رغم التحديات.. كيف استطاع الانتقالي تحقيق نجاحات واضحة في المسارين السياسي والميداني؟

تعبيرية
تعبيرية

في الذكرى الـ31 لإعلان فك الارتباط في 21 مايو 1994، يجدد شعب الجنوب العربي تمسكه بخياره الوطني المتمثل في استعادة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود ما قبل 22 مايو 1990.

وبات هذا الهدف اليوم أقرب من أي وقت مضى، في ظل قيادة سياسية موحّدة ممثلة بـالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة  اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، الذي أكد مرارًا أن استعادة الدولة ليس خيارًا تكتيكيًا، بل هو حق لا تنازل عنه، ومهمة استراتيجية مستمرة حتى تتحقق بالكامل.

منذ تأسيسه عام 2017، حمل المجلس الانتقالي الجنوبي على عاتقه مهمة التعبير السياسي والرسمي عن تطلعات الجنوبيين، ونجح في تثبيت حضور الجنوب كقضية وطنية على طاولة المفاوضات الإقليمية والدولية.

لم يكن ذلك مجرّد تموضع سياسي، بل نتيجة نضال طويل قدم فيه الجنوبيون آلاف الشهداء من أجل استعادة كيانهم الوطني وهويتهم السياسية.

وفي هذه المناسبة، يعيد المجلس التأكيد على أن أي حلول سياسية قادمة لا تضمن حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم، هي حلول غير قابلة للحياة.

كما يؤكد على أن المجلس لن يكون شاهد زور في أي مسارات تفاوضية تحاول الالتفاف على تطلعات الشعب الجنوبي أو تأجيل استحقاقه الوطني.

ورغم التحديات، استطاع الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تحقيق نجاحات واضحة في المسارين السياسي والميداني بينها تثبيت الأمن والاستقرار في العاصمة عدن وعدد من محافظات الجنوب، من خلال قوات أمنية وعسكرية جنوبية خالصة تحمي الأرض والإنسان.

ومن بين المكاسب أيضًا المشاركة الفاعلة في المشاورات والحوارات السياسية برعاية إقليمية ودولية، وهو ما ساهم في إدخال القضية الجنوبية إلى صلب الأجندة الدولية، بجانب تحقيق إجماع شعبي كبير حول خيار استعادة الدولة، رغم محاولات التشويه والتضليل التي تمارسها بعض الأطراف التي ترى في عودة الجنوب خطرًا على مشاريعها الضيقة.

كما نجح المجلس في إدارة مؤسسات خدمية ومدنية في ظروف صعبة، الأمر الذي يعكس إرادة حقيقية لبناء دولة قادرة على الوقوف على قدميها.

أمام هذا الواقع فإن الجنوب يرفع شعارات في الهواء، بل يمضي بثبات نحو هدفٍ تتقاطع فيه الإرادة الشعبية مع الأداء السياسي والأمني المتقدم.

فمن خلال قيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، دخل الجنوب مرحلة صناعة النصر، ولم يعد يفصل بينه وبين إعلان الدولة سوى استكمال بعض الاستحقاقات الوطنية والدولية.

ولقد أصبح الجنوب رقمًا صعبًا في المعادلة، وصوتًا لا يمكن تجاهله، وأملًا يتجدّد في نفوس شعبه مع كل ذكرى، وكل موقف، وكل شبر يُنتزع من واقع التبعية والظلم.

ومع المكتسبات التي تحققت على مدار الفترات الماضية، لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله لتحويل الحلم الجنوبي إلى حقيقة كاملة بينها مواصلة بناء مؤسسات دولة جنوبية حديثة تقوم على الكفاءة والنزاهة، بعيدًا عن المحاصصة والمناطقية.

يتطلب الأمر كذلك تعزيز وحدة الصف الجنوبي والانفتاح على كل القوى والمكونات الجنوبية المؤمنة بمشروع الدولة، في إطار حوار وطني شامل، مع العمل الدبلوماسي والإعلامي الخارجي لكسب المزيد من الدعم الدولي لقضية الجنوب كقضية تحرر وطني تستحق الاعتراف.

يحتاج الجنوب كذلك تحقيق نهضة اقتصادية وأمن غذائي وخدماتي على النحو الذي يعزز ثقة المواطن الجنوبي بمشروع الاستقلال، ويثبت للعالم أن الجنوب قادر على إدارة شؤونه بنجاح.
 

تحل ذكرى إعلان فك الارتباط هذا العام، والجنوب يواجه جولة جديدة من التحديات لا تقل خطرًا عن مرحلة الاجتياح العسكري عام 1994.

 

فبينما انهار مشروع الوحدة المشؤومة تحت وطأة الفشل والتفكك، تتكثف المحاولات لإعادة إنتاجه بطريقة ملتوية، تقوم على تقاسم النفوذ بين قوى الاحتلال القديم، ومليشيا الإرهاب، وشبكات الفساد المتغلغلة في بنية ما تبقى من "الدولة اليمنية".

تهدف هذه المؤامرات والمخططات المشبوهة، للعمل على الالتفاف على تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولته وهويته.

أبرز ما يهدد مشروع الدولة الجنوبية اليوم ليس فقط أدوات العنف العسكري، بل التحركات السياسية التي تسعى إلى فرض تسويات مشبوهة، تكرس الوصاية وتعيد تدوير الفشل.

فبعض القوى اليمنية، ممن اعتادت استثمار الوحدة كغطاء للنهب والسيطرة، تحاول اليوم أن تسوّق صيغًا هلامية من "مشروع الأقاليم" أو "الدولة الاتحادية"، وهي مشاريع لا تختلف في جوهرها عن مشروع الوحدة الفاشلة، سوى في اللغة المستخدمة.

تلك القوى التي شاركت في حروب الإقصاء ونهب الثروات منذ 1994، لا تزال تمارس دورها التخريبي عبر أدوات مختلفة مثل تحريك غرف عمليات إعلامية تروّج لوحدة مُجمّلة لا وجود لها، وفتح قنوات تمويل تُغذي مليشيات تتغلغل في بعض المناطق الجنوبية لإرباك المشهد الأمني، وتفجير الأوضاع عند كل تقدم يُحرزه المجلس الانتقالي الجنوبي في تثبيت مؤسسات الدولة.

في المقابل، لم يكن الجنوب في موقف المتفرج. فالمشروع الوطني الجنوبي بات أكثر وعيًا بنمط هذه المؤامرات، وأكثر قدرة على مواجهتها سياسيًا وأمنيًا.

المجلس الانتقالي الجنوبي، بصفته الحامل السياسي للقضية الجنوبية، يدرك أن ما يجري هو معركة وجود، وأن أي تهاون في التعاطي مع مشاريع التقاسم أو إعادة تدوير الفساد، يعني العودة إلى نقطة الصفر.

ولهذا، فإن أدوات المواجهة لم تعد تقليدية؛ بل تتراوح بين ضبط الأمن، وتحجيم بؤر النفوذ، والعمل الدبلوماسي المتواصل لفضح هذه المشاريع أمام المجتمعين الإقليمي والدولي.

لقد أثبت الجنوب أن مشروعه ليس ضد أحد، بل معني ببناء كيان يحترم الجوار، ويحقق الاستقرار في منطقة استراتيجية شديدة الحساسية وهذا ما لا يروق لقوى ترى في استمرار الفوضى فرصة للبقاء والابتزاز السياسي.

ولذلك، فإن محاولة الالتفاف على إرادة الجنوبيين تحت شعارات مزيفة من "الشراكة الوطنية" أو "الوحدة بحُلَّة جديدة"، ما هي إلا محاولات مكشوفة لإعادة تدوير السيطرة، وتجميل صورة مشروع فقد شرعيته منذ أن تحوّل إلى غطاء للغزو والنهب.

وفي ذكرى فك الارتباط، يتجدد التأكيد بأن الجنوب ليس ساحة متروكة لتجاذبات القوى الفاسدة، ولا ساحة مفتوحة لمشاريع التخادم بين الإرهاب والاحتلال بل هو اليوم أكثر وعيًا ونضجًا، وأكثر تصميمًا على استكمال مشروع استعادة دولته على أسس العدالة والسيادة الكاملة.

فما يجري من محاولات لإعادة إنتاج الوحدة في قوالب جديدة، سيُواجَه بذات الحزم الذي واجه به الجنوب مشاريع الإقصاء في الماضي، لأن الشعوب التي تدفع أثمان الكرامة، لا يمكن أن تقبل العودة إلى التبعية، مهما تغيرت الأقنعة.
 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1