7 يوليو 1994: جرح مفتوح في ذاكرة الجنوبيين
لا تزال ذاكرة الجنوبيين تنزف في كل عام عند حلول السابع من يوليو، ذلك اليوم الذي سُجّل كواحد من أكثر الأيام مأساوية في تاريخ الجنوب الحديث.
ففي عام 1994، اجتاحت القوات اليمنية مدن الجنوب بالدبابات والمدفعية، لتبدأ حربًا وُصفت بأنها عدوان شامل على الأرض والإنسان والهوية.
حرب تدميرية ممنهجة ضد الجنوب
لقد شنّت القوى الشمالية حربًا مسعورة، لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل عملية إخضاع وتدمير ممنهجة استهدفت كافة مقومات الجنوب.
فمع بداية العدوان، بدأت فصول النهب المنظم، ومصادرة الممتلكات الخاصة والعامة، وإقصاء الكوادر الجنوبية المؤهلة من كافة مؤسسات الدولة.
ضحايا مدنيون وبنية تحتية مدمرة
لم تتوقف المعركة عند حدود الجبهات العسكرية، بل امتدت نيرانها إلى الأحياء السكنية، حيث قُصفت منازل المدنيين وارتُكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا وتدمير شبه كامل للبنية التحتية في مختلف مناطق الجنوب.
احتلال أم صراع سياسي؟
ما حدث في 7 يوليو لا يمكن اختزاله في كونه صراعًا سياسيًا فحسب، بل هو مشروع احتلال واضح المعالم، هدفه ابتلاع الجنوب وفرض الهيمنة الكاملة عليه. وقد تخللت تلك المرحلة المظلمة أبشع صنوف الإقصاء والتهميش، إضافة إلى نهب الثروات والاستيلاء على مقدرات الشعب الجنوبي.
الذاكرة الجنوبية حية والموقف ثابت
اليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على تلك الأحداث، لا تزال الذاكرة الجنوبية حيّة. ويُحيي الجنوبيون هذه الذكرى الأليمة بمسيرات ومواقف وطنية تعبّر عن تجديد العهد لدماء الشهداء، وتؤكد على مطلبهم الثابت في استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، تحت شعار "لن ننسى ولن نسامح".
من الذكرى إلى التحرير: إرادة لا تموت
وبالرغم من حجم الألم والمعاناة، تمثل ذكرى 7 يوليو نقطة تحوّل مفصلية في الوعي الجنوبي، حيث تحولت من مجرد لحظة استذكار إلى محطة استراتيجية لإعادة رسم معالم الطريق نحو التحرير الوطني. فبقدر الألم، تتجذّر الإرادة الشعبية لصياغة مستقبل عنوانه الكرامة، والسيادة، والاستقلال، كحق لا يسقط بالتقادم.
تحلّ ذكرى السابع من يوليو على شعب الجنوب العربي كواحدة من أكثر المحطات إيلامًا في تاريخه المعاصر. ففي هذا اليوم من عام 1994، اجتاحت قوى الاحتلال اليمنية الجنوب بقوة البطش والطغيان، تحت غطاء "الوحدة اليمنية" التي فُرضت بقوة السلاح، لا عبر التوافق والشراكة. ولذا، ما تزال هذه الذكرى حاضرة كجراح مفتوحة وسطر أسود في سجل الوطن.
حرب عدوانية بنوايا مسبقة
جاءت تلك الحرب ضمن سياق طويل من النوايا العدوانية والخطط الممنهجة التي أعدّتها قوى الشمال للسيطرة على الجنوب وثرواته. لم تكن مجرد ردة فعل سياسية، بل كانت نتيجة تخطيط مسبق تقف خلفه أطماع توسعية هدفت إلى تقويض مؤسسات الدولة الجنوبية، ونهب مقدراتها، وتمزيق نسيجها الاجتماعي.
صيف 1994.. عدن تحت النار
في صيف 1994، شهدت العاصمة عدن اجتياحًا دمويًا من قبل قوات الاحتلال اليمني، تم خلاله تدمير المنشآت العامة والخاصة، ونهب الممتلكات، واعتقال الكوادر الجنوبية، وسط حالة من الفوضى والفساد. وقد فتحت الحرب الباب أمام عبث منظم استهدف جميع مفاصل الدولة، لتبدأ مرحلة من الانهيار الممنهج لكافة جوانب الحياة.
الإقصاء والتهميش.. سياسة ممنهجة
لم يكن ما جرى مجرد حرب عسكرية، بل امتد ليكون مشروعًا متكاملًا للإقصاء والتهميش. فقد تم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين العسكريين والمدنيين الجنوبيين، وتم استبدالهم بعناصر موالية لقوى الاحتلال. كما فُرضت سياسات تخدم مركزية النفوذ في صنعاء، مقابل إضعاف كل ما له علاقة بالجنوب كهوية ومؤسسة.
"الوحدة".. غطاء زائف لاحتلال كامل
منذ إعلان الوحدة في عام 1990، حاولت قوى الشمال إقناع الجنوبيين بأنها مشروع وطني جامع. لكن سرعان ما تبيّن أن الوحدة كانت مجرد غطاء سياسي لاحتلال الجنوب ونهب خيراته. فسقطت كل الشعارات الزائفة أمام ممارسات القمع والاستقواء التي مارستها السلطات اليمنية بحق الجنوب أرضًا وإنسانًا.
انكشاف مشروع الهيمنة
مع اندلاع الحرب، تبخرت كل وعود الشراكة والاندماج، وتحوّلت الوحدة إلى وسيلة لتفكيك الجنوب وفرض السيطرة عليه. إذ بدلًا من بناء دولة موحدة قائمة على العدل والمساواة، أصبح الجنوب تابعًا خاضعًا للهيمنة، يُنهب اقتصاده، ويُقصى رجاله، ويُقمع صوته.
مشروع فاشل ومرفوض شعبيًا
لقد كانت ممارسات الاحتلال كفيلة بتحويل مشروع الوحدة إلى تجربة فاشلة بكل المقاييس. فالوحدة التي انطلقت بشعارات الأمل، تحوّلت بفعل سياسات الاستقواء إلى كابوس سياسي واجتماعي واقتصادي. اليوم، يرفض الشارع الجنوبي هذا المشروع بعد أن تجرّع ويلات حرب ظالمة وممارسات لا إنسانية كشفت النوايا الحقيقية خلفه
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
