ترامب ينجح في غزو أوروبا.. انتخاب كارول ناوروكي رئيسًا لبولندا يوجه ضربة قوية للنخبة الأوروبية المؤيدة للاتحاد
شهدت الساحة السياسية الأوروبية حدثًا مفصليًا برزت فيه الحرب الثقافية الأمريكية، التي ألحقت أضرارًا جسيمة بالولايات المتحدة، لتنتقل رسميًا إلى القارة العجوز، بعد فوز كارول ناوروكي، المؤرخ المحافظ والملاكم السابق، المدعوم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية البولندية التي جرت قبل يومين.
نجح ناوروكي في التفوق على رافال ترزاسكوفسكي، رئيس بلدية وارسو الوسطي والمناصر للاتحاد الأوروبي، في ضربة موجعة توجه صفعة قوية للحكومة البولندية المؤيدة للبروكسيل، مما يعكس تغيرًا دراماتيكيًا في موازين القوى داخل أوروبا.
وكان فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر وزعيم التيار الشعبوي الجديد في أوروبا، قد دعا في اجتماع دولي لمؤيدي ترامب عقد في بودابست في 29 مايو إلى "غزو بروكسل" بعد واشنطن، وهو ما تحقق بخطوة انتخاب ناوروكي رئيسًا لبولندا بعد أيام قليلة فقط.
وأشارت مجلة "لوبوان" الفرنسية في افتتاحيتها إلى التدخل الأمريكي المباشر في الانتخابات البولندية، حيث استقبل البيت الأبيض ناوروكي بحفاوة في الأول من مايو، وزارت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم بولندا لدعم حملة ناوروكي ودعوته إلى "اختيار القائد المناسب" لإعادة أوروبا إلى "القيم المحافظة".
ورغم دعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الوزراء البولندي المؤيد للاتحاد الأوروبي دونالد توسك، عبر توقيع معاهدة صداقة ودفاع مشترك في نانسي في 9 مايو، إلا أن هذا الدعم لم يحقق الأثر المرجو في مواجهة المد الشعبوي المتصاعد.
ويهدد فوز ناوروكي الذي حصل على 50.9% من الأصوات بإضعاف الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وتقويض نفوذ بولندا داخل الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تهديد خطة توسك الإصلاحية الليبرالية، إذ يتمتع رئيس الدولة البولندي بصلاحية نقض بعض القرارات التشريعية.
ويعكس هذا الفوز حالة الاستقطاب الحادة داخل بولندا التي تشبه إلى حد كبير المشهد السياسي الأوروبي العام، حيث الصراع لم يعد فقط بين اليسار واليمين، بل بين الأوروبيين الوسطيين والشعبويين اليمينيين، الذين يستمدون قوتهم من خطاب يهاجم النخب السياسية ويتهمها بخيانة المصالح الوطنية، ويثير مخاوف كبيرة من الهجرة والإسلام السياسي، فضلًا عن ما يرونه تآكلًا في المرجعيات الثقافية والمجتمعية التقليدية.
