كيف أظهرت الأجهزة الأمنية الجنوبية قدرًا كبيرًا من الانضباط والاحتراف؟
#المشهد_الجنوبي.. تتواصل في الجنوب موجة غير مسبوقة من الغضب الشعبي نتيجة التدهور المريع في الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء والمياه، إلى جانب تدهور البنية التحتية وتدهور الأوضاع المعيشية.
هذا الغضب لم يعد مجرد تذمر عابر، بل تحوّل إلى احتجاجات غاضبة، خرجت من رحم المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن الجنوبي، في ظل صيف حارق، وانقطاع مستمر للخدمات، وغياب أي حلول ملموسة.
لكن هذا الحراك الشعبي السلمي والمشروع، سرعان ما أصبح هدفًا لقوى الاحتلال اليمني التي لم تتوقف يومًا عن محاولات زعزعة الاستقرار في الجنوب.
هذه القوى، التي فشلت في إخضاع الجنوب عسكريًا، تحاول الآن التسلل عبر بوابة المعاناة، لركوب موجة الغضب الشعبي وتحويلها إلى حالة فوضى مدفوعة الأهداف، وهي محاولات خبيثة لتحويل الغضب من أداة للمطالبة إلى وسيلة للهدم.
هذه القوى المعروفة بانتمائها لمراكز النفوذ في صنعاء وأذرعها في بعض التيارات السياسية، بدأت بتوجيه عناصرها لاختراق صفوف المتظاهرين، وتحريضهم على أعمال شغب، ورفع شعارات تستهدف تفكيك العلاقة بين الشعب الجنوبي ومؤسساته الأمنية والعسكرية.
وهدف هذه التحركات واضح للعيان، وهو صناعة مشهد فوضوي يوحي بأن الجنوب غير قادر على إدارة نفسه، وأن مؤسساته فاشلة، في محاولة يائسة لضرب مشروع الاستقلال من الداخل.
ومع ذلك، فإن الوعي الجمعي الجنوبي يظل حاضرًا بقوة، حيث أدرك المواطن الجنوبي، من تجربته الطويلة مع تلك القوى، أن هناك من يحاول اختطاف صوته وتحويل معاناته إلى فرصة سياسية لأعداء قضية شعب الجنوب العادلة.
كما أن الأجهزة الأمنية الجنوبية أظهرت قدرًا كبيرًا من الانضباط والاحتراف، حيث تعاملت مع الاحتجاجات بحكمة، وقدمت نموذجًا لأمنٍ وطنيٍ يحمي الناس ولا يقمعهم.
هذا التوازن بين حق الناس في الغضب، وواجب الأمن في حماية الاستقرار، ساهم في إفشال محاولات الانفلات، وكشف من كان يسعى لاستغلال الموقف لغايات غير وطنية.
يترقب الجنوبيون الذكرى السنوية الـ31 لفك ارتباط الجنوب العربي في 21 مايو، كواحدة من أهم المحطات التاريخية التي شكّلت نقطة تحوّل في مسار النضال الجنوبي لاستعادة دولته.
هذا التطور الاستراتيجي جاء بعد سنوات من وحدة فاشلة جرى الترويج لها في عام 1990 بين الجنوب العربي، والجمهورية العربية اليمنية.
لكن تلك الوحدة سرعان ما تحولت إلى مشروع ضم وإقصاء وهيمنة بالقوة العسكرية أرادت استنزاف الجنوب ومقدراته.
وثيقة إعلان فك الارتباط الصادرة في 21 مايو 1994 لم تكن مجرد ردة فعل سياسية آنية، بل كانت تعبيرًا صريحًا عن إرادة شعبية جنوبية رافضة للواقع الذي فرضه الشمال بالقوة بعد حرب صيف 1994.
هذه الوثيقة لا تزال تحتفظ بقيمتها القانونية والسياسية كمرجعية تؤكد أن الجنوب لم ولن يتنازل عن حقه في استعادة دولته كاملة السيادة.
اتضح مبكرًا أيضًا أن الوحدة التي وُقّعت بين الدولتين في 22 مايو 1990 لم تكن مبنية على أسس عادلة، بل افتقرت إلى الضمانات والتكافؤ والرؤية المشتركة.
وفي أقل من ثلاث سنوات، بدأت ملامح الهيمنة الشمالية تظهر بوضوح، من خلال تهميش القيادات الجنوبية، وتفكيك مؤسسات الدولة الجنوبية، وإقصاء الكوادر، وانتهاك الحقوق السياسية والاقتصادية.
ومع اندلاع الحرب في 1994، بدا واضحًا أن ما سُمّي بـ "الوحدة" قد تحوّل إلى احتلال عسكري ممنهج للجنوب، يستهدف الهوية والإنسان والمكان.
ذكرى 21 مايو لا يتم التعامل معها كمجرد ذكرى عاطفية، بل هي مناسبة لتأكيد الثوابت، وتجديد العهد مع قضية شعب الجنوب، وترسيخ حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره، وفق القوانين الدولية التي تكفل للشعوب الخاضعة للاحتلال أو القسر، حق استعادة سيادتها واستقلالها.
وفي وقت سابق يحيي الجنوبيون، ذكرى غزو الاحتلال اليمني للجنوب العربي في خطوة مهّدت لبدء حرب وحشية شنتها القوى المعادية ضد الجنوب في 1994.
تلك الحرب الظالمة التي أشعلتها القوى المعادية مثّلت عنوانًا لإرهاب وحشي تضمنت نهب وتدمير كل مقومات دولة الجنوب في تلك الحرب الجهنمية.
الحرب المسعورة أشعلتها قوى الاحتلال في 27 أبريل 1994، وركزت بشكل كبير في عدوانها على محافظات الجنوب المختلفة، وتحديدًا العاصمة عدن ومحافظتي لحج وأبين.
وسيطرت قوى الاحتلال على العاصمة عدن في ذلك العام، وذلك بعدما أظهرت وحشية غير مسبوقة تخللها الكثير من الانتهاكات والاعتداءات التي تعرض لها الجنوب.
حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي لعب دور رأس الحربة في الحرب والعدوان على الجنوب العربي، واتبع ذلك أدائه أدوارًا وخطوات عدة لعلّ من بينها تأجيج الانقسام والصراعات لفتح الباب أمام مزيد من استهداف الجنوب.
وعمد تنظيم الإخوان الإرهابي خلال تلك الحرب الظالمة، للعمل على تجنيد المقاتلين الإرهابيين حيث جند عناصر يُقدَّر عددهم بالآلاف بمن فيهم عناصر من "الأفغان العرب"، للمشاركة في الحرب الوحشية على الجنوب.
لم يغفل تنظيم الإخوان الإرهابي توظيف الدين في هذا الاستهداف الخطير، ولذلك عمد للعمل على إصدار فتاوى تكفيرية ضد الجنوب، ضمن مسار شيطاني استهدف التحريض على الجنوب وشعبه وشرعنة العمليات الإرهابية ضد مواطنيه.
واستهدف تنظيم الإخوان الإرهابي، السطو على موارد الجنوب واستنزافها ما تسبب في حالة إفقار ممنهجة صنعها ضد الجنوبيين امتدت لفترات طويلة، ولا يزال يعاني المواطنون من تداعياتها حتى الآن.
وفي مسعى شيطاني لتقويض أي حراك ضد قوى الشر والإرهاب، نفذت قوى الاحتلال اليمنية الإرهابية الكثير من الاغتيالات السياسية، والتي استهدفت قيادات جنوبية بارزة، بهدف إضعاف الحراك الجنوبي على الأرض.
يذكر إنه واحد وثلاثين عام مضت على اجتياح الجنوب من قبل قوات الاحتلال اليمني، عشيت السابع والعشرين من ابريل 1994م أعلن علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب وترسيخ الوحدة اليمنية المشئومة بقوة السلاح معلنا نهايتها ووأدها في عامها الرابع، التي هي اصلا ولدت ميته، منذ اعلان توقيعها بانت النوايا الخبيثة لعلي صالح ومن معه من عناصر حزب الاصلاح من خلال اغتيالات كوادر الجنوب وتهميشهم واقصائهم، واستمر في التمادي حتى اعلان الحرب واجتياح الجنوب في السابع من يوليو في حرب ظالمة بلاهوادة أكلت الاخضر واليابس من ارض الجنوب.
بعد الحرب واجتياح الجنوب" أرضا وانسانا" تم اقصاء وتهميش الكوادر الجنوبية العسكرية والمدنية وابعادهم قسريا وتسريحهم من اعمالهم، ناهيك عن نهب الثروات والمقدرات من المصانع والارض والمزارع والقضاء على كل جميل وتحويل العاصمة عدن مدينة أشباح وكافة مدن الجنوب.
اليوم يحتفل أبناء شعب الجنوب بهذه الذكرى الاليمة بعد أن حولوها لذكرى أمل بعد نضال سلمي منذ العام 2007م بمظاهرات العسكريين وتأسيس الحراك الجنوبي السلمي ومن ثم تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، فتحولت تلك الالام إلى آمال في طريق استعادة الدولة الجنوبية التي باتت اليوم قريبة من اي وقت مضى بفضل جهود القيادة السياسية.
فبعد نضال مسميت وصمود أسطوري لشعب الجنوب والقوات المسلحة الجنوبية في كافة الجبهات والتصدي للمؤامرات خصوصًا بعد الحرب الثانية التي قادتها جماعة الحوثي وعناصر الارهاب والتطرف في العام 2015م لاستعادة سيناريو الحرب الأولى، الا ان الصمود الاسطوري والتضحيات الجسام لابناء شعب الجنوب وماتحقق من منجزات على الصعيد السياسي والعسكري والأمني ومكافحة الارهاب فتح الآفاق امام الجنوبيين لتحقيق اهدافهم في استعادة الدولة الجنوبية وتحويل ذلك الذكرى إلى ذكرى الانتصارات والانجازات.
عشيت الذكرى الحادية والثلاثين لاجتياح الجنوب أطلق ناشطين جنوبيين حملة اعلامية الكترونية اوضحوا فيها ما تعرض له أبناء الجنوب من تسريح مئات الآلاف من العسكريين والمدنيين، وتهميشهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية، وهم أصحاب الأرض والملاك الحقيقيين لهذه الأرض والثروة الجنوبية.
مؤكدين على ان حرب صيف 1994م، لم تكن حرب بين شريكين، بل كانت غزوًا ممنهجًا لإسقاط دولة الجنوب، ونهب مؤسساتها وثرواتها، وتشريد كوادرها.
مشيرين إلى أن الجنوب دخل في 22 مايو 1990، الوحدة طوعًا، لكن في 7 يوليو 1994م خرجت الوحدة من الجنوب بالقوة.
لافتين إلى حجم الاضرار والتهميش والاقصاء وتسريح الآلاف من العسكريين الجنوبيين قسرًا بعد تلك الحرب إلى جانب نهب مئات الشركات والمصانع الجنوبية، واغتيال عشرات القادة العسكريين والأمنيين والشخصيات الاجتماعية الجنوبية.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
