت بجمالها اللافت، وحضورها الطاغي، ما جعلها مطلبًا لمنتجي الأفلام في ذلك الوقت، خصوصًا في أدوار الفتاة المثيرة والجريئة.
بداية المشوار الفني
بدأت شمس البارودي مشوارها الفني في أوائل الستينيات، وقدّمت أول أدوارها في فيلم "زوج بالإيجار" عام 1961. لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، عندما أصبحت أيقونة لأفلام الإغراء في السينما المصرية، وهو تصنيف فني كان سائدًا في تلك الفترة.
تألقت في أفلام كثيرة وأصبحت إحدى أشهر نجمات جيلها، وشاركت في أعمال مع كبار النجوم مثل حسن يوسف، رشدي أباظة، فريد شوقي، ومحمود المليجي.
أبرز أعمال شمس البارودي
خلال مسيرتها الفنية، شاركت شمس البارودي في العديد من الأفلام، كان أغلبها يصنف ضمن أفلام الجريئة أو الرومانسية. من أشهر أعمالها:
حمام الملاطيلي (1973): من أكثر أفلامها شهرة وإثارة للجدل.
امرأة سيئة السمعة
المذنبون
شياطين إلى الأبد
الراجل اللي باع الشمس
العنيد
المرأة التي غلبت الشيطان
وقد بلغ رصيدها أكثر من 50 فيلمًا سينمائيًا، جسّدت خلالها أدوارًا متنوعة، لكنها ارتبطت دائمًا بصورتها كنجمة إغراء.
زواجها من حسن يوسف
تزوجت شمس البارودي من الفنان حسن يوسف في أوائل السبعينيات، بعد قصة حب بدأت خلال مشاركتهما في عدد من الأعمال الفنية.
ورغم أن زواجهما كان مفاجئًا للوسط الفني، إلا أنه استمر حتى اليوم، وأثمر عن أربعة أبناء، من بينهم عبد الله حسن يوسف الذي خاض تجربة التمثيل أيضًا.
كان زوجها حسن يوسف من أبرز الداعمين لها في قرار الاعتزال لاحقًا، وشاركها رحلة التحول الروحي والفكري.
رحلة الاعتزال والعودة إلى الله
في عام 1982، أعلنت شمس البارودي اعتزالها الفن نهائيًا، وكان ذلك بعد عودتها من أداء العمرة، حيث قالت إنها شعرت "بولادة جديدة" وقررت طيّ صفحة الفن نهائيًا.
صرّحت لاحقًا في أكثر من مقابلة أن بعض أدوارها السابقة كانت ذنبًا تؤنب عليه نفسها، وأن قرار الاعتزال جاء بعد صراع داخلي طويل، خاصةً أنها كانت تشعر بعدم الراحة النفسية رغم شهرتها ونجاحها الفني.
تحجّبت شمس البارودي فورًا، وابتعدت عن الأضواء، ورفضت جميع محاولات الإغراء للعودة إلى التمثيل، حتى أنها رفضت إعادة عرض أفلامها القديمة.
بعد الاعتزال.. حياة هادئة وإيمانية
بعد اعتزالها، كرّست شمس البارودي حياتها للعبادة وتربية أبنائها، وابتعدت عن الظهور الإعلامي، رغم محاولات كثيرة من الإعلام للحديث معها.
ورغم مرور عقود، لا تزال تحظى باحترام واسع، حيث يُنظر إليها كنموذج للفنانة التي اختارت طريق الالتزام بإرادتها، دون ضغوط أو ندم، بل بقناعة تامة.
موقفها من الفن بعد الاعتزال
صرّحت شمس البارودي في مقابلات نادرة أنها لا تُنكر الفن كوسيلة مهمة في حياة الناس، لكنها ترى أن الفن يجب أن يكون "نظيفًا" وهادفًا، وتنتقد الأعمال التي تعتمد على الإثارة والمشاهد الجريئة فقط لجذب الجمهور.
كما أكدت أنها لا تهاجم زملاءها الفنانين، لكنها ترى أن "لكل إنسان تجربته وقراره"، وهي اختارت طريقها الذي ترى فيه راحة قلبها ونقاء نيتها.
شمس البارودي ليست مجرد فنانة معتزلة، بل حالة خاصة في تاريخ الفن المصري. جمعت بين الشهرة والجرأة في شبابها، ثم اختارت الاعتزال والاحتشام بقناعة نادرة.
قصة حياتها تمثل رحلة صادقة من البحث عن الذات والراحة الروحية، وهو ما يجعلها حتى اليوم محط اهتمام وإعجاب الكثيرين.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
