7 يوليو 1994.. من الهزيمة إلى ولادة المشروع الوطني الجنوبي

تعببرية
تعببرية

لم يكن السابع من يوليو عام 1994 مجرد نهاية لحرب بين شطرَي اليمن، بل شكّل لحظة فارقة دشّنت مرحلة جديدة من الإقصاء الممنهج بحق الجنوب. 

فقد استخدم النظام اليمني نتائج الحرب لفرض واقع قسري، تجلّى في تفكيك مؤسسات الدولة الجنوبية، وإقصاء كوادرها، ومصادرة الإرادة السياسية لأبنائها، تحت غطاء "الوحدة اليمنية" التي سُرعان ما انكشفت حقيقتها.

رغم مرارة السقوط في تلك اللحظة، إلا أنها مثّلت أيضًا انطلاقة لوعي جمعي جديد تشكّل بين أبناء الجنوب، وكان إيذانًا ببداية مسار نضالي طويل وشاق، لكنه راسخ.

الوعي الجنوبي المقاوم يبدأ من "حتم" و"موج"

تجلّى هذا الوعي في نهاية تسعينيات القرن الماضي، عبر حركة "حتم" التي قادها اللواء عيدروس الزبيدي، كأول تعبير منظم عن الرفض الجنوبي لسياسات القمع والتهميش. 

وقد واجه الزبيدي حكمًا بالإعدام من قبل نظام علي عبدالله صالح، ما عكس مدى خطورة المشروع الجنوبي في نظر النظام.

إلى جانب ذلك، برزت جبهة "موج" كأحد أوائل الحركات التي رفعت صوت الرفض الشعبي، مؤكدة أن الجنوب يرفض العيش تحت واقع مفروض بالقوة.

"تاج" يعيد القضية الجنوبية إلى واجهة العمل السياسي

ومع قدوم عام 2004، وُلد التجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج"، ليحمل على عاتقه تمثيل القضية الجنوبية في الخارج. وقد تبنى "تاج" خطابًا تحرريًا واضحًا، ينظر إلى الجنوب كقضية شعب يسعى لاستعادة دولته، لا مجرد مطالب إصلاحية ضمن مشروع الوحدة.

جمعية المتقاعدين العسكريين.. التنظيم الجماهيري الأول

أما في الداخل، فقد شكّلت جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين لحظة فارقة في تاريخ الحركة الجنوبية. كانت أول كيان جماهيري منظم، طالب بإنصاف الجنوبيين الذين تعرّضوا للتسريح التعسفي بعد حرب 1994، وأسس لمرحلة جديدة من الحراك المدني المنظم.

13 يناير 2006.. بداية التسامح والانطلاقة الكبرى

وفي 13 يناير 2006، شهد الجنوب محطة مفصلية من خلال فعالية المصالحة والتسامح التي احتضنتها جمعية ردفان بعدن. كسرت هذه المناسبة حواجز الانقسام، وأرست أسس وحدة الصف الجنوبي، ما جعلها اللبنة الأولى لانطلاق الحراك الجنوبي السياسي والشعبي.

7 يوليو 2007.. الجماهير تستعيد الصوت

بعد عام واحد فقط، وفي ذكرى 7 يوليو 2007، خرجت الجماهير الجنوبية إلى الشوارع في تظاهرات حاشدة، لتستعيد صوتها ومطالبها، وتعلن بداية الحراك الجنوبي السلمي. ومنذ ذلك اليوم، راكم الجنوب تجربته النضالية عبر مليونيات متكررة، أكدت أن الجنوب قضية شعب لا يمكن طمسها أو تجاوزها.

2015.. انبعاث جديد وميلاد القيادة الوطنية

في خضم الحرب التي اندلعت عام 2015، بزغ فجر جديد مع صعود قيادة جنوبية مقاومة، لعبت دورًا حاسمًا في الدفاع عن الأرض والهوية. وقد مهد هذا التحول الطريق نحو إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي، عقب التفويض لـ عيدروس الزبيدي في مايو 2017، كإطار سياسي يمثل المشروع الوطني الجنوبي ويحمل راية الاستقلال بأبعاده التفاوضية والعسكرية والسيادية.

من يوم سقوط إلى رمز صعود

لقد تحوّل يوم 7 يوليو من ذكرى هزيمة إلى محطة محفزة على الوعي والمقاومة، ومن لحظة قهر إلى شرارة مشروع وطني متكامل. فاليوم لم يعد استعادة الدولة الجنوبية حلمًا مؤجلًا، بل رؤية واقعية تمتلك أدواتها السياسية، وكيانها المؤسساتي، وحاضنتها الشعبية الراسخة.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1