الجامعة العربية تُطلق تحذيرًا شديد اللهجة: التغير المناخي يهدد مستقبل المدن العربية ونصف سكانها مهددون بنقص المياه
حذّرت جامعة الدول العربية من التفاقم المتسارع لتأثيرات التغير المناخي على المدن والمجتمعات العربية، مشيرة إلى أن التحديات البيئية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة تستوجب تحركًا جماعيًا عاجلًا وتنسيقًا إقليميًا فعّالًا.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شؤون البيئة والأرصاد الجوية بالجامعة، في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الثالث للبيئة والمناخ، الذي عُقد اليوم بمقر الأمانة العامة بالقاهرة.
وأكد فتح الله أن الظواهر المناخية المتطرفة باتت واقعًا ملموسًا في المنطقة، مستشهدًا بالأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة التي ضربت مدينة الإسكندرية مؤخرًا في توقيت غير معتاد من العام، ما يفرض مراجعة فورية لخطط التكيف المناخي والتخطيط الحضري في الدول العربية.
وفي هذا السياق، أشار إلى تقديرات صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، تُظهر أن بعض الدول العربية قد تخسر ما يصل إلى 14% من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 بفعل تغير المناخ، في وقت يعاني فيه أكثر من 60 مليون مواطن عربي من شح المياه، وسط توقعات بارتفاع درجات الحرارة بما يتراوح بين 2.5 و5 درجات مئوية بنهاية القرن الحالي.
وشدد المسؤول العربي على أن التعامل مع هذه التهديدات الوجودية لم يعد رفاهية أو خيارًا سياسيًا، بل أصبح ضرورة لا تقبل التأجيل، مشددًا على أهمية توحيد جهود الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في مواجهة هذا التحدي المصيري، ومؤكدًا أن ملف البيئة والمناخ بات في صميم أولويات جامعة الدول العربية.
وتطرق فتح الله إلى الجهود العربية الملموسة على الساحة الدولية، ومن أبرزها: إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، والمشاركة الفاعلة في الجرد العالمي لاتفاقية باريس، فضلًا عن المبادرات البيئية الرائدة كـ "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، بالإضافة إلى التوسع في الاستثمارات الخضراء والطاقة المتجددة في دول مثل مصر، الإمارات، والمغرب.
وفي سياق متصل، نوه بـ شعار اليوم العالمي للبيئة لهذا العام تحت عنوان "إنهاء التلوث البلاستيكي عالميًا"، مشيرًا إلى أن الجامعة العربية شكّلت في عام 2024 فريقًا عربيًا للتفاوض الموحد ضمن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بهذا الملف، ما يعكس التزامًا عربيًا واضحًا نحو بيئة أنظف وأكثر استدامة.
وفي ختام كلمته، شدد الدكتور فتح الله على ضرورة تعزيز الاستثمارات في مجالات المعرفة والابتكار والتكنولوجيا البيئية، مثمنًا جهود المنظمين والشركاء والداعمين لمؤتمر البيئة والمناخ، ومؤكدًا أن المسيرة البيئية العربية ماضية بثبات رغم التحديات.
