صاحب قيس وليلى.. معلومات لم تعرفها من قبل عن محمد الشارخ

محمد الشارخ
محمد الشارخ

محمد الشارخ.. ودع العالم امس رائد الأعمال الكويتي محمد الشارخ، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 82 عامًا. 

 

وترك الشارخ بصمة بارزة في عالم البرمجة والتكنولوجيا في المنطقة العربية، حيث أسس الشركة العالمية للإلكترونيات في الكويت والسعودية، وترك إرثًا لا يُنسى في مجال ريادة الأعمال وتطوير الصناعات الإلكترونية.

ووجه الشارخ جهوده إلى إنشاء شركة «صخر» لتعريب الكومبيوتر منذ عام 1980، وصاحبته حزمة من برامج الترجمة، أهمها برنامج القرآن الكريم وكتب الحديث، وترجمتها للغة الإنجليزية وبذلك ينسب له الفضل في إدخال اللغة العربية إلى الكومبيوتر أول مرة في التاريخ.

 

وتحدث الشارخ عن سنوات نشأته وطفولته: "درست الابتدائي في مدرسة النجاة بالزبير، أما الثانوية ففي مدرسة الشويخ، لكنه كان قارئا في ذلك الوقت، وأنه كان محظوظا بحبه للقراءة، وأن والده توفى وهو في سن صغير، فقد كان شاعرا، وكان المتنبي في كل مكان في بيتهم، ولديه عم شديد الحرص على اللغة العربية، وهذه البيئة الحاضنة للاهتمام بالأدب العربي، كانت منشأي"، وفقا لتقرير نشرته" الجريدة" الكويتية.

 

وُلد محمد عبد الرحمن الشارخ في عام 1942، وهو حاصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1965، كما حصل على درجة الماجستير في التنمية الاقتصادية من كلية ويليامز بولاية ماساتشوستس الأمريكية.

 

ويعد الشارخ صاحب أحد أبرز العلامات المميزة في جيل الثمانينيات؛ إذ بدأ الاستثمار في شركة صخر بإنتاج ألعاب الأطفال المعروفة باسم «أتاري»، ثم اتجه نحو إصدار برامج الأطفال على الكومبيوتر تحت اسم "صخر MSX"، وهي برامج لاقت صدى طيبًا وقويًا في العالم العربي بأسره، الأمر الذي دفعه إلى تطويرها تحت اسم "صخر PC".

 

في كلمة له بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي نظمته اليونسكو العام الماضي، يتطرق محمد الشارخ إلى الشرارة الأولى في مشروع صخر، فيقول: «في أوائل سبعينيات القرن الماضي كنت أعمل عضوًا في مجلس إدارة البنك الدولي للإنشاء والتعمير في واشنطن، فدخل مكتبي لأول مرة الحاسب الشخصي وإذ اندهشت من إمكانياته في حفظ المعلومات واسترجاعها رأيت أن لا بد من العمل على تعريب تقنياته لتتواءم مع خصائص اللغة العربية في الصرف والتشكيل».

 

نال الشارخ جائزة الدولة من المجلس الوطني للثقافة بالكويت، والجائزة التقديرية الكبرى ضمن جوائز التقنية العربية، بجانب جائزة الرواد من مؤسسة الفكر العربي. وجائزة صاحب الرؤية الإلكترونية تقديرًا لإنجازاته في مجال صناعة البرامج العربية.

 

كما حصلت شركة صخر التي أسسها على 3 براءات اختراع من مكتب البراءات الأميركي في حقل اللغة العربية للنطق الآلي والترجمة الآلية والمسح الضوئي.

 

وعمل على تطوير العديد من البرامج التعليمية والتثقيفية وتعلم البرمجة للناشئة، والتي تجاوز عددها الـ90 برنامجا ونشر كتب تعليم الكمبيوتر وتدريب المدرسين وتأسيس معاهد تعليم برمجة الحاسب.

 

وعمل الشارخ نائبا للمدير العام للصندوق الكويتي للتنمية، وعضوا في مجلس إدارة البنك الدولي للإعمار والتنمية في واشنطن، وأسس ورأس مجلس إدارة بنك الكويت الصناعي، وعمل نائبًا لرئيس جمعية الاقتصاديين العرب، كما أسس الشركة العالمية للإلكترونيات في الكويت والمملكة العربية السعودية.

 

للشارخ نشاط أدبي، ففي عام 1968 نشر قصته الأولى بعنوان «قيس وليلى»، وله ثلاث مجموعات قصصية منشورة.

أسَّس الشارخ مشروع «كتاب في جريدة» عام 1997 بالتعاون مع «اليونيسكو»، وهو أحد المساهمين في تمويل «مركز دراسات الوحدة العربية»، و«المنظمة العربية للترجمة»، كما أنه أحد المساهمين في تأسيس «معهد العالم العربي» في باريس.

 

وفي عام 2016، بدأ الشارخ في مشروعه الكبير «أرشيف الشارخ» للمجلات الأدبية والثَّقافية العربية وتحميلها على شبكة الإنترنت، وهو جهد استثنائي وكبير للحفاظ على جانب مهم من التراث الثقافي العربي وجعله متاحًا لملايين الباحثين والمثقفين العرب.

 

يحوي الأرشيف نسخا من أمهات المجلات العربية القديمة والحديثة، إذ يبلغ عدد المجلات 272، عدد الأعداد فيها 15824، وعدد المقالات 325 ألفا و625 مقالة، وعدد الصفحات أكثر من مليوني صفحة، وعدد الكتاب 52 ألفًا و76 كاتبا عربيا وأجنبيا.

 

وتحدث الكاتب والشاعر إبراهيم داوود عن علاقته وذكريات التي جمعته بالشارخ من خلال مقال نشرته مجلة "الفيصل" السعودية، حيث يقول: "أعرف محمد الشارخ منذ نهاية الثمانينيات، كنت جالسًا في يوم ما على مقهى زهرة البستان بوسط القاهرة، ثم أتى رجل يسأل عن الكاتب الراحل إبراهيم منصور، ولم يكن الأخير موجودًا، فقال له جرسونات المقهى إن الأستاذ إبراهيم صديقه، ويمكنك أن تسأله عنه، رحبت بالرجل وأجلسته وعلمت منه أن اسمه محمد الشارخ، كاتب قصة ورواية ومحب للشعر وصديق لإبراهيم منصور، وكان المقهى قد وضع تليفونًا أرضيًّا به، فنهضت واتصلت بإبراهيم منصور الذي أكد أنه قادم، فعدت وجلست مع الرجل في انتظار صديقه، لكن إبراهيم منصور لم يأت كالعادة، فطلب مني الرجل تغيير المكان".

 

ويتابع داوود: "كانت هذه بداية معرفتي بالشارخ التي استمرت سنوات طويلة. يومذاك علمت منه أنه مقيم في سويت بفندق النيل هيلتون، وعلمت فيما بعد أنه أحد كتاب غاليري 68، وأنه صديق يوسف إدريس، وجورج البهجوري، ومحمد البساطي، وأحمد بهاء الدين، وكان الرجل دائم المجيء إلى القاهرة والسهر بصحبتهم، ولما رحل غالبيتهم لم يعد يأت إليها، فقد كان يرتاح إليهم، ويرتاد أماكنهم، ويجلس بينهم ومعهم".

 

ويصفه داوود: "الشارخ مثقف كبير بالفعل، فهو خبير في الموسيقى والأوبرا ومدارس التلحين، عاش طوال الوقت ما بين باريس ولندن، وصنع إمبراطورية كبيرة تسمى صخر، وهو أهم مشروع لتعريب علوم الحاسب الآلي، عمل فيه معه كبار المثقفين والفنيين والعلماء، من بينهم الدكتور نبيل علي، وعلي مصيلحي وغيرهما، لكنه كان يهرب من هؤلاء ويأتي إلينا ليتحدث عن الفن والأدب، لكن قدره أن رأى من الحياة ما رآه الملك لير".

 

ويشير إلى تأثره به، بقوله: "تعلمت منه كيفية النظر بشكل مختلف إلى الأشياء، كان يترك أعماله وأشغاله من أجل أن يحضر أوبرا في فيينا، أو أن يقرأ رواية جميلة صدرت مؤخرًا، وهو على كل الأحوال مصري الهوى، محب للمصريين وثقافاتهم وأفكارهم وطرقهم للحياة، أتاح للكثيرين منهم العمل معه في مشروعاته للرقمنة، كان من بينهم الراحل الكبير سليمان فياض العالم بالنحو".

 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1