انطلاقة جديدة في الدبلوماسية السعودية.. ما القصة؟

الأمير محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان

 

على الرغم من أن الرياض قد اختارت مسارًا أكثر حذرًا في سياستها الخارجية، إلا أنها تظل بالتأكيد تظهر استباقيتها في العديد من الجوانب.

يركز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشدة على دفع المملكة العربية السعودية نحو مستقبل ما بعد النفط، والاستفادة من موارد البلاد لوضعها كلاعب جيوسياسي رئيسي يتمتع بقاعدة اقتصادية متنوعة. وبناءً على ذلك، فإن الدبلوماسية السعودية موجهة نحو إعادة تشكيل المنطقة بما يتوافق مع المصالح السعودية المتصورة، ولعب دور مستقل ومؤثر على المسرح العالمي، حسب ناشونال أنترست

استوعبت القيادة السعودية فكرة أن العالم أصبح الآن متعدد الأقطاب، وفي مواجهة الجغرافيا السياسية العالمية المتغيرة، تؤكد الرياض نفسها كقوة واثقة من نفسها، وفقًا لكارين يونغ، يعتقد ولي العهد أن لديه الحق في العمل مع كوكبة متغيرة من الشركاء لتحريك الأسواق وصياغة النتائج السياسية.

تحت توجيهات الأمير محمد بن سلمان، تسعى المملكة العربية السعودية جاهدة إلى تعزيز مكانة الرياض باعتبارها القوة الرائدة في العالم العربي ولاعبًا بارزًا في الدبلوماسية الدولية.

فبناء على ذلك، كثفت المملكة العربية السعودية مشاركتها الدبلوماسية، وركزت جهودها على تجديد صورة البلاد وسمعتها.

ويتم الحفاظ على التحالف الأمني للمملكة مع الولايات المتحدة بينما يتم تعزيز العلاقات الجديدة مع موسكو وبكين.

علاوة على ذلك، تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز حضورها في المنتديات المتعددة الأطراف وإعادة صياغة نفسها كصانعة للسلام.

إعادة التوجيه الاقتصادي للمملكة العربية السعودية نحو آسيا وتعميق ارتباطاتها مع الصين قد قطعت شوطًا طويلًا بالفعل.

ومع ذلك، وعلى الرغم من العلاقات المتنامية مع الصين، فإن القيادة السعودية تدرك أنه من غير المرجح أن تحل بكين محل واشنطن باعتبارها المزود الرئيسي للأمن الإقليمي في المستقبل المنظور.

ومع ذلك، فقد أشارت الرياض للولايات المتحدة إلى إحجامها عن الضغط عليها من أجل أي تحالف جيوسياسي محدد.

والجدير بالذكر أنها رفضت اتباع المساعي الأمريكية والأوروبية لعزل روسيا في أعقاب غزو أوكرانيا وتواصل العمل مع روسيا بشأن السياسة النفطية داخل تحالف أوبك +.

في جهودها لتعزيز مصالح البلاد، عملت الرياض على توسيع مشاركتها في المنتديات المتعددة الأطراف، على الصعيدين الدولي والإقليمي.

إن القوة المالية للمملكة تمكنها من لعب دور مهم ضمن إطار مجموعة العشرين (G20)، أكبر كتلة اقتصادية في العالم. لقد أثبتت مجموعة العشرين أنها آلية قيمة لتعزيز الأهداف السعودية.

شنت الرياض حملة دبلوماسية ناعمة قوية تستهدف دول الجنوب العالمي، وخاصة عبر إفريقيا.

كما شكلت جزءًا من حملة ناجحة وناجحة لتأمين موافقة الدول الأفريقية على ترشيح المملكة لاستضافة معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034.

وسّعت الدبلوماسية السعودية الاستباقية المتعددة الأطراف آفاقها شرقًا أيضًا، وفي مارس 2023، وافق مجلس الوزراء السعودي على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بقيادة بكين كشريك حوار. وفي الوقت نفسه، فإن قرار المملكة العربية السعودية بشأن قبول الدعوة لتصبح عضوًا كاملًا في البريكس وهي مجموعة تتألف من الصين وروسيا وحفنة من الدول النامية الكبرى، لا يزال معلقًا.

إذا اختارت الانضمام إلى مجموعة البريكس، فسوف تقدم المملكة دليلًا إضافيًا على سعيها إلى اتباع مسار عدم الانحياز بشكل تدريجي وستكون في وضع أفضل للعمل بناءً على اهتمامها المعلن بأن تصبح بطلًا للجنوب العالمي.

التوسط في النزاعات ليس دورًا جديدًا للمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من تحقيق نتائج مختلطة، فقد شاركت المملكة العربية السعودية بنشاط في التوسط في بعض الصراعات الأكثر استعصاء على الحل في الشرق الأوسط، وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي والحرب الأهلية في لبنان. ومع ذلك، فإن أنشطة الوساطة الأخيرة التي قامت بها المملكة تعكس الرغبة في ترسيخ نفسها كقوة لها تأثير خارج جوارها المباشر.