مبادرات السلام بين نيران الحوثي وتغييب الجنوب في تقارير الأمم المتحدة

تعببرية
تعببرية

قدّم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إحاطة مهمة أمام مجلس الأمن الدولي، استعرض فيها مستجدات الأوضاع السياسية والعسكرية والإنسانية في البلاد، وسط تصاعد التحديات وتعقيد المشهد الميداني، خاصة مع تصعيد المليشيات الحوثية واستمرار استهدافها المباشر للجنوب.

ثلاثة مسارات أساسية نحو الحل الشامل

في كلمته، قدّم غروندبرغ مقترحًا أمميًا يتضمن خطوات عملية يُفترض أن تمهّد الطريق نحو حلول دائمة وشاملة للصراع، داعيًا إلى إعطاء الأولوية لثلاثة مجالات محورية:

دعم جهود التهدئة على خطوط التماس ووقف التصعيد العسكري.

وضع معايير واضحة لوقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد.

تهيئة الأرضية السياسية عبر حوار شامل بين الأطراف اليمنية المتنازعة.

كما أشار المبعوث الأممي إلى أهمية التنسيق مع دول المنطقة والمجتمع الدولي فيما يخص الضمانات الأمنية الأوسع، خصوصًا ما يتعلق بحرية الملاحة في البحر الأحمر، والتي باتت مهددة بشكل متزايد بفعل أنشطة الحوثيين العدائية.

مبادرة سلام.. تواجهها نيران الحوثيين

رغم أن المقترحات الأممية تعكس نية دولية نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ صيف 2014، إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن الاستجابة الحوثية للمبادرات السلمية كانت دائمًا بالرفض أو التصعيد العسكري.
وقد أظهر الواقع أن مثل هذه الدعوات غير كافية ما لم تُرافقها آلية ضغط فعالة على الحوثيين لإجبارهم على الالتزام، خصوصًا وأن الجنوب لا يزال الجبهة الأولى المستهدفة بهجماتهم.

دعوات دولية دون تأثير.. والحاجة إلى ضغوط حقيقية

في الوقت الذي تتحرك فيه الأمم المتحدة لتفعيل مسار التسوية، فإن الاكتفاء بالدعوات الدبلوماسية التي توصف أحيانًا بـ "الناعمة" لم يحقق نتائج حقيقية على الأرض، بل أتاح للمليشيات الإرهابية فرصة لإعادة ترتيب أوراقها والاستمرار في تهديد الأمن الإقليمي.

المجتمع الدولي مطالبٌ هذه المرة باتخاذ موقف حازم وفاعل، يقوم على ممارسة ضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية على الحوثيين، بدلًا من الاكتفاء بالتوصيات التي أثبتت هشاشتها.

البُعد الإنساني: معاناة متفاقمة دون حلول ملموسة

إلى جانب الشق السياسي، شدّد غروندبرغ على ضرورة تكثيف التدخلات الإنسانية لمواجهة تداعيات الحرب، التي خلّفت كارثة معيشية مروعة يدفع ثمنها المدنيون، خصوصًا في مناطق الجنوب التي تتعرض للتجويع الممنهج وحرب الخدمات.

لكن دون دعم ملموس، تبقى هذه التصريحات أقرب إلى الشعارات منها إلى خطط تنفيذية، ما يُهدد بإطالة أمد المعاناة الإنسانية، ويُعيق أي فرصة لتحقيق استقرار مستدام.

الجنوب.. الغائب الحاضر في الإحاطات الدولية

رغم أن الجنوب يتحمّل العبء الأكبر من الحرب، سواء في الخسائر البشرية أو التحديات الأمنية، لا يزال صوته غير ممثّل بالشكل الكافي في المحافل الدولية. ومع أن المبعوث الأممي يُدرك جيدًا مركزية الجنوب في أي حل سياسي قادم، إلا أن إغفال تمثيله الواضح في العملية السياسية يثير القلق حول مدى جدية المجتمع الدولي في تحقيق تسوية عادلة.

إحاطة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تمثل خطوة متقدمة نظريًا نحو تحقيق السلام في اليمن، لكنها على أرض الواقع تفتقر إلى أدوات التنفيذ والضغط، في ظل تعنّت حوثي مستمر، وتجاهل متكرر لمعاناة الجنوب ودوره في المعادلة الوطنية.

ومع كل ذلك، تبقى آمال السلام مرهونة بتغيّر النهج الدولي، نحو قرارات أكثر جرأة وتفاعلًا مع الواقع الحقيقي للصراع، تبدأ من الضغط على المليشيات الحوثية، وتنتهي بتمكين الجنوبيين من المشاركة في صناعة مستقبلهم السياسي.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1