محيي إسماعيل وتكريم المهرجان القومي للمسرح.. تصريحات صادمة على الهواء

محيي إسماعيل
محيي إسماعيل

تحوّل تكريم الفنان محيي إسماعيل في افتتاح الدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري 2025، من لحظة احتفاء بمسيرة فنية كبيرة إلى جدل واسع أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، وفتح أبواب النقد على مصراعيها. فما الذي حدث؟ ولماذا تحوّل درع التكريم إلى موضوع للانقسام الحاد؟

التكريم الذي تحوّل إلى أزمة

ضمن فعاليات الدورة الجديدة التي أقيمت تحت رئاسة الفنان محمد رياض، تم تكريم عدد من رموز المسرح المصري، من بينهم الفنان محيي إسماعيل، تكريمًا لمسيرته الطويلة في المسرح، وتقديرًا لإسهاماته المؤثرة في تأسيس "مسرح المئة كرسي". إلا أن محيي إسماعيل، المعروف بأسلوبه المختلف وتصريحاته المثيرة، رفض حضور ندوة التكريم الخاصة به، رغم إرسال سيارة من قِبل المهرجان خصيصًا لنقله إلى مقر الندوة.

وبدلًا من الحضور، اختار إسماعيل التوجه إلى تصوير برنامج تليفزيوني، مؤكدًا أن ظهوره هناك "مقابل أجر مالي"، وهو ما أثار استياء اللجنة المنظمة، خاصة بعد أن عبّر علنًا عن استيائه من نوع التكريم، وصرّح قائلًا: "أريد شيئًا له قيمة، مثل الأوسكار، وليس مجرد درع أو شهادة".

تصريحات صادمة على الهواء

في البرنامج ذاته، الذي دُعي إليه بسبب تكريمه، وصف محيي إسماعيل التكريم بأنه "باهت" و"غير مجزٍ"، بل وذهب أبعد من ذلك حين قال: "أريد تكريمًا ماديًا.. فما المشكلة؟". حاول مقدم البرنامج تهدئة الموقف والتأكيد على رمزية التكريم وكونه رسالة شكر، لكن إسماعيل تمسّك برأيه، وواصل تقديم نقد ساخر غير معتاد في مثل هذه المناسبات.

في المقابل، كان ضيوف الحلقة الآخرون—ميمي جمال وأحمد نبيل—قد عبّروا عن فخرهم وسعادتهم بالتكريم، واعتبروه تقديرًا من الدولة لمسيرتهم الفنية الطويلة، ووسامًا معنويًا على صدورهم.

ردود قوية من إدارة المهرجان

رئيس المهرجان، الفنان محمد رياض، امتنع عن التعليق مطولًا، لكنه لمح إلى أن ظهور إسماعيل في البرنامج كان بدعوة لأنه مُكرم، مما يجعل من غير المنطقي أن يهاجم الحدث نفسه الذي جاء بسببه.

أما الكاتب وليد يوسف، عضو اللجنة العليا للمهرجان، فقد وجّه انتقادًا مباشرًا لإسماعيل، قائلًا: "كان عليك أن تسأل أولًا إذا كان هناك مقابل مادي قبل أن تقبل التكريم. لكن أن تأتي ثم تهاجم ما قُدم لك، فذلك غير مقبول".

بدورها، صرّحت الكاتبة رشا عبد المنعم، وهي أيضًا عضو في اللجنة العليا، أن اللجنة راعت في اختيار المكرمين معايير دقيقة، منها التأثير الفني، والانتماء الحقيقي للمسرح، والعطاء المتراكم، مضيفة أن محيي إسماعيل وقع عليه الاختيار لأسباب حقيقية تتعلق بمسيرته الطويلة، وتقديرًا لمكانته، خاصة مع تجاوزه سن الـ85.

تكريم المهرجان... قيمة رمزية لا تُشترى

من الصعب إنكار مكانة المهرجان القومي للمسرح، كأحد أقدم وأهم الفعاليات الفنية في مصر، إذ يشكل منصة وطنية تُكرم رموز الفن بكل تجرد واحترام. وبالتالي، فإن أي تقليل من قيمة هذا التكريم لا يعبّر عن ضعف فيه، بل يعكس وجهة نظر فردية.

إن جوهر التكريم لا يكمن في قيمته المادية، بل في معناه، في كونه اعترافًا رسميًا بتاريخ فني طويل، وتقديرًا لدور الفنان في بناء وعي الأجيال، ودعم الثقافة الوطنية. وإذا اختلفت وجهات النظر حول ما يجب أن يتضمنه هذا التكريم، فإن الأكيد أن الاحترام المتبادل هو الأساس.

هل كان محيي إسماعيل على حق؟

من زاوية إنسانية، قد يبدو من المنطقي أن يرغب الفنان في تقدير مادي بجانب المعنوي، خصوصًا إن كانت حالته المعيشية لا تعكس تاريخه. لكن عندما يكون التكريم رمزيًا من مؤسسة بحجم المهرجان القومي، فإن الموقف يُصبح مختلفًا. فالمؤسسات الثقافية لا تسعى إلى شراء ولاء الفنانين، بل إلى توثيق عطائهم وإبراز تأثيرهم.

التكريم في هذا السياق ليس صفقة، بل رسالة: "شكرًا لما قدمت"، وهذه الرسالة لا تُقاس بالمال، بل بالتاريخ.

ما حدث مع الفنان محيي إسماعيل يُبرز التوتر الكامن بين القيمة المعنوية والاحتياج المادي في واقع الفنانين المصريين. لكنه يسلّط الضوء أيضًا على ضرورة الفصل بين المؤسسات الثقافية الرسمية، التي تُكرم باسم الوطن، وبين المصالح الشخصية، التي ينبغي ألا تؤثر على الشكل العام للتكريم أو احترامه.

يبقى لكل فنان حريته في التعبير عن رأيه، لكن من المهم أن نحافظ على الاحترام المتبادل، خاصة عندما يتعلق الأمر بمؤسسات فنية راسخة، تمثل وجه الثقافة المصرية أمام العالم.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1