7 يوليو 1994: يوم الغدر الأكبر في تاريخ الجنوب العربي
يُعد السابع من يوليو لعام 1994 يومًا فارقًا في التاريخ الجنوبي، لما شهده من أحداث دموية شكلت نقطة تحول كبرى في وعي الشعب، ورسّخت قناعة راسخة بأن ما حدث لم يكن سوى غزوٍ عسكري بوجه سياسي مموه. هذا اليوم المشؤوم، الذي لا يزال محفورًا في الذاكرة الجمعية للجنوب، كشف حقيقة مشروع "الوحدة" الذي سرعان ما تهاوى تحت نيران الاحتلال.
اجتياح عدن: سقوط قناع "الوحدة"
في ظاهر الأمر، دخل الجنوب في "الوحدة" عام 1990 بنية خالصة لصنع وطن مشترك، لكن الواقع أثبت لاحقًا أن الشريك الشمالي لم يكن يحمل نية مماثلة. ومع مرور أربع سنوات فقط، تمزقت أوهام الشراكة بعد أن شنّ النظام اليمني حربًا شرسة على الجنوب في 7 يوليو 1994، معلنًا سقوط الاتفاق وتحول الجنوب إلى هدف للهيمنة الكاملة.
تقدمت الدبابات من صنعاء لا حاملة لميثاق سياسي أو مشروع وطني مشترك، بل محمّلة بروح انتقامية، هدفها إسكات صوت الجنوب، وسحق كل معلم من معالم هويته.
مشروع استعماري مقنّع
ما حدث لم يكن مجرد خلاف سياسي، بل غزوًا عسكريًا ممنهجًا، تم تسويقه عبر الإعلام كصراع داخلي، بينما كانت النية المبيتة واضحة: السيطرة على الجنوب بالقوة، وتصفية أي وجود سياسي مستقل له. لقد استخدم النظام اليمني عباءة "الوحدة" كغطاء لمشروع استعماري طويل الأمد، هدفه إلغاء الجنوب وابتلاع قراره وسيادته.
تداعيات ما بعد الحرب: الانتقام لا الشراكة
عقب الاجتياح، لم تتوقف المأساة، بل بدأت فصول أكثر فداحة. إذ تحوّل الجنوب إلى ساحة انتقام سياسي واجتماعي، شمل تسريحًا جماعيًا للكوادر الجنوبية، ونهبًا منظمًا للثروات، وإقصاءً ممنهجًا من مؤسسات الدولة، في محاولة لتذويب الجنوب داخل بنية سلطوية مركزية لا تعترف بالتعددية ولا بالشراكة.
هذه السياسات الاستبدادية هدفت إلى محو كل ما هو جنوبي، من الذاكرة التاريخية وحتى المكونات المؤسسية، في ظل صمت دولي وتواطؤ داخلي.
وعي جنوبي يتجدد.. ونضال لا يتوقف
رغم كل ما جرى، لم يستسلم شعب الجنوب. بل على العكس، أعادت تلك الكارثة السياسية والعسكرية تشكيل الوعي الجنوبي، وأنتجت حراكًا شعبيًا سلميًا مؤثرًا، رفض الاحتلال، وطالب باستعادة الدولة والهوية. لقد أدرك الجنوبيون أن ما جرى لم يكن عارضًا، بل تتويجًا لسلسلة طويلة من الغدر والخداع.
وهكذا، تحولت مأساة 7 يوليو إلى نقطة انطلاق جديدة في مسار النضال، حيث بات الشعب أكثر إصرارًا على استكمال مشروعه الوطني، بعيدًا عن أنصاف الحلول، وبثقة لا تلين نحو بناء دولته المستقلة.
رسالة واضحة للعالم: الجنوب لا يُهزم
إن السابع من يوليو ليس مجرد ذكرى حزينة، بل شهادة دامغة على ظلمٍ تاريخي لا يزال الجنوب يعاني من آثاره. ولكن، من بين هذا الألم، برز وعي جديد وإرادة لا تنكسر، تؤكد أن شعب الجنوب لن يقبل بأن يكون تابعًا أو مهمشًا، بل يسعى بكل عزم لاستعادة سيادته الكاملة، وبناء دولته الحرة التي تحقق تطلعاته، وتُصان فيها كرامته وحقوقه.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
