7 يوليو 1994.. بداية الحرب على الجنوب ومسيرة 31 عامًا من الاستهداف

تعببرية
تعببرية

في 7 يوليو من عام 1994، اندلعت حرب شاملة شنتها قوى الشمال ضد شعب الجنوب، لتُشكّل نقطة تحول مأساوية في التاريخ اليمني الحديث. 

هذه الحرب لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل حملة استهداف ممنهجة استمرت على مدار أكثر من ثلاثة عقود.

استهداف ممنهج لمقدرات الجنوب

على مدار 31 عامًا، واصلت قوى الاحتلال اليمني استهداف مقدرات الجنوب وثرواته الاقتصادية، في محاولة لتجريده من عناصر قوته وحرمانه من موارده. وقد شملت هذه السياسات عمليات نهب منظم للثروات الطبيعية، إلى جانب تهميش الكفاءات وإقصاء القيادات الجنوبية من مؤسسات الدولة.

الإفقار وتفكيك النسيج الاجتماعي

إلى جانب الاستنزاف الاقتصادي، سعت هذه الحرب إلى إفقار الجنوب بشكل ممنهج، من خلال سياسات الإقصاء والتجويع والتضييق على سبل العيش. كما هدفت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي عبر بث الفتن، وضرب الروابط المجتمعية التي تشكّل عماد وحدة الجنوب وصموده.

مسيرة طويلة من المعاناة والمقاومة

ورغم حجم المعاناة التي واجهها الجنوب خلال هذه العقود الثلاثة، لم تفقد القضية الجنوبية زخمها، بل ظلت جذوة النضال مشتعلة، لتستمر المطالبات الشعبية باستعادة الدولة وبناء مستقبل يستند إلى العدالة والسيادة والكرامة.

في السابع من يوليو 1994، اجتاحت قوات الاحتلال اليمني العاصمة عدن وبقية مدن الجنوب في حرب وصفت بالهمجية، استُخدمت فيها الفتاوى التكفيرية لتبرير قتل الجنوبيين. استهدفت الحرب القضاء على دولة الجنوب، وتدمير مؤسساته، ونهب ثرواته، وتحويله إلى غنيمة حرب لصالح أمراء صنعاء.

الاحتلال مستمر.. وآثاره لم تندمل

استمر الاحتلال بعد انتهاء الحرب، فتحوّلت الدولة الجنوبية إلى منطقة خاضعة للتهميش السياسي والثقافي، وجرى تسريح مئات الآلاف من الموظفين والجنود، وتم الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، وتحولت عدن ومناطق الجنوب إلى مركز للنهب والقمع والإقصاء.

شرارة الحراك الجنوبي.. بداية الثورة

ورغم القمع، لم يصمت الجنوب. ففي 7 يوليو 2007، انطلقت شرارة الحراك الجنوبي السلمي، معلنة بداية ثورة جماهيرية ضد الاحتلال. تحوّل يوم النكبة إلى يوم مجيد، توج لاحقًا بانطلاق العمل المسلح وتحرير الأرض من الإرهاب وفلول القوى الغازية.

من الاحتلال إلى بناء الدولة

ثم جاء إعلان تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017 بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، ليكون حاملًا سياسيًا للقضية الجنوبية، ومعبّرًا عن طموحات الشعب في استعادة دولته الفيدرالية. أصبح الجنوب يمتلك اليوم جيشًا منظمًا وقوات أمن صلبة تحمي الأرض والشعب.

الحملة الإعلامية.. تأكيد للحق واستعادة للكرامة

بالتزامن مع الذكرى الـ31، أطلق ناشطون جنوبيون حملة إلكترونية عبر منصات التواصل لتوثيق جرائم حرب 7 يوليو 1994، مؤكدين أن تلك الجرائم لن تسقط بالتقادم، وأن الجنوب لن يقبل إلا باستعادة دولته على حدود ما قبل 21 مايو 1990.

في 22 مايو 1990، توحدت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب مع الجمهورية العربية اليمنية في الشمال، على أمل بناء دولة يمنية موحدة قائمة على الشراكة والعدالة. لكن سرعان ما تبيّن أن هذه الوحدة كانت مجرد فخ سياسي خُطط له بإحكام من نظام صنعاء، لاستدراج الجنوب والسيطرة عليه تدريجيًا.

الانقلاب على الاتفاق وتكفير الجنوب

 

مع الأيام الأولى، بدأت بوادر الانقلاب تظهر. تم تهميش القيادات الجنوبية من المناصب، وتسليم مؤسسات الدولة للعناصر الموالية للنظام الشمالي. وقاد حزب الإصلاح، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، حملات تحري

ض وتكفير دينية ضد الجنوبيين، ممهّدًا الطريق نفسيًا وشرعيًا للحرب.

عدوان 1994.. السقوط والنهب والإقصاء

في 27 أبريل 1994، أعلن النظام اليمني الحرب رسميًا على الجنوب، ومع دخول القوات الشمالية في 7 يوليو إلى عدن، بدأت مرحلة الاحتلال اليمني. رافقها قصف عشوائي، ومجازر جماعية، ونهب ممنهج للمؤسسات والثروات، وتسريح الآلاف من الكوادر الجنوبية قسرًا.

طمس الهوية وتدمير الدولة

لم يكن الاحتلال عسكريًا فقط، بل كان أيضًا ثقافيًا واقتصاديًا وتاريخيًا. فُرضت المناهج الموحدة، وحُذفت رموز الجنوب من الذاكرة العامة، وأُقصيت الكفاءات، وتم تجفيف عدن، الميناء الدولي الشهير، لصالح موانئ بديلة تابعة لشركاء الاحتلال في الشمال.

من المقاومة السلمية إلى التحرر المسلح

رغم القمع، تفجّر الحراك الجنوبي السلمي عام 2007، بقيادة المتقاعدين العسكريين. ثم جاءت حرب 2015، ليقف الجنوب موحدًا ضد غزو الحوثيين، ويحرر أراضيه من جديد، بمساندة التحالف العربي.

المجلس الانتقالي الجنوبي.. تتويج النضال

في مايو 2017، تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزُبيدي ليكون صوت الجنوب وممثله الشرعي، ويقود مشروع استعادة الدولة. بدأ الجنوب بناء مؤسساته الأمنية والعسكرية، وانتقل من مرحلة الدفاع إلى فرض وجود سياسي حقيقي.

الجنوب اليوم.. ذاكرة لا تموت

رغم محاولات الطمس والإنكار، لم تُنسَ جرائم الاحتلال، من اغتيالات وتهميش، إلى قصف المدن وتجويع السكان. واليوم، تتجدد الذاكرة الجنوبية وتؤكد أن الوحدة كانت احتلالًا، وأن الجنوب ماضٍ نحو استعادة سيادته على كامل حدوده المعروفة قبل 22 مايو 1990.

 

عانى شعب الجنوب العربي طيلة ثلاثة عقود من ويلات العدوان اليمني الوحشي، الذي فرض بالقوة واقع الاحتلال والتبعية، منذ حرب 7 يوليو 1994. وقد شكّل هذا الاحتلال مصدرًا دائمًا للاضطهاد والإقصاء والحرمان.

نهب الثروات وتدمير البنية

مارست قوى الاحتلال سياسة منهجية لنهب الثروات الجنوبية، مع تهميش متعمّد طال الكفاءات والمؤسسات، ما أدى إلى تفكيك البنية الاقتصادية والاجتماعية للجنوب، في محاولة لطمس هويته الوطنية وتهميش دوره الإقليمي.

لم يكن ما جرى في حرب يوليو 1994 مجرد اجتياح عسكري تنفّذه قوى الاحتلال اليمنية، بل كان عدوانًا شاملًا على وطنٍ بأكمله، استهدف الأرض والهوية والتاريخ، وضرب شعبًا له حق مشروع وتاريخ نضالي عريق. مثل هذا العدوان يمثّل نقطة سوداء في التاريخ المعاصر للجنوب، ودلالة على النوايا الحقيقية التي كانت تتخفى خلف شعارات الوحدة الزائفة.

محطة لتجديد الذاكرة والتشبث بالمشروع الوطني

وتُعد ذكرى 7 يوليو محطة متجددة لتجديد الذاكرة الجنوبية بشأن الجرائم التي ارتُكبت بحق الوطن، والتأكيد على ضرورة التمسك بالمشروع الوطني الجنوبي في استعادة الدولة، وبناء مستقبل يليق بتضحيات الأحرار الذين قدّموا أرواحهم فداءً للكرامة والسيادة.

مرحلة سوداء تحت سلطة الإقصاء والنهب

كانت حرب 1994، وتحديدًا يوم 7 يوليو، بداية مرحلة سوداء عاشها الجنوب تحت قبضة الإقصاء والنهب، حيث مُكّنت قوى الاحتلال من الاستيلاء على مقدّرات الجنوب، وجرى تغييب العدالة، وفرض سياسات ممنهجة هدفت إلى طمس الهوية الجنوبية وتجهيل أجيالها.

مخططات منظمة لتهميش الجنوب

ومن الجدير بالذكر، أن تلك السياسات لم تكن عشوائية، بل نُفذت وفق مخططات مدروسة، هدفت إلى ابتلاع الجنوب، وتحويله إلى منطقة مهمشة غير قادرة على النهوض أو حتى المطالبة بحقوقها، بهدف إسكات صوت الجنوب الذي لطالما نادى باستعادة دولته كاملة السيادة.

الحراك الجنوبي.. انطلاقة النضال السلمي

ورغم آلة القمع والتنكيل، فإن الجنوب لم يصمت، بل خرج من بين الركام أكثر عزيمة، وأطلق حراكه السلمي في العام 2007، رافعًا راية التحرير والاستقلال، في تحدٍ صريح لمحاولات الطمس والتغييب. وكان ذلك الحراك بمثابة انطلاقة جديدة لمشروع استعادة الدولة.

ملحمة التحرير الثانية في 2015

ثم جاءت محطة النضال المسلح، مع اجتياح الميليشيات الحوثية الإرهابية، بدعم من ذات القوى التي احتلت الجنوب في 1994، ليقف الجنوب مجددًا مدافعًا عن أرضه وكرامته. في عام 2015، سُطرت ملحمة تاريخية لتحرير الجنوب من جديد، مثّلت تجليًا لإرادة لا تُكسر وعزيمة لا تلين.

ذكرى 7 يوليو.. شهادة على فشل مشروع الوحدة

وبالتالي، فإن ذكرى 7 يوليو لا ينبغي أن تُختزل فقط في تفاصيل الاجتياح، بل يجب قراءتها كدليل دامغ على فشل مشروع الوحدة المشؤومة، الذي استُخدم غطاءً لتمرير أكبر عملية قمع واحتلال ضد الجنوب.

الجنوب اليوم.. ذاكرة لا تنسى وطريق نحو الاستقلال

في هذه الذكرى القاسية، بات من المؤكد أن الجنوب لن يعود إلى الوراء، وأن ذاكرته الجمعية لا ولن تنسى ما جرى. فمشروع الاستقلال لم يعد حلمًا عاطفيًا، بل هدف واقعي تُبنى لأجله التحالفات، وتُرسم السياسات، ويُصاغ وعي الأجيال الجديدة على أساسه، تمهيدًا لقيام دولة جنوبية حرة ذات سيادة كاملة.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1