انهيار الريال.. سلاح اقتصادي جديد في حرب استنزاف الجنوب
يشهد الريال اليمني انهيارًا غير مسبوق، ما أطلق شرارة أزمة معيشية خانقة تثقل كاهل المواطن الجنوبي يومًا بعد يوم. هذا الانهيار الحاد لم يعد مجرد تقلب في سعر الصرف، بل تحوّل إلى أداة ضغط سياسية تُستخدم ضمن ما يُعرف بـ "حرب الخدمات" التي تستهدف الجنوب بشكل مباشر وممنهج.
موجة غلاء تعصف بحياة المواطن الجنوبي
تسبّب تدهور العملة المحلية في موجة غلاء واسعة، شملت السلع الأساسية والخدمات، ما جعل المواطن الجنوبي عاجزًا عن تأمين احتياجاته اليومية. فأسعار المواد الغذائية شهدت ارتفاعًا جنونيًا، تزامنًا مع تراجع شديد في أداء منظومات الكهرباء والمياه والخدمات الصحية، مما ضاعف من معاناة الأهالي.
فشل حكومي مزمن وسياسات غائبة
ورغم تصاعد الأزمة، تغيب أي تدخلات فعلية من الحكومة لوقف التدهور. ويُرجع مراقبون هذا الانهيار إلى فشل حكومي مزمن في إدارة الملف الاقتصادي، وتراكمات ناجمة عن غياب سياسات نقدية واضحة، مع تفشي الفوضى في السوق المصرفية وعدم وجود رقابة أو أدوات لردع المضاربة بالعملة.
حرب الخدمات: سلاح لإضعاف الجنوب
لا يمكن النظر إلى الانهيار الاقتصادي بمعزل عن سياق أوسع يتمثل في محاولات تطويع الجنوب اقتصاديًا. إذ تُوظَّف الأزمات المعيشية وسوء الخدمات كسلاح لإرباك الجبهة الداخلية الجنوبية، وإشغال المواطنين بمعركة البقاء اليومية على حساب مطالبهم السياسية والحقوقية العادلة.
لا مبالاة رسمية في وجه الكارثة
رغم الاحتجاجات الشعبية والغضب المتصاعد في الشارع الجنوبي، تواصل الحكومة تجاهلها للأزمة مكتفيةً بإصدار بيانات شكلية لا تتضمن أي خطوات عملية لمعالجة أسباب الانهيار. هذا التجاهل يعمّق فجوة الثقة بين المواطن والسلطة، ويُفاقم حالة السخط الشعبي التي تنذر بانفجار وشيك.
ضرورة التدخل العاجل
في ظل هذه المعطيات، بات من الضروري اتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة وشاملة لكبح تدهور العملة، وضمان الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي، خاصة في الجنوب الذي يتكبد تبعات مضاعفة بفعل الاستهداف الممنهج.
في ظل مساعيه لحماية الأمن الاقتصادي وتعزيز الاستقرار الخدمي، يواصل الجنوب، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، اتخاذ خطوات حازمة للتصدي للممارسات غير القانونية التي تستهدف موارده الحيوية.
تعميم أمني حاسم من نائب رئيس المجلس الانتقالي
تجلّى هذا الحزم من خلال التعميم الصادر عن مكتب نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء عبدالرحمن المحرّمي، والذي شدّد على ضبط مقطورات الوقود والغاز غير المرخصة لمنع تسرب المشتقات النفطية إلى السوق السوداء.
تفاصيل التعميم.. تصاريح رسمية وجهات واضحة
نصّ التعميم على ضرورة ضبط أي مقطورة وقود أو غاز لا تحمل فواتير أو تصاريح رسمية صادرة عن الشركة اليمنية للغاز أو شركة صافر بمأرب، مع تحديد خط سير واضح لهذه المقطورات.
كما شدّد على منع أي تنقّل لهذه الناقلات بين محافظات الجنوب دون تصاريح رسمية، وعدم اعتماد أي فواتير صادرة عن أحواش تعبئة مخالفة كونها لا تخضع للتفتيش من الجهات الرسمية.
أهداف واضحة: حماية السوق ومنع الفوضى
تهدف هذه الإجراءات إلى ضبط عمليات النقل والحد من تسرب المشتقات إلى جهات مجهولة، بما يساهم في استقرار السوق ومنع أي ضرر يلحق بالمواطنين نتيجة أزمات مفتعلة أو ارتفاعات غير مبررة في الأسعار.
التزام أمني صارم على مستوى المحافظات
وجّه التعميم تعليماته إلى النقاط الأمنية في المحافظات الجنوبية، تحديدًا بين عدن ولحج وأبين والضالع، بتنفيذ التعليمات بكل صرامة، وضبط أي قاطرة مخالفة فورًا، دون اعتماد أي تصاريح سوى الصادرة عن شركتي النفط والغاز المعتمدتين.
إحباط عملية تهريب إلى مناطق الحوثيين
جاء التعميم عقب عملية أمنية ناجحة نفذتها قوات الحزام الأمني في نقطة الحد بيافع، حيث تم ضبط عدد من مقطورات الغاز المهربة التي كانت متجهة إلى مناطق تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية، وذلك بتوجيه مباشر من اللواء المحرّمي.
خطوة استراتيجية لحماية الأمن الاقتصادي
يمثل هذا التوجه خطوة استراتيجية بالغة الأهمية ضمن الجهود الرامية إلى حماية الأمن الاقتصادي في الجنوب، وإغلاق المنافذ التي ما دام استُغلت لتهريب المشتقات، وإغراق السوق الجنوبية بوقود مجهول المصدر.
ويهدف ذلك إلى إحباط محاولات زعزعة الاستقرار عبر التلاعب بسوق الطاقة، فضلًا عن ارتباط بعض الشحنات بأنشطة غير مشروعة تُهدد أمن الجنوب ومعيشة مواطنيه.
رقابة صارمة لحماية الموارد
يحمل هذا التعميم رسالة واضحة مفادها أن الجنوب عازم على فرض رقابة صارمة على موارده الحيوية، وقطع الطريق أمام التهريب والاستنزاف الممنهج.
ويشكّل هذا القرار حجر الأساس في بناء منظومة رقابية متكاملة تضمن الشفافية وتمنع تسريب الموارد إلى جهات مجهولة أو معادية، بما يحمي السيادة الاقتصادية ويعزز الأمن المعيشي.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
