7 يوليو 1994.. يوم سقوط الوحدة وتحولها إلى احتلال دموي
في ذاكرة الجنوب، يُعد السابع من يوليو عام 1994 محطة سوداء، إذ مثّل هذا التاريخ لحظة انهيار فعلي لـ "مشروع الوحدة اليمنية"، بعد أن تحوّل إلى عدوان عسكري دموي شنّته قوات الشمال ضد الجنوب. هذا اليوم، الذي تم فيه اجتياح عدن وسقوط مؤسسات الدولة الجنوبية، أسقط كل ما تبقى من فكرة "الوحدة الطوعية"، وفتح الباب لاحتلال ممنهج دام أكثر من ثلاثة عقود.
من مشروع وطني إلى غزو منظم
في الأصل، كانت الوحدة بين شطري اليمن عام 1990 خيارًا استراتيجيًا تبنّاه الجنوبيون بنية صادقة لبناء دولة مدنية حديثة. إلا أن تطورات ما بعد إعلان الوحدة، خاصة في العام 1994، أثبتت أن الشريك الشمالي لم يكن يحمل ذات النوايا، بل كان يعد العدة لفرض واقع بالقوة، ينزع عن الجنوب قراره وسيادته.
وجاء 7 يوليو 1994 ليعلن بوضوح نهاية "الوحدة" وبداية مرحلة جديدة من الاحتلال، عنوانها القمع والإقصاء ونهب الثروات وتهميش الإنسان الجنوبي.
الجنوب يدخل نفقًا مظلمًا
منذ ذلك اليوم المشؤوم، دخل الجنوب مرحلة مظلمة امتدت لـ31 عامًا، تجرّع فيها مرارة الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي. حيث تم تفكيك مؤسسات الدولة الجنوبية السابقة، وتسريح آلاف الموظفين والعسكريين، والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، في سياق منظّم لتدمير أي هوية أو كيان مستقل للجنوب.
ومع مرور السنوات، تكرّس واقع الاحتلال، مدعومًا بسياسات تجهيل ممنهجة، وتهميش متعمد للكوادر الجنوبية، إلى جانب حملات إعلامية هدفها تشويه النضال الجنوبي وإضعاف قضيته أمام الداخل والخارج.
وعي جنوبي متجدد في مواجهة القمع
ورغم قسوة الاحتلال وطول مدته، لم يُسجل شعب الجنوب حالة استسلام، بل بالعكس، بدأت تتشكل خلال السنوات التالية موجات متتالية من الوعي الوطني، تُرجمت إلى حراك شعبي متصاعد ومقاومة سياسية وميدانية. هذا الحراك الذي تحول لاحقًا إلى حركة منظمة بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، أصبح اليوم القوة السياسية والعسكرية الأكثر تأثيرًا في الجنوب.
العدوان الذي أسقط الوحدة.. وأيقظ الهوية
لا شك أن عدوان 7 يوليو 1994 لم يسقط فقط مشروع الوحدة، بل أسقط معه الثقة الكاملة في الشراكة مع قوى الشمال، وأعاد إحياء الهوية الجنوبية التي حاول الاحتلال طمسها. لقد أدرك الجنوبيون أن لا مستقبل لهم في ظل نظام يرفض الاعتراف بحقوقهم، ويتعامل معهم كغنيمة حرب لا كشركاء في وطن.
ومن هنا، أصبحت ذكرى 7 يوليو محطة وطنية لتجديد العهد باستعادة الدولة، وترسيخ خيار الاستقلال، ورفض مشاريع الضم والإلحاق.
المستقبل الجنوبي يبدأ من وعي التاريخ
اليوم، وبعد 31 عامًا من الاحتلال، تتعزز قناعة أبناء الجنوب بأن الخلاص لن يأتي إلا عبر التحرير الكامل، واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة ذات السيادة. ومع كل ذكرى تمرّ على هذا اليوم الأسود، تتجدد الإرادة، ويزداد الالتفاف حول القيادة الجنوبية، من أجل إنهاء هذه المرحلة الظالمة، وفتح صفحة جديدة من العزة والكرامة.
