تصدرت تريند جوجل.. إجراءات تاريخية لهيئة التأمينات السعودية
في خطوة حازمة ضمن مساعيها المتواصلة لإعادة هيكلة قطاع التأمين وضمان التزامه بالمعايير الرقابية والتنظيمية، أعلنت هيئة التأمين السعودية إلغاء التراخيص النهائية لـ 28 شركة عاملة في مجال التأمين، وذلك في إطار إجراءات تصحيحية شاملة أطلقتها الهيئة في أبريل الماضي.
فالقرار، الذي جاء وفقًا للصلاحيات النظامية الممنوحة للهيئة بموجب نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ولوائحه التنفيذية، يعكس توجّهًا مؤسسيًا نحو إصلاح السوق وضبط الممارسات التشغيلية بما يعزز من استقرار القطاع ويضمن حماية حقوق جميع الأطراف المتعاملة معه.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن الهيئة عبر موقعها الإلكتروني، فإن هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع استراتيجية الهيئة الرامية إلى دعم فاعلية السوق ورفع مستوى الشفافية، بما يسهم في تعزيز الثقة لدى حملة الوثائق والمستفيدين من الخدمات التأمينية.
وأكدت الهيئة أن القرارات الأخيرة من شأنها أن تسهم في تقوية البنية التحتية للقطاع التأميني، ودفعه نحو مستويات أعلى من الالتزام والكفاءة، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030.
ويأتي هذا التحرك في وقت يواصل فيه قطاع التأمين السعودي تسجيل مؤشرات إيجابية على مستوى الأداء المالي والتشغيلي، حيث كشف تقرير الهيئة الأخير عن أداء السوق في 2024، عن نمو ملموس في إجمالي الأقساط المكتتبة، إلى جانب توسع واضح في قطاع تأمين الحماية والادخار.
كما أظهر التقرير ارتفاع مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 2.59%، إلى جانب تحقيق أرباح صافية بلغت 3.6 مليار ريال، مقارنة بـ 3.2 مليار ريال في عام 2023، ما يشير إلى تحسن في الكفاءة التشغيلية والربحية للقطاع.
وشهد العام الماضي أيضًا صدور عدد من التحديثات التنظيمية، تضمنت إصدار قواعد تنظيمية جديدة، واستحداث نماذج موحدة لعدد من المنتجات التأمينية، بهدف توحيد المعايير وتحقيق العدالة بين الشركات، وتمكين المستهلكين من الحصول على خدمات تأمينية ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية.
وضمت قائمة الشركات التي طالتها قرارات الإلغاء النهائي مجموعة متنوعة من مقدمي خدمات التأمين، ووسطاء التأمين، وشركات تسوية المطالبات، ومن أبرزها: شركة شاير لوكالة التأمين، شركة الأمان لوساطة التأمين وإعادة التأمين، شركة رؤى لوكالة التأمين، شركة مارش السعودية لاستشارات التأمين، شركة ميدي فيزا لتسوية المطالبات الطبية، شركة فرسان لوكالة التأمين، شركة وصل لوساطة التأمين، شركة لافال، وشركة تقدير العالمية، وغيرها من الشركات التي لم تلتزم بالضوابط والمعايير المنصوص عليها في النظام.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت يتزايد فيه الاهتمام بالحوكمة والشفافية في سوق التأمين السعودية، إذ تسعى الهيئة إلى فرض نظام رقابي صارم يضمن خلو السوق من الممارسات غير النظامية، ويعزز من جاذبية القطاع أمام المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
ويشير مراقبون إلى أن هذه الحملة التصحيحية قد تمهد الطريق لمرحلة جديدة من النمو النوعي في قطاع التأمين بالمملكة، تقوم على المهنية، والانضباط، والمنافسة العادلة.
كما من المتوقع أن تؤدي إلى تحفيز الشركات العاملة في السوق على الالتزام التام بالقوانين واللوائح، والعمل على تحسين خدماتها ومنتجاتها، بما يتماشى مع تطلعات العملاء ومعايير السوق الحديثة.
في المجمل، يظهر قرار الهيئة بإلغاء تراخيص 28 شركة دفعة واحدة كخطوة جريئة واستباقية، تؤكد أن مرحلة التراخي قد انتهت، وأن مستقبل القطاع مرهون بقدرته على الامتثال والإصلاح، بما يتواءم مع الطموحات الاقتصادية للمملكة والمبادئ التنظيمية التي تحكم الأسواق المتقدمة.
