بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة.. كيف تلاشت شبكة نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟

متن نيوز

 

 في لحظات توتر سابقة من عمر الخصومة والعداء الذي يمتد لعقود بين إيران والقوى الغربية، كانت طهران قادرة على مد نفوذها في أنحاء الشرق الأوسط باستخدام شبكة من الحلفاء المقربين، وهو ما كان يجعل توجيه أي ضربات إليها بمثابة إطلاق العنان لرد فعل جسيم.

 

لكن الآن، مع وصول المحادثات بشأن برنامجها النووي إلى طريق مسدود، وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن شن إسرائيل هجوما على إيران هو أمر “من الممكن جدا أن يحدث”، أصبحت طهران مضطرة لمواجهة أزمة جديدة بعدما تراجعت هذه القدرات التي كانت تملكها بشكل كبير.

 

وقتلت الولايات المتحدة العقل المدبر لشبكة إيران الإقليمية في عام 2020. ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل 20 شهرا، هاجمت إسرائيل جماعة حزب الله اللبنانية، وهي أقرب حليف لطهران، بينما أطاح مقاتلو المعارضة بشريكها الرئيسي في المنطقة وهو الرئيس السوري بشار الأسد.

 

عندما هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، أثار ذلك ردا عسكريا واسع النطاق أسفر عن مقتل عدد كبير من كبار قادة الحركة، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران الصيف الماضي.

 

لا تزال حماس تقاتل في غزة وتحتفظ بحضور قوي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، لكنها لا تملك حاليا قوة عسكرية قادرة على تشكيل تهديد واقعي لإسرائيل.

 

وتوسعت الحرب سريعا مع قيام جماعة حزب الله، الحليف الأهم لإيران في المنطقة، بمهاجمة إسرائيل عبر لبنان تضامنا مع الفلسطينيين في غزة، مما أدى إلى قصف متبادل عبر الحدود بين الجماعة وإسرائيل استمر لعدة شهور.

 

وتصاعد ذلك الصراع فجأة في سبتمبر 2024 عندما فجرت إسرائيل الآلاف من أجهزة التواصل المفخخة التي يستخدمها أعضاء حزب الله، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات منهم.

 

وعلى مدى الأسابيع التالية، أسفرت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية عن مقتل كبار قادة حزب الله، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله، مما وجه ضربة موجعة للحزب وكشف اختراق واسع له.

 

وقبلت جماعة حزب الله وقف إطلاق النار مع إسرائيل في نوفمبر تشرين الثاني. وتراجعت قوة الجماعة التي كانت تمثل في السابق تهديدا لإسرائيل.

 

وأطيح بالأسد في سوريا بعد ذلك بوقت قصير. واستهدفت إسرائيل كبار القادة الإيرانيين في سوريا بغارات جوية خلال الصيف، مما تسبب في انسحاب جزئي للحرس الثوري الإيراني. وبدون دعم إيران وحزب الله، والحليفة روسيا المنشغلة في الحرب في أوكرانيا، انهار جيش الأسد عندما شنت جماعات المعارضة المسلحة هجوما في أواخر نوفمبر تشرين الثاني أدي إلى سقوط الأسد في ديسمبر.

 

ومع تراجع قوة حماس وحزب الله بشكل كبير، لا يزال بإمكان إيران الاستعانة بالجماعات المسلحة الشيعية التي تدعمها في العراق والحوثيين في اليمن.

 

ويضم العراق مجموعة من الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران، لكن عددا قليلا منها يعد من بين الأكثر قوة وقربا لطهران، بما في ذلك كتائب حزب الله وحركة النجباء.

 

وتتلقى تلك الجماعات أسلحة وتوجيهات من إيران، وتدين بالولاء للزعيم الأعلى لايران، لكنها تحتفظ بقدر من الاستقلالية في عملياتها داخل العراق. وتوقفت تقريبا عن شن هجمات تستهدف القوات الأمريكية وإسرائيل منذ العام الماضي.

 

ويشكك محللون في المدى الذي يمكن أن يذهبوا إليه في حماية إيران إذا كان الهجوم يستهدف مواقعها النووية، بدلا من محاولة إسقاط  ايران، نظرا لأن ذلك سيشكل تهديدا وجوديا لمصدر دعمهم الرئيسي.

 

ويواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، لكن قدرتهم على تشكيل تهديد كبير من مواقعهم البعيدة في اليمن موضع شك. وتراجعت هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر منذ إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة خلال الربيع الماضي.